البام ..الخطيئة أم التجربة الحية
بقلم: هشام عيروض*
بدأت مسيرة حزب الأصالة والمعاصرة، في سياق سياسي صعب تميز بصعود تيارات الإسلام السياسي في المنطقة العربية وشمال إفريقيا وتراجع الكتلة الديمقراطية، وكان همه الأول حماية التعددية من “الفكر المهيمن” الذي كان يشكل خطرا على مسار ترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة الحق والقانون.
سنة 2008، عام التأسيس المبارك، عرف نقاشات فكرية عميقة توجت بفكرة “الأصالة والمعاصرة” التي تلخص واقع المغاربة اليوم، واقع تحديثي لكن بطريقة مغربية خالصة.
إن قيم “تمغرابيت” التي كان ينادي بها جيل تأسيس “البام” ها هي نراها اليوم في أشكال مختلفة، من الفن إلى الرياضة وصولا إلى مجابهة كل الأزمات (كوفيد، الزلزال، الجفاف..) والتحديات (تنظيم مؤتمرات دولية وإعلان تنظيم مونديال 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال…) ومواجهة التهديدات الإرهابية (تحرير الگرگرات، صد الهجمات في جنوب المملكة….).
سياق هذا الكلام، جاء في خضم النقاش الدائر حول هذا الحزب الذي يتعرض اليوم لهجمات وحملات “مسيسة” من أجل تشويه صورته وربط كل مساوئ العمل الحزبي به، لذلك وجب التذكير – وليس من باب تقديم الدروس- أن حزب البام كباقي الأحزاب السياسية التي تشكلت في ظروف معينة وفي سياقات مختلفة، لكنها تبقى كلها أحزاب مغربية ابنة بيئتها.
فالبام هو حزب مغربي خالص، لم يتخابر مع أي جهة أجنبية ولم يؤسس لفكر “خارجي” ولم يرتبط تنظيميا لا بالشرق ولا بالغرب، هو حزب تمغرابيت الذي أغاض البعض لأنه “كان صريحا مع الشعب بوفائه الثابت للوطن” في وقت كان البعض وفيا للجماعة أو خادما للأوليغارشية.
فكرة البام واضحة، بدأت بتحرير المشهد الحزبي من الـحزب الأغلبي ثم مرت بالنقد الذاتي (تيار نداء المستقبل = المؤتمر الرابع ) وصولا إلى مرحلة تكوين بنك الأطر داخل الحزب وهو ما سيوفر له خلال المؤتمر القادم فرصة ذهبية لتقديم نخبة بامية خالصة غير مرتبطة بتراكمات “مشبوهة” وإنتاج قيادة بامية خالصة لأول مرة بعد خمسة عشر سنة من ميلاد الحزب.
أمام سعي البعض من جديد إلى “شيطنة” البام ومحاصرته سيقف أبناؤه ليقولوا إننا لسنا شياطين مثلما لا نقول إننا جميعنا ملائكة، لكننا مغاربة مؤمنون بأن البناء والتغيير يحتاج لعمل شاق وبناء تنظيمي ليس باليسير، ولكنها ليست مهمة مستحيلة فالفكرة مازالت نبيلة، وروح التأسيس مازالت حاضرة في أذهان الباميين والباميات الأوفياء، والحزب لم يخضع لا لزواج وظيفي أو ممتع لهذا الطرف أو ذاك، ومن يزعم أن الحزب تعرض للقرصنة، نقول نحن أبناء البام الأوفياء إنها مجرد “قرصة” سياسية نتعلم منها الدروس والعبر، وسنتوجه للمؤتمر الوطني الخامس ونحن مؤمنين بأن البام قادر على أن يقدم مرة أخرى نقدا ذاتيا عوض جلد الذات، وماض في تجديد نخبه ووضع خارطة طريق جديدة برؤية معاصرة لتحديات المرحلة، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
* عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة