الأمين العام لمؤتمرات منظمة نساء البام: لم يعد التاريخ والمنطق ولا حتى الدين يقبل التطبيع مع مظاهر الإقصاء والتهميش الذي تعيشه المرأة
أكد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد عبد اللطيف وهبي، أن قيادة الحزب تتحمل المسؤولية الكاملة مع شركائها الحكوميين في اتخاذ وتنفيذ التدابير والقرارات الممكنة لتغيير وضعية المرأة وعدم الاختباء وراء أية مبررات.
واعتبر الأمين العام في كلمة ألقاها نيابة عنه نائبه الأول السيد سمير كودار، خلال افتتاح فعاليات المؤتمر الوطني لمنظمة نساء الأصالة والمعاصرة تحت شعار: ” التمكين الشامل للمرأة أساس التنمية والمساواة”، يومه الجمعة 19 ماي 2023 بوزنيقة، (اعتبر) أنه لم يعد التاريخ والمنطق، ولا حتى الدين والعقل، يقبل المزيد من التطبيع مع مظاهر الإقصاء والتهميش الذي تعيشه المرأة في مختلف المجالات، لاسيما على المستوى الصحي والتعليم والتشغيل والأسرة، أو مع ظواهر زواج القاصر والهدر المدرسي والعنف بكل أشكاله النفسي والمادي والرقمي، وتفشي الأمية والفقر والهشاشة، أو مع الحضور الباهت لها في المجال السياسي والاقتصادي، وغيرها من أشكال التمييز والإقصاء.
وقال الأمين العام في كلمته التي وجهها لمؤتمرات ومؤتمري منظمة نساء البام، “كم تمنيت الحضور معكم في هذا اللقاء النضالي المتميز والنوعي، بعدما أعددنا جماعيا كل شروط إنجاحه؛ إلا أن مشيئة الله تعالى كانت أقوى، حيث ألمت بي -كما في علمكم جميعا- وعكة صحية طارئة، غيبتني ذاتيا عن الحضور معكم، وتيقنوا أن قلبي وفكري وكل جوارحي معكم، وسأظل أتابع لقائكم الجميل هذا، حتى ينجح ويحقق كامل التطلعات والآمال المعقودة عليه”.
واعتبر الأمين العام أن محطة المؤتمر هاته مجرد لحظة لوضع قاطرة منظمة نساء الأصالة والمعاصرة على سكة النضال الطويل والشاق، لتحقيق الكرامة المنشودة للمرأة المغربية، والوفاء بحقوقها المشروعة، وإعطائها مكانتها الرفيعة التي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره يشدد عليها.
وعن سياق عقد المؤتمر الوطني، أوضح الأمين العام أن انعقاد المؤتمر هذا يأتي في ظرفية دقيقة من تاريخ بلادنا، حيث تواجه هذه الأخيرة تحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية كبرى، نتيجة إكراهات جيوستراتيجية خارجية، وأخرى وبائية ومناخية غير مسبوقة، بسبب سنتين من الجفاف، أنتج اختلالات في سلاسل الإنتاج، وارتفاع في أثمنة المواد الأساسية، إضافة إلى إكراهات ارتفاع أسعار المواد الطاقية، وعودة حدة التضخم إلى الواجهة، وتراجع كبير إن لم نقل انهيارا واسعا وسط أنشطة بعض القطاعات الاقتصادية؛ كل ذلك انعكس بشكل سلبي على الأوضاع الاجتماعية ببلادنا.
وأكد الأمين العام في كلمته أن البام واعٍ بأن الكثير من مواطنينا يعانون جراء هذه الأوضاع المستجدة، كما له اليقين التام أن المرأة المغربية ستكون هي الضحية الأكبر في ظروف الأزمة هاته، وهي التي ستعاني أكثر، لأن النساء المغربيات دائما يدفعن الفاتورة أكثر خلال الأزمات الاجتماعية، كما حصل مثلا خلال أزمة جائحة “كورونا” الأخيرة.
وفي هذا الصدد، ذكر الأمين العام بالدراسات التي بينت أن النساء أكثر فئة خسرت وظائفها، كما أكدت إحصائيات للمندوبية السامية للتخطيط بأن المرأة المغربية فقدت حوالي 200 ألف منصب شغل في الفصل الأول فقط من سنة 2020، وزادت هشاشة وضعيتها في سوق الشغل بصورة كبيرة خلال نفس السنة؛ والمفارقة الغريبة هي أن الرجال الذين كانوا أقل خسارة لفرص الشغل بالمقارنة مع المرأة، كانوا أكثر استفادة من صندوق الدعم الاجتماعي الذي خصصته الحكومة خلال فثرة كورونا مقارنة مع المرأة التي زادت أعباءها وتكاليفها خلال الجائحة، بل الجزاء الأوفى الذي كان من نصيبها هو الارتفاع المهول في نسبة العنف المنزلي.
كما أشار الأمين العام أن كل مكونات حزب الأصالة والمعاصرة واعية جدا، أنه بالرغم مما حققته المرأة المغربية من تقدم وازدهار، إلا أنها لاتزال تعاني مشاكل واختلالات متراكمة لعقود، تتمظهر في استمرار صور مؤلمة من الإقصاء والتهميش، وعدم التوازن بين أدوارها الاقتصادية والاجتماعية الهامة، وبين مكانتها داخل نسيج التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي.
وقال الأمين العام “لن نقف مرة أخرى عند الأرقام الرسمية المخجلة التي تعكس هذا الواقع المر، فقط نجزم بأن الوضع سيتفاقم مع الأزمة الاجتماعية الجديدة، الأمر الذي يتطلب منا جميعا، وزراء وبرلمانيين، منتخبين ومسؤولين في الغرف المهنية، مناضلات ومناضلين، التعبئة والتواصل المكثف، والإسهام الفعال والناجع بكل الوسائل والإمكانيات الممكنة، للتخفيف من حدة الأزمة على الواقع المعاش للمرأة المغربية، والنهوض بأوضاعها عامة”.
وفي ذات السياق، أكد الأمين العام أن المؤتمر يأتي في ظرف دقيق من تاريخ حزبنا، الذي انتقل بعد سنوات من المعارضة إلى مسؤولية تدبير الشأن العام داخل الحكومة، “في موقع جديد يفرض علينا تغييرا جذريا في أسلوب تعاطينا مع قضايا المرأة، والانتقال من التشخيص والتنبيه لمكامن الخلل، إلى الانخراط الجاد في تغيير وضعية المرأة، وتغيير القوانين وتنزيل السياسات العمومية الناجعة والقادرة على حلحلة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية للنساء”.
بوزنيقة: خديجة الرحالي/ تصوير: ياسين الزهراوي