البيطار: نجدد التأكيد على أن 9 سنوات من التدبير الحكومي كان عنوانها الفشل في كل المجالات
شدد، عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، السيد عادل البيطار، في إطار مداخلة في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2021، ليومه الخميس 12 نونبر الجاري، (شدد) على أنه يجب التمييز ما بين أوضاع حالية لعبت فيها الجائحة دور الكاشف المعري للعيوب والنقائص، وبين التراكمات التي تمخضت عن السياسات الحكومية طيلة السنوات التسع الماضية.
وأضاف البيطار، أنه ومن باب الدقة والموضوعية، فإن حديث فريق الأصالة والمعاصرة عن تراكمات السياسات العمومية التي أدت إلى ما تعيشه بلادنا اليوم من تراجع في العديد من المجالات، يلقي بالمسؤولية على حكومات متتالية. “وحين ننظر بعين متفحصة، فإننا ندرك حجم التفاوت في المسؤوليات، تفاوت يضع آخر حكومتين في مقدمة اللائحة، حيث وصلنا مع حكومة السيدين بنكيران والعثماني إلى مستوى أضعف بكثير مما كنا عليه مع الحكومات السابقة، بدءا من حكومة المرحوم السيد عبد الرحمان اليوسفي، مرورا بحكومة السيد جطو والسيد عباس الفاسي.
“وسآتي إلى توضيح ذلك بالمعطيات الرسمية، لا بتقييم حزب الأصالة، سنترك الكلمة للأرقام التي أنتجتها هذه الحكومات ذاتها عن نفسها حتى لا يفهم من كلامي أن تجن أو مبالغة”، يقول البيطار.
وفي سياق متصل، أشار عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة إلى أن حكومتي بنكيران والعثماني توفر لهما ما لم يتوفر لسابقاتهما من إمكانيات جاء بها دستور 2011، فبدل وزير أول أصبح لدينا رئيس حكومة، وبدل إدارة موضوعة رهن إشارة الوزير الأول، أصبحت إدارة عمومية يتحكم فيها رئيس الحكومة بصلاحيات واسعة ليس أقلها حيازة قرار التعيين في الغالبية العظمى من المناصب العليا.
كما أن الدستور، يقول البيطار، أعاد صياغة أدوار وحدود المؤسسات والعلاقات فيما بينها، وأعلى من شأن المسؤولية السياسية الحزبية عبر ربط تشكيل الحكومة بصناديق الاقتراع. ولكن يبدو أن هذا الربط كانت لها أعراض جانبية من قبيل بعض الانتفاخ والحساسية، انتفاخ من خلال المبالغة في الاعتداد بالنفس، وحساسية اتجاه أي نقد، وذلك حين تختلط الأمور ويتساءل الناس إن كانت المعارضة هي التي توجد في موقع التدبير ما دام انتقاد المعارضة والتهجم عليها أضحى بمثابة مهنة للحكومة.
وعليه، فإن إرجاع الأمور إلى نصابها يستدعي أولا تذكير الحكومة أنها هي من دبرت الشأن العام طيلة السنوات التسع الماضية لا المعارضة، وتذكيرها ثانيا أن رئاسة الحكومة كانت من نفس اللون السياسي طيلة هذه المدة، وأن هذا اللون السياسي كان محظوظا بالتوفر على مدى زمني مسترسل كاف لتحقيق التراكم وإنجاز برامج ممتدة في الزمن.
فماذا كانت الحصيلة يا ترى؟ … الحصيلة هي بالذات ما يكتوي به أغلب المغاربة اليوم، يوضح البيطار.
وذكر المتحدث بكون رئيس الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة تقدم بتفاصيل وافية في هذا الشأن، لخصها في:
– تسع سنوات من التدبير الحكومي على خلفية وعود انتخابية غير مسبوقة لننتهي إلى الخلاصة الرهيبة التي كشفتها الجائحة، وهي أن ثلثي المغاربة يعشون بالاقتصاد غير المهيكل. هذه مصيبة بكل المقاييس تختزل وحدها الإجابة الشافية على السؤال التقليدي: لماذا عجز المغرب عن اللحاق بالبلدان الصاعدة؟.
– تسع سنوات من التدبير الحكومي ومن الضجيج والكلام الغليظ والتهجم الدائم على المعارضة وكأنها هي المسؤولة عن التدبير، وفي النهاية اكتشفنا أن مستشفياتنا لم تصمد أمام آلاف من المرضى في بلد ال 36 مليون نسمة.
– تسع سنوات من التدبير الحكومي والتباهي بالقاعدة الشعبية والقوة الموهومة لنكتشف أن اندماج التعليم في منظومة التكنولوجيا الرقمية يوجد في وضعية بدائية لم يرق حتى إلى مستوى تفاعل المراهقين مع التيكنولوجيا، ما جعل حكاية التعليم عن بعد نكتة مضحكة، بل مبكية في الحقيقة.
– تسع سنوات من التدبير العشوائي أوصلتنا إلى حالة الرعب من شبح التقويم الهيكلي السيء الذكر بفعل اختيار الحلول السهلة في التمويل، أي اللجوء إلى الاستدانة وتكبيل الأجيال المقبلة بسلاسل الديون وإملاءات الدائنين.
– تسع سنوات من التدبير وأغلب أنشطتنا خدماتية غير قارة تبخرت بمجرد إغلاق الحدود، فيما الصناعة التي لا يخجل البعض من الافتخار بمنجزاتها لم تتجاوز لحد الآن توطين شركات أجنبية لم يفد وجودها مطلقا في بناء قاعدة صناعية وطنية مغربية.
– تسع سنوات من الخلط بين الصياح وبين معنى التدبير المسؤول، ولا زالت فلاحتنا مركزية في إنتاج القيمة، ولازال ترقب كرم السماء بالأمطار مرادفا للسياسة الفلاحية.
فهل نحتاج بعد هذا إلى التدقيق والتمحيص؟، يتساءل البيطار. “فرغم أن الصورة العامة تغنينا عن الجدال والأخذ والرد، لا بأس من تعزيزها ببعض التفاصيل لأن واقعنا صنعته هذه التفاصيل، ولأن علينا أن نختار، بين مستقبل غامض يحمل كل المخاطر إن استمر نفس النهج، وبين استيقاظ من الأوهام وإنقاذ البلاد من متوالية الانحدار.
وبهذا الخصوص، ركز البيطار على نقطتين هامتين، فمن خلال النقطة الأولى ستتم المقارنة بين بعض المؤشرات التي تمخض عنها تدبير الحكومات المتوالية، حكومة السيد اليوسفي، حكومة السيد جطو، حكومة السيد الفاسي، حكومة السيد بنكيران وحكومة السيد العثماني، وسأكشف بعض النتائج المترتبة عن تدهور هذه المؤشرات، حكومة بعد حكومة. وفي النقطة الثانية سيتم التطرق، بالأرقام كذلك، لنتائج بعض القطاعات والبرامج، وأوجه الاختلالات التي تعتريها، وعلى رأسها البرامج الاجتماعية والقطاع الفلاحي، والقطاع الصناعي، مع التطرق لوضعية وأداء المؤسسات العمومية.
في ما يخص النقطة الأولى، انطلق البيطار من معدل نمو الناتج الداخلي الخام، ففي عهد حكومة اليوسفي تحقق معدل نمو بنسبة 4%، حكومة السيد جطو 5%، حكومة السيد عباس الفاسي 4.78%، حكومة السيدين بن كيران والعثماني معدل 3.2% أي أن هناك هبوطا حادا في معدل نمو الناتج الداخلي الخام مقارنة بفترات اليوسفي، جطو أو الفاسي، ويصل هذا الفرق إلى 18%؛ هذا علما أن الدخول الحكومي الصاخب بعد إقرار الدستور، أتخمنا بالوعود، وبشرنا بتحقيق 7% من الناتج الداخلي الخام بنسبة نمو لننتهي إلى 3.2% كمتوسط نمو ولايتين حكوميتين، أي لم يتم بلوغ حتى نصف الرقم الموعود به.
واعتبر البيطار أن هذه النسب لم تكن تأخذ منحى تصاعديا بل إنها تأرجحت صعودا ونزولا، ما يعني أنه لم تكن هناك استراتيجية نمو قائمة وواضحة، بل إن الحكومة كانت تحت رحمة التقلبات الظرفية، سواء الطبيعية الجوية أو تقلبات المحيط وانعكاسه على تأرجح الطلب الخارجي، علما أن الحديث عن تنويع الشركاء كان قائما، وأن صاحب الجلالة انخرط شخصيا في ذلك من خلال تعميق علاقات الشراكة مع عشرات البلدان الإفريقية والأسيوية والأوروبية (الصين وروسيا نموذجا).
غير أن الحكومة لم تستثمر دينامية الانفتاح تلك، يضــــــيف البيطار، ولم تعمل على اقتحام تلك البلدان من الأبواب التي فتحها جلالة الملك. فهل يعقل أن المغرب وقع ما يناهز ألف اتفاقية مع البلدان الأفريقية بكل أسواقها الواعدة دون أن تضيف من ذلك نسبة نمو ولو بنقطة واحدة؟ هذا فيما شهدت القارة الأفريقية نموا مضطردا يقدم إمكانات شراكات هائلة، خاصة لدى الدول الصديقة، إذ يكفي أن نشير إلى أنه مقابل المعدل الهزيل الذي حققته الحكومة، أي 3.2%، بلغت الكوت ديفوار أزيد من 8 %، رواندا 9%، أثيوبيا 10%.
ولعل الأهم في أرقام النمو الصادمة التي حققتها الحكومة كونها لا تنسجم مع النمو الديمغرافي الذي عرفته كل هذه السنوات، بما يعنيه ذلك من تضاعف أعداد الشباب الذي يقتحمون سنويا سوق الشغل كي يجدوا في انتظارهم أحضان البطالة.
ومهما حاولنا ابتداع أساليب احتساب نسب البطالة، يقول عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة، خاصة بالاعتماد على خصوصيات الشغل في العالم القروي، فإن بطالة الشباب بقيت نقطة سوداء طوال هاتين الولايتين. فحصب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط كانت نسبة البطالة سنة 2011؛ 8.9%، لتأتي الحكومة الجديدة بعد ذلك ويبدأ الرقم في الصعود، 9 في المائة سنة 2012 ثم 9.2%، ثم 9.9%، ثم 9.7%، ثم 9.4%، ثم 10.2%، ثم 9.2% ثم 13% مرتقبة نهاية هذه السنة.
وهذا يقودنا للمقارنة بين مختلف الحكومات فيما يخص إحداث مناصب الشغل، فالمعدل السنوي للمناصب التي أحدثها الاقتصاد الوطني، في عهد حكومة اليوسفي أكثر من 80.000، وفي عهد حكومة السيد جطو أكثر من 150.000، وفي عهد حكومة السيد عباس الفاسي أكثر من 120.000، وفي عهد حكومة بنكيران والسيد العثماني 47.000.
ونفس منحى التقهقر، يشدد المتحدث، عرفته مجموعة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى في عهد حكومتي بنكيران والعثماني:
معدل الادخار الوطني السنوي نسب إلى الناتج الداخلي الخام، 25 في عهد اليوسفي، 32 في عهد السيد جطو، 30 في عهد الفاسي، بنكيران وعثماني 27. ما يعني أن هناك هبوطا في مستويات الادخار الوطني في فترة بنكيران والعثماني مقارنة بفترة جطو والفاسي بفارق يصل إلى 15%، وهذا ما نستشفه في الواقع من عدم قدرة المؤسسات المالية والخواص على تمويل المبادرات الاقتصادية واستدامتها رغم ارتفاع الثروة الوطنية بأكثر من الضعف منذ 2003.
مداخيل السياحة 5 ملايير درهم في عهد اليوسفي، 7.7% مليار درهم في عهد جطو، في عهد الفاسي 7.3%، وفي عهد بنكيران والعثماني 6.4 مليار درهم؛
وفي ما يخص المبادلات الخارجية، أبرز البيطار على أنه ورغم ارتفاع الصادرات بأربع مرات منذ 98، فإن الواردات ارتفعت بخمس مرات لدرجة أن عجز الميزان التجاري في حكومة بنكيران- العثماني ارتفع بسبع مرات مقارنة بمرحلة اليوسفي. وإذا أضفنا إلى ذلك اندحار مداخيل مغاربة العالم ومداخيل السياحة على التوالي ب 20% و16%، فإن معدل عجز ميزان الأداءات علة الناتج الداخلي الخام بلغ 5.5%، بعدما كان لا يتعدى 1% في عهد اليوسفي.
وفي ما يتعلق بالمالية العمومية، قال البيطار إنه سنة بعد سنة يلاحظ تدهورا في جميع مؤشراتها، حيث إن معدل الرصيد العادي نسبة إلى الناتج الداخلي الخام سجل 3% في عهد اليوسفي و2% في عهد الفاسي ليندحر إلى أقل من 1% في عهد حكومتي بنكيران والعثماني، هذا كله رغم استفادة عهد بنكيران والعثماني من أكثر من 60 مليار درهم من مداخيل الخوصصة والهبات مقارنة بعهد الفاسي 6.2 مليار فقط، وجطو 52 مليار درهم، وحتى مصاريف المقاصة لا تشفع لتفسير هذه الأرقام، فمعدل الاستهلاك السنوي على عهد الفاسي يفوق مثيله عند بنكيران ب 20 % وجطو ب 3 مرات.
ومما لا شك فيه أنه لا يمكن إلقاء اللائمة على الكلفة المادية للحوارات الاجتماعية لسنوات 96، 2003، 2011 و2019 كسبب رئيسي لارتفاع عجز الميزانية لأنه لم يكلف حكومتي العثماني أو جطو أكثر من 3 مليار في العام لينتقل متوسط هذا العجز السنوي من 10 مليار في عهد اليوسفي إلى 45 مليار تقريبا في عهد بنكيران-العثماني، وليقترب من 4.4% بنسبة متوسطة على متوسط الناتج الخام.
وبخصوص المديونية، هناك أرقام متعددة تدل على تدهور مؤشرها، فالميزانية العامة للدولة بالكاد نستطيع تلبية 12% من مجموع مبلغ الاستثمار، فيما نكون مضطرين كل عام إلى أداء 29 مليار درهم أي 10% من الميزانية العامة للدولة كفوائد، وأكتفي برقم واحد مهول وهو تخطينا لرقم 1.000 مليار درهم كدين عمومي عام يشمل دين الخزينة والمؤسسات العمومية والأبناك العمومية والجماعات المحلية.
في موضوع التنمية البشرية، لا زال المغرب في الرتبة 121 على 189 وهو مؤشر دال على مدى تقدم أمة ما، خصوصا في ميداني الصحة والتعليم، ولايزال المواطن المغربي أقل من 25 عام، بمعدل دراسة يصل إلى 5.5 أعوام فقط، فيما تحقق تونس 7.2، وليبيا 7.3، وفي جميع مؤشرات الفقر كذلك (… ننزل إلى مستويات دنيا تثبت بأن السياسات الاجتماعية بالمغرب رغم تعدد مداخيلها لا تفي بالغرض لدرجة أن أصبح أكثر من نصف ساكنة المغرب في حالة عوز أو أقرب إلى العوز، 19 مليون شخص تقريبا، يختم البيطار.
مـــــراد بنعلي
[arve url=”https://youtu.be/vfkxzN_P2xI” /]