هكذا حول الملك محمد السادس المغرب إلى قوة إقليمية

0 278

بعد خمس وعشرين عاما على اعتلاء جلالة الملك محمد السادس، عرش أسلافه الميامين، وفي إطلالة سريعة على ما بصم عليه جلالته من إنجازات، قفزت بالمغرب إلى مصاف الدول المؤثرة، يحار المرء في اختيار محطات التنمية، المنتشرة في مختلف ربوع الوطن الحبيب، فهل نركب الأقمار الصناعية أم نكتفي بريادة الخطوط الجوية الملكية إفريقيا على الأقل، لنطل من علياء السماء على مغرب اليوم الذي ليس هو مغرب الأمس بكل تأكيد، أم نكتفي بالسير سريعا على الطرق السيارة، التي انتقلت من 89 كلمتر لتتجاوز 2000 كلمتر في العهد الزاهر لباني المغرب الحديث.

في الاختيار بين محطات التنمية ذات الواجهة اللامعة، هناك البراق، القطار الأسرع في عموم افريقيا، حيث الرحلة بين طنجة والبيضاء أقرب زمنيا لشرب فنجان “قهوة” منه إلى طول السفر ووعكاءه، وفي الأفق المنظور، سيكمل ذات القطار رحلته إلى جنوب المملكة ليحط الرحال في مدينة أكادير، البعيدة عن طنجة بقرابة 850 كلمتر، وسيكون بإمكان المغاربة وضيوف المغرب، قطع هذه المسافة في زهاء الأربع ساعات ونيف فقط.

ثمار التنمية امتدت إلى البحر بإنشاء المغرب لميناء طنجةالمتوسط، الذي يصنف ضمن أكبر عشرين ميناء في العالم، ناهيك عن كونه الأكبر على الإطلاق بالبحر الأبيض المتوسط، وضمن المنظور الملكي للتنمية البحرية للبلاد، ينتظر اكتمال الأشغال في مينائين ضخمين بكل من الناضور شمالا والداخلة جنوبا.

الدولة الاجتماعية: محاربة الهشاشة والفقر أساس النهضة والنصر

لم يخب ظن المغاربة في ملامسة الصورة الاجتماعية لولي عهد المملكة، الذي جلس على عرش الحكم في يوليوز1999 ليلقب بعدها بملك الفقراء، بعد استفاضة جلالته في الاهتمام الاجتماعي بالطبقة الهشة من المجتمع،فقراء كانوا أم سجناء، أصحاء أم من ذوي الاحتياجات الخاصة، فتناسلت المبادرات حول الموضوع وكثرت الاجتماعات لرد الاعتبار المادي والمعنوي، لهاته الفئات المجتمعية.

في المغرب الاجتماعي يكفي الاستشهاد بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي استفادت منها الطبقات الهشة في كل جهات المملكة والتي فاقت ميزانيتها 40 مليار درهم، وهي مبادرة سار بذكرها الركبان، كما يقال، فلقيت تنويها دوليا في جهات المعمور، وبهيئة الإنصاف والمصالحة، التي أضحت مثلا يقتدى به، لما عملت عليه من لم شمل وطي ملف، بما له وما عليه، فجبرت ضرر المتضررين وصالحت المجتمع ككل مع ماضيه الحزين.

كما يمكن الوقوف عند مشروع الحماية الاجتماعية الذي امتد إلى المدن والأرياف، والمستشفيات الجامعية التي تم إحداثها في بعض جهات الوطن، فيما قطار بنائها لم يتوقف قط.
 
الصحراء..نظارة المغرب إلى العالم

بخطى الواثق من نفسه، أشهر المغرب سيف الحكم الذاتي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، في العام 2007، فاختلطت أوراق الخصوم وتضاربت أقوالهم مع أفعالهم، وهو ما أكسب قضية المغاربة الأولى زخما وتعاطفا دوليين، تمت ترجمته في تبنيه من قبل مجلس الأمن، الذي تخلى عن “سردية” الاستفتاء وألقى بها في سلة مهملاته.

من بين العناوين الكبرى لنجاح المغرب المضطرد في ملف الصحراء، اعتراف أمريكا، قائدة العالم بمغربية أقاليمنا الجنوبية، وتحول الأخيرة إلى عاصمة لاستقبال الوفود الدولية، الساعية إلى فتح قنصليات لها هنالك بالعيون والداخلة، تماهيا مع الخطاب الملكي السامي، الذي ارتقى بملف الصحراء إلى  “النظارة التي ينظر بهاالمغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات”.

هاته الفقرة من الخطاب الملكي قبل سنتين، بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب، أحدثت ما يشبه الثورة في قضيتنا العادلة، مزيلة بذلك غبش السياسة الدولية وألاعيبها، بعد تسليطها الضوء على منطقة “الراحة الديبلوماسية” التي آوت كثيرا من الدول اللاعبة على الحبلين، كما يقال..
 
إفريقيا: علاقة رابح – رابح

سيرا على نهج أسلافه العظام من قبيل السلطانين أحمد المنصور الذهبي والمولى إسماعيل، وبحس استراتيجي فريد، التفت الملك محمد السادس إلى القارة السمراء، فزارها غربا وشرقا، معتبرا إياها بصريح العبارة، الشريك الرئيسي ضمن مقاربة رابح-رابح.

المغرب وهو يمتد إلى إفريقيا بسياسته الجديدة، لم يغفل الانفتاح على عمالقة آسيا، من قبيل روسيا والصين والهند ناهيك عن البرازيل في القارة الأمريكية، معتمدا في سياسته هاته على مقاربة ثتائية، محورها الأول تنويع الشركاء للاستفادة من جميع الفرص التجارية والإقتصادية المتاحة في كل بقاع المعمور فيما يرتكز المحور الثاني على استقرار النظام السياسي واستمراريته وما يحظى به من توقير وتبجيل عالميين.

الطاقات المتجددة للتعامل مع التغييرات المناخية

يحسب لجلالة الملك محمد السادس السبق الافريقي في التعامل مع التغيرات المناخية ووقعها على الإقتصاد و التنمية، إذ بادر المغرب لبلورة استراتيجية شمولية بخصوص اعتماد الطاقات المتجددة، الشمسية جنوباً والريحية شمالاً، بهدف بلوغ نسبة%52 سنة 2030 من الطاقة المستعملة بواسطة الطاقات النظيفة.

مجمل القول أن “اعتماد نموذج الدولة الإجتماعية” و”المقاربة الجيوسياسية الجديدة” فضلا عن “اقتصاد مندمج ومتنوع” تشكل عناوين للنجاحات التي بصم عليها مغرب محمد السادس، الذي فتح أوراشا متعددة، منها ما أنجز ومنها ما هو في طريق الإنجاز كمشروع الإنتقال الطاقي في أفق العام 2030، وهو العام الذي يصادف تنظيم المغرب لكأس العالم، ترجمة لعربون ثقة من العالم أجمع في مغرب محمد السادس، الذي ارتقى بالبلاد من قاع الدول الصغيرة، إلى مربع الدول النافذة، التي لا ترضى بغير الجلوس إلى طاولة الكبار، حيث يصنع القرار…

يوسف العمادي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.