الوحدة والاختلاف في زمن الطوارئ
عبد اللطيف الغلبزوري
في زمن الجوائح والكوارث والطوارئ الكبرى، ونحن الآن نعيش إحداها، غالبا ما تنزع مكونات المجتمع، إلى الاصطفاف في خندق واحد لمواجهة مخاطر المرحلة، كما تختفي مظاهر الصراع والاختلاف بين هذه المكونات، وهو ما نشهده حاليا في المغرب، وفي أغلب الدول التي اجتاحها هذا الوباء .
وحينما نتحدث عن مكونات المجتمع، فإننا نقصد، تحديدا، المكون السياسي والمكون الثقافي والمكون الاقتصادي والمكون الاجتماعي، وفي حالتنا هاته حيث الطارئ هو وباء، فبإمكاننا إضافة الفاعل “العلمي” أي العلماء والأطباء .
ويطرح هذا الأمر، أي الاصطفاف في خندق واحد، سؤالَ ما إذا كان ذلك في صالح المجتمع أم ليس في صالحه.
صحيح، أن المجتمعات والدول، حينما تهددها مخاطر كبرى، تحتاج إلى أن تتوحد وتَجْتمع قواها، في سبيل الانتصار على “عدو” يستهدف كل المكونات دون تمييز، ولكن صحيح أيضا، أن غلق كل أبواب الانتقاد والتقييم للسياسات المتبعة، قد يُنْقِصُ من فعالية خطط مواجهة ذاك “العدو”.
فالنسبة للفاعل السياسي، فمن وجهة نظري، فمقبول أن يضع جانبا التجاذبات التقليدية ذات العلاقة بالسياسات العامة، ولكن متابعة وتقييم خطط مواجهة الأمر “الطارئ”، مطلوب بل وضروري .
أما بالنسبة للفاعل الاجتماعي وأقصد هنا أساسا النقابات، فإذا كان بديهيا أن تتوقف الاحتجاجات والإضرابات، فإن إثارة أوضاع الشغيلة، وتنبيه السلطات العمومية إلى ذلك، هو شكل من أشكال المساعدة والتعبئة على مواجهة مخاطر المرحلة.
أما المكون الاقتصادي، وأعني به المؤسسات والهيئات الممثلة للقطاعات الاقتصادية، فواجبها، أن تتعبأ لتأطير الفئات التي تمثلها، من أجل مضاعفة الإنتاج بالنسبة لتلك المسموح لها بذلك، وإيجاد الحلول لتلك التي فُرِض عليها التوقف، فلا شك أن مرحلة ما بعد مرور “الأزمة”، ستكون عصيبة، وحلولها يجب البحث عنها مبكرا، فالوحدات الاقتصادية المتوقفة، لا يمكن لها أن تستأنف أنشطتها بصورة تلقائية إن لم يتم البدء بإيجاد الحلول إبان الأزمة.
أما بالنسبة للمثقفين والعلماء، فلا أرى، أن ما ينطبق على الفئات السالفة، ينطبق عليها هي، هذه الفئة، عليها أن تحارب الجهل والتفسيرات الخرافية، وعليها أن تقوم بأدوارها كاملة في التنوير والتصدي للأطروحات التي من شأنها تأبيد الأزمة .
وخلاصة القول، أن الوحدة والاختلاف، في زمن الطوارئ والجوائح، هما كما قيل -وجهان لعملة واحدة- لا يمكن الاستغناء عن إحداهما.