الأبواب المفتوحة .. البام يواصل تفاعله مع القضايا المجتمعية عبر تنظيم دورة تكوينية ناقشت موضوع: “إشكالية المساواة في الإرث بين الشريعة والقانون”

0 268

نظمت، الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، يوم الخميس 26 دجنبر الجاري، دورة تكوينية حول: “إشكالية المساواة في الإرث بين الشريعة والقانون”، في خطوة تهدف إلى فتح نقاش موسع حول هذا الموضوع في المجتمع المغربي.

اللقاء المنعقد بمقر الحزب الجهوي في طنجة، أطره الدكتور أحمد الجباري، أستاذ قانون الأسرة ورئيس شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بطنجة، وسيره الدكتور نور الدين أشحشاح، أستاذ بكلية الحقوق، بحضور رئيسة منظمة نساء الأصالة والمعاصرة السيدة قلوب فيطح، وعدد من مناضلات ومناضلي ألبان، الأساتذة الجامعيين، بالإضافة إلى عدد من الطلاب والطالبات والمهتمين وعموم المواطنات والمواطنين.

وفي كلمة افتتاحية، أكد الدكتور أشحشاح أن هذا اللقاء هو الثالث ضمن سلسلة الدورات التكوينية التي تنظمها الأمانة الجهوية للحزب في إطار الأبواب المفتوحة. ويأتي في سياق النقاش الدائر حول المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات، مشيرا إلى أن قضية المساواة في الإرث تعد واحدة من أبرز القضايا القانونية التي تثير جدلا بين النصوص الشرعية والتفسيرات القانونية الحديثة.

وأضاف أن هذا اللقاء يأتي في إطار الجهود المبذولة لمواكبة التوجهات الملكية في هذا المجال، حيث تطرق إلى جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك محمد السادس مؤخرا بالقصر الملكي بالدار البيضاء حول مراجعة مدونة الأسرة.

وأوضح أشحشاح أن جلالة الملك أعزه الله قد قام بمراجعة تقرير الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة، الذي تضمن أكثر من مائة مقترح تعديل، وأحال بعض المقترحات المتعلقة بالنصوص الدينية إلى المجلس العلمي الأعلى، والذي أصدر بشأنها رأيا شرعيا.

كما أشار إلى أن جلالة الملك قام بالتحكيم في القضايا التي اقترحت الهيئة فيها أكثر من رأي، مع مراعاة الضوابط الشرعية والمرجعية الملكية التي تنص على “عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام”، وهي قضايا تسهم في رسم معالم المراجعة القانونية في المستقبل.

وفي سياق متصل، أكد أشحشاح أن حزب الأصالة والمعاصرة يثمن بشدة هذه المبادرة الملكية، حيث اعتبر الحزب أن مراجعة مدونة الأسرة تعد خطوة هامة نحو تعزيز العدالة والمساواة بين جميع فئات المجتمع المغربي، مع ضرورة ضمان التوازن بين احترام الشريعة الإسلامية ومتطلبات العصر.

وفي مداخلته، تناول الدكتور أحمد الجباري المسائل القانونية المتعلقة بالميراث في الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن تقسيم الإرث بين الأفراد في الشريعة يتسم بالعدل والمساواة وفقا للأدوار الاجتماعية والاقتصادية لكل فرد في الأسرة. وأضاف الجباري أن الفهم المتجدد للميراث لا يتوقف عند توزيع حصص الميراث وفقا للجنس فقط، بل يشمل النظر في الدور الاقتصادي والاجتماعي لكل فرد في الأسرة.

وأوضح الجباري أنه في حالات معينة قد ترث الأنثى أكثر من الذكر، وفقًا للظروف الخاصة بالتركة وبناء على معايير أخرى تتعلق بالوضع المالي والاجتماعي للورثة. وأشار إلى أنه في حالات معينة قد يحدث توزيع عادل يتماشى مع الظروف الخاصة للأسرة، حيث قد يتطلب الأمر تعديل الحصص التقليدية بناء على حالات استثنائية مثل وجود مسؤولية أكبر على بعض الأفراد في الأسرة، مثل حالات الوالدين أو الأخوة والأخوات الذين يتحملون عبء رعاية الأسرة.

وذكر الجباري أيضا أن مفهوم العدالة في الميراث لا يقتصر فقط على مسألة “المساواة الصارمة”، بل يشمل أخذ الظروف الخاصة بالأسرة بعين الاعتبار. كما تناول التحديات التي تواجه العديد من الأسر المغربية في الوقت الراهن، حيث يعكس القانون الوضع الاجتماعي والاقتصادي المعقد للأسرة التي قد تكون بحاجة إلى تعديل بعض القواعد التي قد تكون قديمة ولم تعد تتناسب مع الواقع.

وفيما يتعلق بإثبات النسب، ذكر الجباري أن الشريعة الإسلامية تركز على “الولد للفراش” كقاعدة أساسية لإثبات النسب، مما يضمن تحديد الهوية الشرعية للأبناء بناء على العلاقة الزوجية الشرعية. وتناول في حديثه أهمية احترام هذا المبدأ في المجتمع المغربي لضمان استقرار الأسرة وحمايتها من النزاعات القانونية.

واختتم الدكتور الجباري مداخلته بالإشارة إلى أن التعديلات المقترحة في مدونة الأسرة، والتي تم مناقشتها في جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك، يجب أن تأخذ في الاعتبار هذه المعايير الشرعية والعدالة الاجتماعية، مع ضرورة أن تسهم هذه التعديلات في تحسين وضعية المرأة دون المساس بالقيم الأساسية التي يرتكز عليها المجتمع المغربي.

واختتم اللقاء بجلسة نقاش مفتوح، حيث طرح الحضور العديد من الأسئلة المتعلقة بتطبيقات الميراث في المجتمع المغربي، كما تم التأكيد على ضرورة استمرار الحوار بين مختلف الأطراف للوصول إلى حلول قانونية عادلة تضمن حقوق الجميع في إطار احترام الشريعة والقانون وتكريس أهمية ومكانة الأسرة وحماية المصلحة الفضلى لكافة الأطراف.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.