المكتب السياسي يعبر عن اعتزازه بما تحقق في المجال الاجتماعي تحت القيادة والتوجيهات الملكية، ويدعو الحكومة إلى الانكباب على معالجة اختلالات جانبية ترافق تنزيل هذا الورش الاستراتيجي
عقد المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة اجتماعه العادي، برئاسة القيادة الجماعية للأمانة العامة للحزب، وذلك يوم الخميس 10 أكتوبر 2024 بسلا، خصص للتداول في مستجدات الدخول السياسي والبرلماني، وفي القضايا التنظيمية الداخلية للحزب.
وبعد العرض السياسي المفصل الذي قدمه الأخ محمد المهدي بنسعيد عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة للحزب والذي تضمن توجهات سياسية واجتماعية وتشريعية كبرى، وما تلاه من نقاش عميق ومسؤول؛ فإن المكتب السياسي للحزب يؤكد ما يلي:
– يقدر النجاحات المتتالية التي تحققها بلادنا على الصعيد الدبلوماسي بفضل التوجيهات الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، والتي أثمرت اعترافات متتالية في الساحة الدولية بعدالة قضية وحدة بلادنا الترابية، وحصدت تفهما ملموسا وواضحا عند حلفائنا الجدد و التقليديين، وسار العالم بجميع قواه في هذا الاتجاه المعزز بالثقة والشراكات المتنوعة مع المغرب؛ وعلى عكس هذا التيار الدولي الجارف الذي يسير عليه العالم اعترافا وتكريما وافتخارا بالمغرب، تفاجأ المكتب السياسي بقرار من محكمة العدل الأوربية أقل ما يوصف به هو الموقف الشارد والنشاز، القرار المغرد خارج الواقع والعقل والمنطق، وغير المنسجم مع الذات الأوربية، والمنفصل عن القرارات الأممية، والمضاد حتى للقرار السياسي الأوربي الذي أذان هذا الحكم من خلال بيانات خارجيات أزيد من 16 دولة أوربية وعدد من المسؤولين والفاعلين السياسيين الأوربيين الذين عبروا صراحة عن صدمتهم من القرار وعن تمسكهم بالشراكات الاستراتيجية مع المغرب، مما يجعل هذا القرار التائه خارج السياق الدبلوماسي والقوانين الدولية، ومتجاوز تاريخيا وعمليا وواقعيا ولا يعني بلدنا بل حتى عدد كبير من الأوربيين في شيء.
– يثمن المكتب السياسي عاليا الحس الاجتماعي والإنساني الراقي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، والمجسد في توجيهاته الجديدة للحكومة بتأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات، وبتمديد مدة تقديم المساعدات المادية الشهرية للأسر المتضررة من الزلزال، وفي هذا الصدد يدعو المكتب السياسي الحكومة لمضاعفة جهودها البشرية واللوجيستيكية وهي تنكب على هذين الملفين الاجتماعيين المستعجلين، حتى تحقق هذه التوجيهات السامية مغزاها النبيل في التخفيف العاجل من الأوضاع الصعبة التي تعيشها الأسر بالمناطق المتضررة.
– دائما على المستوى الاجتماعي، يعتز المكتب السياسي بما حققته بلادنا في هذا المجال تحت القيادة والتوجيهات الملكية السامية، ويدعو الحكومة إلى الانكباب بسرعة على معالجة بعض الاختلالات الجانبية التي ترافق تنزيل هذا الورش الاستراتيجي الهام، حتى يحقق مبتغاه في توسيع قاعدة المشمولين بالحماية الاجتماعية وبالتغطية الصحية، ويضمن استدامة وليونة تمويل هذه البرامج، والعمل على دعمها بالإصلاحات الموازية الضرورية كإصلاح وتطوير المنظومة الصحية ببلادنا، والنهوض بالاقتصادات الاجتماعية المهنية والحرفية.
– يزكي المكتب السياسي مضمون الحوار المسؤول والصريح الذي جرى بين قادة الأغلبية، ويجدد التعبير عن الانخراط التام للحزب في دعم الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة، والاشتغال بانسجام وتضامن مع فرقاء الأغلبية لخدمة مصالح المواطنات والمواطنين والتواجد بالقرب من انشغالاتهم، من خلال الجهر بالرأي المسؤول، وبالعمل الصادق على تسريع الأوراش الإصلاحية التي ستنعكس على الواقع المعاش للمواطنات والمواطنين، وليس بالركوب على قضاياهم لتحقيق شعبية زائفة أو بالخطابات المدغدغة للعواطف التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
– ينوه المكتب السياسي بالجهود الإصلاحية للحكومة في الكثير من المجالات، ويدعو جميع مكونات الأغلبية إلى الانخراط البناء والسريع في تنزيل الأولويات المتوافق عليها، كمجابهة ندرة مياه الشرب وكذلك مياه السقي لإعادة الحياة والنشاط الاقتصادي للفلاحة وللعالم القروي بصورة عامة، والعمل بالموازاة مع ذلك على دعم الفئات الهشة وتحصين استقرار الطبقة المتوسطة، وتوطيد دينامية جلب الاستثمار لخلق فرص الشغل للشباب، والانكباب بجدية أكبر على تبسيط المساطر المعقدة في هذا المجال، مع الضرب بيد من حديد كل العقليات المتحجرة التي لاتزال تعرقل وتفرمل فرص الاستثمار لاسيما المتوسطة والصغيرة.
– يجدد المكتب السياسي تقديره للالتزام المسؤول والعمل الدؤوب الذي يقوم به برلمانيي الحزب بالغرفتين، داعيهم إلى المزيد من المساهمة البناءة في التحديات التشريعية الراهنة كقوانين استكمال إصلاح منظومة العدالة، والقوانين الاستراتيجية في المجال الاجتماعي كقانوني الحق في الإضراب وإصلاح صناديق التقاعد، والدفاع عن الأوراش الإصلاحية الواردة في مشروع قانون المالية وغيرها من الأوراش التشريعية المستعجلة.
– يدعو المكتب السياسي كافة القطاعات الحكومية إلى الإسراع في المصادقة على مشاريع القوانين الجاهزة، وإحالتها على البرلمان خلال السنة التشريعية الحالية، كي يمكن للبرلمان القيام بدوره الدستوري الكامل في ظروف مواتية، ويفعل مساطره واختصاصاته التامة في تجويد هذه النصوص التي تحتاج أثناء البث فيها والمصادقة عليها إلى الزمن والآجال المعقولة والظروف المواتية البعيدة عن ضغوط الانتخابات.
– ينوه المكتب السياسي بالأجواء الديمقراطية الهادئة التي مرت فيها دورات مجالس الجهات والجماعات الترابية الكبرى في هذه المرحلة الدقيقة حيث محطة نصف ولاية الانتداب، مما يعكس تماسك الأغلبية وانسجامها غير المسبوق داخل مختلف المؤسسات الدستورية “حكومة، برلمان، مجالس الجهات والجماعات الترابية”، ويعبر عن نضج ونجاح التجربة السياسية الحالية للأغلبية الحكومية، ويسهم لامحالة في الاستقرار المؤسساتي الذي يهيئ كل الشروط الإيجابية لمواصلة الإصلاح والرفع من وثيرته فيما تبقى من عمر الولاية الحالية.
– وفي القضايا الداخلية للحزب توقف المكتب السياسي عند النجاح الذي عرفته فعاليات الدورة الأولى من الجامعة الصيفية للحزب على جميع المستويات، بدءا بغنى وتنوع محاور الدورة والقضايا الراهنة، إلى الحضور التنظيمي النوعي لشباب الحزب، والنقاش الصريح الذي عرفته هذه الدورة، والانخراط الجاد لكل مكونات الحزب في فعاليات هذه الدورة من قادة الحزب ووزرائه وبرلمانييه وخبراءه ونسائه وشبابه، مما أنتج عن دورة فكرية صريحة أثمرت توصيات غنية تعكس بحق الحجم والقيمة الرائدة لحزب الأصالة والمعاصرة في المشهد السياسي الوطني.
– وفي القضايا التنظيمية أخذ المكتب السياسي علما بآخر الترتيبات المتعلقة بعقد الدورة التاسعة والعشرين للمجلس الوطني يوم 19 أكتوبر الجاري بما تحمله من تحديات سياسية واجتماعية كبيرة وأخرى تنظيمية جد دقيقة، وكذلك عند الرهانات المنتظرة من الحوار المفتوح الذي ستعقده القيادة الجماعية والمكتب السياسي مع برلمانيي الحزب تمهيدا للدخول البرلماني والسياسي الجديد.
– وفي القضايا الدولية، يجدد المكتب السياسي شجبه وتنديده العميقين للغطرسة والعربدة الوحشية التي تواصل القوات الإسرائيلية ممارستها في حق الشعب الفلسطيني بغزة وتوسيعها في حق اللبنانيين، في جرائم حرب خارجة عن كل القوانين والأعراف، تمارس على مرأى ومسمع من العالم بمحكمته الدولية وبقواه العظمى وكل مؤسساته وآلياته الأممية، ومن تم يجدد المكتب السياسي دعوته إلى الدول الكبرى وإلى جميع المنظمات الدولية وفعاليات وأحرار العالم من أجل الضغط بكل الوسائل الممكنة لوقف الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج على الشعبين الفلسطيني واللبناني.
حرر بالرباط في 10 أكتوبر 2024