التويمي لرئيس الحكومة .. لا ديمقراطية بدون تواصل شفاف وتشاركي

0 1٬686

ذ محمد التويمي بنجلون

تشكل العملية التواصلية كأحد مرتكزات تمكين الرأي العام من تملك المعلومة، تنفيذا لإلتزامات بلادنا وإرساءً للتعاقد الدولي و الوطني الهادف إلى التنزيل الناجع لإستراتيجية الحكومة المنفتحة، بإعتبارها آلية لتكريس مكتسبات بلادنا في مجالات الشفافية و النزاهة و المناصفة و الديمقراطية التشاركية، وهو الأمر الذي خطت فيه بلادنا خطوات متقدمة كللت بمصادقة البرلمان المغربي على القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومة، كأحد الشروط الموضوعية و الجوهرية للمنظمة الدولية للتعاون و التنمية الاقتصادية (OCDE) للإنظمام إلى مصاف الدول المنخرطة في مبادرة الحكومة المنفتحة بما تحمله هذه الخطوة الكبرى من إعلان رسمي عن تحول جدري في التفاعل التواصلي المؤسساتي الوطني ولاسيما الحكومي – أليست السلطة التنفيذية هي الضابط لشؤون كل تجمع إنساني على مر العصور.

مما لاشك فيه أن عملية التواصل بين الدولة بمؤسساتها المختلفة مع المواطنين تعد إحدى أهم مظاهر الديمقراطية وخاصة في ظروف من قبيل هذه التي نعيش تحت وطأتها منذ أزيد من شهرين، جائحة كورونا “كوفيد19” بما خلفته من تداعيات صحية واجتماعية واقتصادية بهذه المناسبة خرج علينا السيد رئيس الحكومة المحترم، بشكل غابت فيه معايير التواصل السياسي بمغالطات صارخة وحجج دامغة تفيد بإنعدام تصور الحكومة لمستقبل المغاربة ما بعد الأزمة، ودعونا في سياق ذلك ننخرط في درئ مغبة ضعف التواصل الحكومي بتصحيح عديد المغالطات المطروحة.

صرح رئيس الحكومة في مروره التلفزي البارحة بشكل رسمي أن عدد الوفيات الناجمة عن تفشي فيروس كوفيد 19 هي 130 وفاة منذ الثاني من مارس الماضي ، وهو إعلان حكومي من رجل تعد تصريحاته مرجعا رسميا يعتد به بينما أعلنت وزارة الصحة في نفس اليوم ببوابتها الرسمية المخصصة لمتابعة الجائحة أن عدد الوفيات هو 183 حالة وفاة، وبذلك يكون السيد الرئيس قد توجه للرأي العام الوطني بتصريح كاذب. وفي نفس السياق وجوابا على سؤال تصور الحكومة للخروج من هذه الأزمة العارضة بهدف إرجاع السير العادي للحياة الطبيعية للمواطنات و المواطنين ثم الإعلان عن الإقلاع الاقتصادي للمقاولة الوطنية، يعلن بشكل واضح لا غبار عليه عن انعدام وجود أي تصور حكومي للخروج من الأزمة، وهو ما يجعل المواطن المغربي يتسائل بكل استغراب خوفا من المستقبل المجهول لما بعد كورونا.
إن أهم أدوار الفاعل السياسي هي القدرة على صناعة الأمـــل بما يحد رُقع ومساحات اليأس و التيئيس التي أعلن عنها رئيس الحكومة، فما الحاجة إلى مؤسسة رئاسة الحكومة إذا كانت عاجزة بشكل بنيوي عن استشراف المستقبل و صناعة المغرب الذي يطمح له مواطنوا العهد الجديد بما تحمله مكن استثمار و بلورة الفرص التي تحبل بها هذه الأزمة التي أعادت لجزء مهم من الشعب المغربي الثقة في مؤسسات و أجهزة وهيئات الدولة، أليست جذوة الثقة دافعا للنهوض الجماعي بمشاريعنا الوطنية الجامعة ذات الأهمية و الأولوية القصوى بعد كورونا، وفي مقدمة ذلك ورش السجل الاجتماعي الموحد الذي أجاب عنه رئيس الحكومة بجملة واحدة، أحال بها الإشكال على المؤسسة التشريعية كعائق أمام تنزيل مشروع قانون رقم 72.18 والمتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات وهي مناسبة لنذكر رئيس الحكومة من جديد انه يتوفر على الأغلبية العددية داخل البرلمان بغرفتيه بما يمكنه بكل يسر من استصدار هذا القانون لينتقل السؤال حول المراسيم التطبيقية له و التي هي اختصاص تنظيمي حصري له، عطل به من قبل ورش الجهوية المتقدمة بما تحمله من فرص حقيقة لتنمية بلادنا.

أما عن وضعية 27.850 مواطن مغربي عالق خارج تراب الوطني فقد أعلن رئيس الحكومة عن طريقة ناجعة لإعادتهم لأرض الوطن تتجلى ببساطة شديدة في انتظار فتح الحدود، وما هي إذا الحاجة إلى التدخل الحكومي حين انتهاء هذه الجائحة واستئناف الحياة الطبيعية وفتح الحدود الوطنية و الدولية، ابقي على هذا السؤال معلقا أمام عبقرية التواصل الحكومي الذي يخرج رئيسا للحكومة ليتواصل مع مواطني بلاده بدون أي تصور يذكر.

ذ محمد التويمي بنجلون
نائب رئيس مجلس النواب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.