عزيز اللبار: مشروع قانون مالية 2025 وثيقةً طموحةً تهدف إلى التصدي للتحديات التي تواجه بلادنا بمختلف المجالات

0 194

أكد النائب البرلماني عزيز اللبار، أن فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب ينظر إلى مشروع قانون مالية سنة 2025، بوصفه وثيقةً طموحةً تهدف إلى التصدي للتحديات التي تواجه بلادنا في مختلف المجالات والأصعدة، بما يتضمنه من التزامات صريحة وواضحة، شرعت الحكومة في تنفيذها من خلال سياسات وإجراءات وقرارات ملموسة أحدثت أثرا فارقا على أرض الواقع، علما أن تنزيلها تم في سياقات اجتماعية وسياسية واقتصادية مطبوعة بتوالي سنوات الجفاف، وتداعيات أزمة كوفيد 19، وإكراهات الحرب الروسية الأوكرانية، وزلزال الحوز والأطلس المدمر، والفيضانات التي عرفتها مجموعة من أقاليم المملكة، وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، وتأثر سلاسل الإنتاج والتوريد العالمية، مما نتج عنه ارتفاع كبير في أسعار الطاقة وأثمان المواد الاستهلاكية والأساسية.

وأشار النائب البرلماني في مداخلة قدمها باسم فريق الأصالة والمعاصرة خلال مناقشة مشروع قانون المالية 2025، بالجلسة العامة المنعقدة اليوم الخميس 14 نونبر 2024، إلى أنه رغم ذلك الحكومة لم تبق مكتوفة الأيدي أمام هذه التحديات والصعوبات المستوردة منها والوطنية، حيث عملت بجد ومسؤولية على تجاوزها دون المساس ببرامجها وسياساتها العمومية التي التزمت بها أمام المواطنات والمواطنين، ولعل ما تضمنته الحصيلة المرحلية لهذه الحكومة من إنجازات اقتصادية واجتماعية خير دليل على حس الإبداع والابتكار وكذا الانسجام الذي يتمتع به الفريق الحكومي، والمتمثل في خلق التوازن بين مقاومة الإكراهات والتحديات ومواصلة الإصلاحات الهيكلية.

ويرى السيد اللبار أن الحكومة تؤكد من خلال مشروع قانون المالية 2025 عزمها على مواصلة تنزيل، ما تبقى، من برنامجها الحكومي، من خلال الإصلاحات الاجتماعية المرتكزة على إرساء دعائم الدولة الاجتماعية، واستكمال ورش تعميم الحماية الاجتماعية، والنهوض بالمنظومة الصحية، والدعم الاجتماعي المباشر، وإصلاح التعليم، وحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين، والدعم المباشر لاقتناء السكن، وكذلك من خلال الإصلاحات الاقتصادية المهيكلة، والمتمثلة أساسا في الزيادة في ميزانية الاستثمار، وخلق فرص الشغل، وتحسين مناخ الأعمال، وتعزيز التوازنات الماكرو- اقتصادية.

وقال اللبار إن الحكومة أولت أهمية خاصة لإرساء ركائز الدولة الاجتماعية، حيث يتضمن مشروع قانون المالية 2025، حزمةً واضحةً من الإجراءات المندرجة في سياق تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، حيث تكشف الأرقام المتعلقة بالتأمين الإجباري الأساسي على المرض، أن عدد المستفيدين من نظام أمو- تضامن قد بلغ 11,3 مليون مستفيدٍ، حتى متم شهر غشت 2024.

وأفاد النائب البرلماني أن “عدد المستفيدين من نظام أمو- الشامل، والتأمين الخاص (العمال غير الأجراء)، بلغ 11 مليون شخص، كما بلغت الاشتراكات التي تتحملها الدولة برسم أمو- تضامن، حتى متم شهر شتنبر 2024، ما مجموعه 15,51 مليار درهم، وهي أرقام ناطقة ومعبرة عن نفسها، بما يعكس الجدية الكبيرة التي تعاطت بها الحكومة مع هذا الموضوع الحيوي”.

أما في موضوع الدعم الاجتماعي المباشر، قال النائب اللبار، ” يبقى الطموح هو تغطية حوالي 4 ملايين أسرة، من خلال تعبئة 25 مليار درهم سنة 2024، و26,5 مليار درهم سنة 2025، في أفق تعبئة 29 مليار درهم ابتداء من سنة 2026، فإننا في الفريق لنثمن عاليا المنهجية التي نهجتها الحكومة، والمتمثلة في القطع مع التدبير السابق لبرامج الدعم الاجتماعي، التي أظهرت عدم قدرتها على استهداف الفئات المستحقة للدعم بالدقة والفعالية اللازمتين، وذلك بسبب التداخل، وضعف التنسيق والتناسق فيما بينهما”.

واعتبر اللبار أن منهجية هذه الحكومة في تدبير الدعم الاجتماعي حافظت على الحقوق المكتسبة للمستفيدين الذين يستحقون الدعم، وذلك من خلال التطبيق السليم لما نصت عليه مقتضيات المادة 8 من القانون- الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، التي دعت إلى: “إصلاح برامج الدعم الموجه للأسر للحماية من المخاطر المرتبطة بالطفولة، المعمول بها، قصد تجميعها وتعميمها مع وضع معايير دقيقة للاستفادة منها”.

وسجل اللبار بارتياح واعتزاز عزم الحكومة تفعيل التعويض عن فقدان الشغل سنة 2025، في مراعاة للجدولة الزمنية المحددة في مقتضيات المادة 17 من القانون- الإطار رقم 09.21 السالف الذكر، وبذلك تكون الحكومة قد نجحت في تنزيل أحكام القانون- الإطار المشار إليه سابقا، داخل أجل خمس سنوات من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.

وأكد النائب البرلماني أن التشغيل إحدى الأولويات في البرنامج الحكومي، لذلك رُصِدَ له غلاف مالي مقدر في 14 مليار درهم، وذلك عبر 3 محاور متمثلة في تحفيز الاستثمار، والحفاظ على فرص الشغل بالعالم القروي، وتجويد برامج النهوض بالتشغيل “تأهيل” و”إدماج”، مشيرا إلى أنه واعتبارا لكون التشغيل يهم جميع القطاعات الحكومية، فإنه بات من الضروري تشخيص المسببات وطرح الحلول الناجعة للنهوض بالتشغيل، وجعل الاستثمار الخاص منه والعام أداة فعالة لخلق فرص الشغل، والحد من الآثار السلبية للبطالة.

وأبرز اللبار أن مشروع قانون المالية 2025 جاء محملا برسائل قوية وواضحة، وبتدابير ملموسة على مستوى ترسيخ السلم الاجتماعي وتنفيذ مخرجات الحوار الاجتماعي، وتنزيل الإصلاح المتعلق بالضريبة على الدخل، من خلال مراجعة الجدول التصاعدي لأسعار الضريبة، الذي لم يشمله أي تغيير منذ أكثر من 14 سنة، بما سيمكن من إعفاء الأجور التي تقل عن 6000 درهم، ومراجعة باقي أشطر الجدول بما يمكّن من تخفيض الضريبة المطبقة عليها. وهذا إجراء سيشمل 2,5 مليون من الأجراء والموظفين والمتقاعدين، زيادة على الأربعة ملايين من غير المعنيين بهذه الضريبة، بغلاف يناهز 5.5 مليار درهم، وهو مجهود مالي استثنائي يندرج في إطار حماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.

واعتبر النائب البرلماني أن مكتسبات الطبقة العاملة التي تحققت في إطار الحوار الاجتماعي خلال الفترة الماضية من ولاية هذه الحكومة لا يمكن تجاهلها أو تبخيسها، ولا يمكن تجاهل التجاوب الحكومي الكبير في إطار مسؤولياتها في هذا المجال، من خلال قرارات غير مسبوقة، لفائدة ملايين الأسر من الطبقة المتوسطة، وذلك بتخصيص غلاف مالي قدره 45 مليار درهم لتنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي.

وفي هذا الإطار، ثمن اللبار عاليا حرص الحكومة على فتح مشاورات عميقة ومكثفة وجدية مع الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين، بغاية التوصل إلى توافق حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، “حيث ندعو الجميع إلى الانخراط المسؤول للمصادقة على هذا الورش التشريعي الهام في أقرب الآجال، الذي من شأنه إضفاء دينامية اقتصادية كبيرة، سواء من حيث تطوير تنافسية القطاعات الإنتاجية أو من حيث توفير المزيد من فرص الشغل لفائدة المواطنات والمواطنين، في انتظار مبادرة الحكومة لمراجعة القانون المتعلق بالشغل والنقابات”.

كما أكد اللبار أن ضمان ولوج المواطنات والمواطنين للسكن اللائق، يكتسي أهمية قصوى لدى الحكومة من خلال برنامج دعم الولوج إلى السكن، حيث بلغ عدد المستفيدين، حتى متم شتنبر 2024، ما مجموعه 25 ألف شخصا، من خلال منح إعانات بلغت 1.971.520 درهم.

أما بخصوص مواصلة تنزيل برنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات التي عرفها الجنوب الشرقي للمملكة، أفاد اللبار أن الحكومة رصدت 2,5 مليار درهم للتعجيل بتنزيل المشاريع لإعادة بناء المساكن المتضررة جزئيا أو كليا، وكذا إعادة تأهيل البنيات التحتية، مشيرا للأهمية الكبرى التي توليها الحكومة لورش إصلاح المنظومة الصحية، والآمال التي يعقدها المواطنات والمواطنون على هذا الورش المهيكل.

وارتباطا دائما بهذه المجالات الحيوية، استحضر اللبار باعتزاز قيمة الميزانية المرصودة لإصلاح منظومة التربية والتعليم، حيث بلغت 103 مليار درهم، أي بزيادة 12 مليار درهم، الأمر الذي من شأنه مواصلة تنزيل خارطة الطريق لتعميم التعليم الأولي في أفق 2028، وتعزيز العرض المدرسي للمنظومة التربوية، ومواصلة الإصلاح العميق للجامعة المغربية، والنهوض بمستوى مواردها البشرية، ومواصلة تنزيل خارطة الطريق لتطوير التكوين المهني.

أما فيما يخص وزارة الشباب والثقافة والتواصل، أكد النائب البرلماني على الحصيلة الإيجابية والدينامية الاستثنائية التي عرفها هذا القطاع، ويتجسد ذلك، بالإضافة إلى الحصيلة الإيجابية، في برمجة العديد من المشاريع لسنة 2025، من قبيل: تعميم برنامج جواز الشباب على الصعيد الوطني، وإحداث أول مدينة متخصصة في مجال الألعاب الالكترونية بالمغرب بكلفة تقديرية تصل إلى 360 مليون درهم، إحداث مدينة للإنتاج السينمائي بورززات بمبلغ يصل إلى 240 مليون درهم، وهي مشاريع ستسهم، من دون شك، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ببلادنا.

واسترسل اللبار في مداخلته بالقول: “نفس المجهودات تقوم بها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، خلال السنوات التي مرت من عمر هذه الحكومة، بحيث لم تقتصر فقط على الإجراءات التي همت إصلاح التعليم العالي وتحسين التكوين لفائدة الطلبة والتجويد الخدمات الاجتماعية لهم، بل همت أيضا تحسين وضعية أساتذة التعليم العالي من حيث الرفع من الأجور وتمكينهم من زيادة 3000 درهم على ثلاثة أشطر، فضلا عن جملة من الإجراءات التي تروم إضفاء الجاذبية على مهنة الأستاذ الباحث وتحفيزه على الانخراط الفعال في المهام والأدوار الجديدة الموكولة للتعليم العالي، ما سيسهم في خلق منظومة تعليمية محفزة على البحث العلمي والابتكار والإنتاجية وتقاسم المعرفة”.

وعلى مستوى الحفاظ على استدامة المالية العمومية، أبرز النائب البرلماني بأنه قد تم العمل على توطيد الإصلاحات المرتبطة بالمالية العمومية من خلال الشروع في إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، ومواصلة تنزيل القانون- الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي، حيث عمل مشروع قانون المالية 2025 على إصلاح الضريبة على الدخل، وكذلك من خلال استعادة التوازنات المالية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي ارتفعت بنسبة %13,9 خلال 8 أشهر الأولى من سنة 2024.

ملفتا إلى أن الحكومة قد حرصت على التحكم في عجز الميزانية على المدى المتوسط في حدود 4 % من الناتج الداخلي الخام سنة 2024، و3.5 % سنة 2025 و3 % سنة 2026، وضبط حجم المديونية في أقل من 69 % أفق 2026، وتحقيق نسب نمو بنسبة 4.6%. مثمنا كذلك مختلف الإجراءات المرتبطة بتنزيل استراتيجية المغرب الرقمي 2030 لتسريع التحول الرقمي، وتعزيز الخدمات الرقمية سواء منها الموجهة لفائدة المواطنين أو للمقاولات أو للإدارة بشكل عام.

وخلص اللبار مداخلته إلى أن التأكيد على أن ما تحقق من مكتسبات ومنجزات، والتي تفتخر بها فرق الأغلبية، لم تكن لتتحقق لولا العمل الجاد والمسؤول للحكومة ولدقة الاختيارات التي سطرتها في برنامجها، ولم تكن لتتحقق لولا تماسك الحكومة وأغلبيتها، على المستويات الثلاثة، الوطني والجهوي والمحلي. وصمودها إزاء الظرفية الدولية والوطنية الصعبة، وضد كل المحاولات الهادفة للتقليل والتبخيس من هذه المنجزات، التي لم تنجح أية حكومة في تحقيقها في مثل هذه الظروف الصعبة المعقدة.

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.