جيل 2030… عندما يتحول الحلم إلى رؤية حزبية مستقبلية

0 297

في زمن تعقدت فيه علاقة الشباب بالسياسة، وتعمقت فيه الفجوة بين المؤسسات التمثيلية وتطلعات الجيل الجديد، تبرز مبادرة “جيل 2030” التي أطلقها حزب الأصالة والمعاصرة، كأحد أبرز الأجوبة الجريئة على سؤال المشاركة.

إنها ليست مبادرة تقنية أو حملة ظرفية، بل لحظة تأسيسية لوعي حزبي جديد، يضع الشباب في قلب المشروع المجتمعي، لا كعنصر زينة أو أرقام انتخابية، بل كقوة اقتراح وإبداع وصناعة للبدائل.

لقد أدرك الحزب، بحسه التنظيمي وتكوينه السياسي المتجدد، أن الجيل الجديد لا يبحث فقط عن الوعود، بل عن معنى أعمق للفعل السياسي، عن رؤية تشبهه، وخطاب يخاطبه بلغته، ومجال يتيح له التعبير عن هواجسه ومشاريعه في بيئة تتسم بالثقة والتفاعل.

ومن هنا جاء هذا المشروع الوطني الذي يحمل اسم “جيل 2030″، ليعلن أن البام اختار أن يعيد تموقعه، ليس من خلال الشعارات الكبرى، بل عبر إنصات يومي ملموس، وتأطير فعلي للطاقات، وبناء جسور متينة مع شباب يعاني من التهميش، لكنه لا يزال مفعما بالأمل.

وفي صلب هذه الدينامية، يبرز انخراط قطب الشباب بالأمانة الإقليمية لحزب الأصالة والمعاصرة بطنجة-أصيلة كعلامة فارقة تستحق الوقوف عندها.

فهذا القطب برئاسة منسقه نصرو العبدلاوي، وإسهام الشابات والشبان الأعضاء، وإشراف الأمانة الجهوية للحزب بقيادة الأمين الجهوي السيد عبد اللطيف الغلبزوري ومواكبة الأمانة الإقليمية في شخص الأمين الإقليمي منير ليموري، لم يكتف بالتفاعل الشكلي، بل انخرط بوعي تنظيمي ومسؤولية سياسية في تنزيل روح المبادرة على المستوى الإقليمي، محولا المشروع إلى ورش مفتوح على التفكير الجماعي، والاقتراح البناء، والنقاش المستنير مع الشباب في مختلف أحياء ومقاطعات العمالة.

إن ما يميز تجربة طنجة-أصيلة في هذا السياق، هو أنها لم تتعامل مع “جيل 2030” كمجرد امتداد لهياكل الحزب، بل جعلت منه مساحة لتحرير المبادرة، ولتجديد العلاقة مع الشباب، ولربط العمل الحزبي اليومي بالإشكالات الميدانية الحقيقية: من بطالة متفشية، إلى ضعف التأطير الثقافي والرياضي، إلى غياب العدالة المجالية في توزيع الفرص والمرافق والبنيات.

القطب الإقليمي للشباب أدرك أن التحدي لا يكمن فقط في رفع شعارات التمكين، بل في جعلها واقعا ملموسا، عبر مبادرات ميدانية قريبة من الشباب، سواء داخل المؤسسات التربوية والتكوينية، أو من خلال برامج القرب، واللقاءات التأطيرية، والحلقات التفاعلية، وورشات الإنصات الجماعي.

وهذا ما يمنح لمشاركته في محطة طنجة لمبادرة “جيل 2030” قيمة إضافية، باعتبارها تعبيرا عن نضج تنظيمي وعن فهم عميق لوظيفة الحزب كجسر بين المجتمع والدولة.

لقد أصبح واضحا أن الرهانات المقبلة لن تحسمها الخطابات الجاهزة، ولا الحسابات السياسوية، بل ما سيحسمها هو قدرة التنظيمات الحزبية على احتضان الأمل، وتأطير الغضب، وفتح المجال أمام الكفاءات الشابة لقول كلمتها، ليس فقط من داخل الحزب، بل في كل دوائر القرار والتأثير.

و”جيل 2030″، بما تحمله من طموح واستبصار، ليست فقط مبادرة شبابية، بل هي مشروع سياسي بمضامين اجتماعية وثقافية وتنموية، يعيد ترتيب العلاقة بين الأحزاب والمجتمع، على أساس الشراكة والتعاقد والمصداقية.

وفي هذا الأفق، يواصل قطب الشباب بالأمانة الإقليمية بطنجة-أصيلة عمله بتفان وصبر، واضعا نصب عينيه هدفا واضحا: أن يتحوّل هذا الجيل، بكل ما يملكه من طاقة وذكاء رقمي ووعي نقدي، إلى شريك فعلي في صناعة القرار المحلي والوطني. وهي مهمة شاقة، لكنها ليست مستحيلة، حين تتوفر الإرادة، ويُصغى إلى النبض الحقيقي للشارع الشبابي، وتفتح النوافذ أمام نسمة التغيير.

هكذا، يصبح “جيل 2030” أكثر من مجرد عنوان، بل تعبيرا عن قناعة سياسية متجذرة، مفادها أن مغرب المستقبل لا يُبنى دون شبابه، وأن العمل السياسي لا يستقيم بدون إعادة الاعتبار لأهم فاعل في معادلة التنمية والديمقراطية.

إسماعيل العماري
عضو المجلس الوطني للحزب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.