بفضل جهوده في مكافحة الهجرة غير النظامية … المغرب يتموقع في مصاف الفاعل الرئيس على مستوى الأمن الإقليمي

0 342

يواصل؛ المغرب بذل قصارى جهده في مكافحة الهجرة غير النظامية، معتمدا في ذلك على مقاربة شاملة، تعطي الأولوية لتعزيز التعاون والتنسيق مع جيرانه الشماليين، وخاصة إسبانيا.

فعلى المستوى العملياتي، شددت المملكة، على الدوام، على ضرورة التمييز بين ضحايا هذه الظاهرة الذين تجب حمايتهم، وشبكات تهريب المهاجرين التي تتعين مكافحتها بحزم مطلق.

وما فتئ المغرب، الذي لا يتعامل مع الظاهرة بصفته دركيا لأوروبا، يؤكد ضرورة التعامل مع هذه الإشكالية في إطار مسؤولية متقاسمة وشراكة محددة بوضوح مع إسبانيا وأوروبا على حد سواء.

وفي هذا الإطار، تنعقد اجتماعات منتظمة بين مسؤولي البلدين، بما في ذلك اجتماع المجموعة المشتركة الدائمة المغربية – الإسبانية حول الهجرة، اليوم الجمعة بالرباط.

فخلال هذا الاجتماع، الذي يأتي بعد فترة انقطاع فرضه سياق الأزمة الصحية بسبب انتشار فيروس “كوفيد 19″، أعرب الجانب الإسباني عن تقديره للجهود الكبرى التي تبذلها السلطات المغربية في مكافحة الهجرة غير النظامية وما حققته من نتائج ملموسة.

وفي ما يتعلق بمسألة الهجرة، فإن المغرب يحظى بسمعة جيدة وسجل حافل للغاية. وهكذا، نجحت المملكة خلال 2021 وحدها في إجهاض إجمالي 63.121 محاولة للهجرة غير النظامية ونزوح غير نظامي وتفكيك 256 شبكة إجرامية لتهريب المهاجرين، فضلا عن إنقاذ 14.236 مهاجرا في عرض البحر، حسب ما جاء في إحصائيات رسمية.

كما أطلقت المملكة المغربية برامج مساعدة على العودة الطوعية للفئات الهشة من المهاجرين. سياسة العودة الطوعية هذه هي الآن نموذج مرجعي للتعاون جنوب – جنوب.

وهكذا، تم تنظيم 3500 عودة طوعية للأجانب في وضع غير قانوني بالمغرب إلى بلدانهم الأصلية، بما في ذلك 2300 عودة طوعية بشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب إحباط 49 محاولة تسلل إلى سبتة ومليلية، 47 منها بمليلية خلال السنة ذاتها.

حصيلة الفصل الأول من 2022 تؤكد، هي الأخرى، هذا النهج الصارم، إذ تم إحباط 14.746 محاولة للهجرة غير النظامية، وتفكيك 52 شبكة إجرامية لتهريب المهاجرين، وإنقاذ 97 شخصا في عرض البحر.

إلى ذلك، تم تنظيم 1080 عودة طوعية لفائدة مهاجرين في وضعية غير قانونية بالمغرب نحو بلدانهم الأصل، 600 منها بشراكة مع المنظمة الدولية للهجرة.

على صعيد آخر ، وفي إطار النهج العملياتي الذي تتبناه المملكة، تستفيد أجهزة الأمن المغربية أيضا من التكوين الأساسي والتكوين المستمر حول الموضوعات المتعلقة بحماية الضحايا وحقوق المهاجرين.

لا شك أن هذه الجهود التي يبذلها المغرب تجعل منه فاعلا رئيسيا على صعيد الأمن الإقليمي، غير أن تحركات المغرب في هذا الإطار لا تجعل منه دركيا لأوروبا، بل هي من صميم عقيدته المتمثلة في ضمان أمنه الداخلي أولا، ثم العمل بصفته شريكا موثوقا به في إطار المسؤولية المشتركة.

وتجلى الاهتمام بهذه الإجراءات، مرة أخرى، في البيان المشترك الذي صدر في أعقاب زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب بدعوة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وقد أكد البيان المشترك على إعادة إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة والقيام بالتنسيق في إطار رئاسة كل من الطرفين لمسلسل الرباط للفترة 2022-2023، بشكل يسلط الضوء على التعاون المثالي في هذا المجال، لصالح مقاربة شاملة ومتوازنة لظاهرة الهجرة.

ويأتي اجتماع اليوم الجمعة، الذي يندرج في إطار تنفيذ خارطة الطريق التي تم وضعها خلال الزيارة التي قام بها السيد بيدرو سانشيز، إلى المملكة في أبريل الماضي، ليؤكد هذه الرغبة الثابتة في تعزيز التعاون الثنائي في مجال الهجرة.

وأشاد الجانبان، في بيان مشترك صدر عقب هذا الاجتماع، باستئناف اجتماعاتهما حول الهجرة، التي كرست على الدوام الثقة والمسؤولية المشتركة.

كما يتعلق الأمر بتعزيز آليات التنسيق وتبادل المعلومات، من خلال، على الخصوص، تجديد صيغ العمل المشترك على مستوى مراكز التعاون في ميدان الشرطة، وضباط الربط، والدوريات المشتركة، وذلك في مواجهة التحديات المشتركة الناجمة عن نشاط شبكات الاتجار في المهاجرين والمحيط الإقليمي غير المستقر.

وعلى مستوى إدارة الحدود ورهاناتها المتعددة، سلط الطرفان الضوء على ضرورة تركيز الجهود المشتركة حول التضامن النشط على مستوى الدعم التقني والمالي المستدام الذي من شأنه تعزيز الصمود والنجاعة العملية.

غير أن الإدارة الدولية الناجعة للهجرة تستلزم من بلدان الشمال تبني منظور متوازن لا يكون مشبعا بالهاجس الأمني حصرا، بل يتمحور حول إيجاد الحلول الهيكلية المفضية إلى التنمية المستدامة لبلدان المنشأ وتشجيع التنقل القانوني بين الضفتين.

وانطلاقا من اختياره تعزيز التعاون مع جيرانه، يتبنى المغرب مقاربة إنسانية ومتعددة الأبعاد لقضية الهجرة، ويرفض اختزال هاته الإشكالية في الجانب الأمني فحسب، مما يجعل المملكة نموذجا يحتذى، لا سيما على مستوى الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء.

ومع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.