رسائل تمغرابيت..هل تحققت نبوءة الأصالة والمعاصرة ؟

0 1٬331

بقلم: هشام عيروض 
         

رسخت التجربة السياسية المغربية، منذ إقرار دستور 2011، سمو منطق المؤسسات على الأشخاص والأحزاب، بحيث أن التجارب الحكومية الأخيرة أثبتت قدرة الدولة على تحقيق التوازن بين متطلبات الداخل وتحديات الخارج، دون أن تخضع لحسابات سياسية صغيرة أو أن تنصاع لتهديدات تنظيمات لا تزال تقتات من قاموس الماضي.

لذلك، وكما يقول المثقف العضوي غرامشي :”يجب على المرء أن يتحدث عن النضال من أجل ثقافة جديدة، أي من أجل حياة أخلاقية جديدة لا يمكن إلا أن ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحدس جديد للحياة، حتى تصبح طريقة جديدة للشعور ورؤية الواقع”.

هذه الرؤية التي تحدث عنها غرامشي، نجدها تتجدد ضمن سياقات سياسية ورهانات إقليمية تجعل من مغرب 2023، أمام تحديات جديدة تحتم عليه تجويد الفعل السياسي، وتفكيك المنجز وتعجيل المؤجل.

فحزب الأصالة والمعاصرة كقوة سياسية أثبت فعاليته وحاجة الساحة السياسية المغربية له خلال العشرية الأخيرة، يجدد بدوره ثقافة النضال وفق حدس نسائه ورجالاته لتحديات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمتغيرات الإقليمية والدولية.

فمع اقتراب كل موعد تنظيمي، أو استحقاق سياسي تعود بنا الذاكرة إلى مسار تأسيس حزب لم يأتي عبثا، بل تأسس للمساهمة في إعطاء نفس جديد للمشهد الحزبي ومنحه روح سياسية متجددة. وهنا نطرح سؤالا جوهريا، ماذا لو لم يؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، أو بالاحرى ماذا لو غاب هذا الحزب عن الساحة السياسية خلال العشرية الأخيرة من تاريخ المغرب وباستحضار عدد من المحطات والمواقف والتجاذبات السياسية والاهتزازات الإقليمية السوسيو اقتصادية، نعيد صياغة السؤال وفق قراءة سياسية مغايرة، ماذا لو أجلت فكرة تأسيس حزب تمغرابيت ولحقنا ما لحقنا من لهيب شمس صيف حار ظن البعض أنه الربيع المفقود.

لا يختلف اثنان أن مشروع حزب الأصالة والمعاصرة المستوحى من مخرجات تقرير الخمسينية، وتقرير هيئة الانصاف والمصالحة؛ خلّف حالة من الهذيان السياسي، أصاب عدد من منتقذي الحزب، ولأن أي مرض سياسي يحتاج إلى وصفة طبية، وتحليل في مختبر العلوم السياسية والاجتماعية، أعطت المحطات والتحولات الإقليمية التي عصفت بعدد من التجارب السياسية والمناهج والرؤى، (أعطت) شرعية كلينيكية لوصفة تامغرابيت التي أتبتث للجميع فعاليتها ونجاعتها، وهي الوصفة التي تشكل الجينات الاساسية لحزب الأصالة والمعاصرة الذي واظب على تجديد خلاياه مع التطوير والتحصين والتعقيم، بل إن هذه الوصفة أضحت محطة تقدير وإلهام لدى العديد من منظري العمل السياسي.

ما يزعج كل منتقدي حزب الأصالة والمعاصرة اليوم، أن وصفاتهم السياسية أصبحت محط تنكيت وتنمر على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، لأن الموجة الرقمية والتكنولولجيا، توثق وتحفظ وتذكر كل من لا تنفعه الذكرى التي لم تنفع بعض من ساسة المدرسة القديمة الذين لم يستحييوا طيلة سنوات على ارتداء نفس المعاطف السياسية التي تفوح منها روائح الإنتهازية والهرولة.

ولأجل تبيان هذه الحالة الهيستيرية الدونكشوتية التي أصابت عددا من أعداء وصفة “تمغرابيت”، فلنقل أننا سوف نساير أهواء من ظنوا سوءا بالدينامية التي أحدتثها الحزب من الفكرة إلى التأسيس إلى العمل الميداني، تصوروا ماذا سيجد المواطن المغربي أمامه يعتلي المشهد السياسي، نفس الوجوه، نفس الملامح، نفس الروتين السياسي اليومي الذي يزداد بؤسا يوما بعد يوم، كأنها مسرحيات سياسية باخراج باهث وفي أحايين كثيرة بدون اخراج فني اصلا. ولكن في المقابل من سيدفع الضريبة، الوطن طبعا !!!!.

كيف يعقل أن الكثير من النخب السياسية المتقادمة عوض أن تجد إجابات موضوعية وآنية للإشكالات المجتمعية المعاصرة، تفننت في زمن قريب في مهاجمة مشروع سياسي متجدد اختار الوطن عنوان له وجعل من العدالة الاجتماعية منهجا له؟.

كيف يعقل أن النخب السياسية، قبل سنوات قليلة، اجتهدت في محاربة مشروع الاصالة والمعاصرة عوض محاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية؟.

كيف يعقل أن عرابي المشهد السياسي السابق علقوا مسؤولية جميع إخفاقاتهم المتكررة على عاتق حزب يافع أراد لنفسه منهجا جديدا ومتجددا وما فتئ يبرهن للجميع أنه فعلا وفي لممارسة السياسة بشكل مغاير ويكفي أن نتأمل معا اليوم في موقع حزب الأصالة والمعاصرة داخل المؤسسات (حكومة، برلمان، جهات، جماعات) فبعد أن تمت شيطنة البام ومحاولة عزله ها هو اليوم يساهم اليوم من مختلف مواقعه في التأسيس لجيل جديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وجدد الفعل السياسي ويكسر العديد من الطابوهات الراسخة في مجتمعتنا واقتادتها ومنظومة اتخاد القرار.

يكفينا اليوم فخرا واعتزاز أن المغاربة تملكوا الفكرة الأم لتمغرابيت وهذا في حد ذاته إنجاز كبير للحزب ويجيب لوحده عن المتربصين والحاقدين على مشروع الأصالة والمعاصرة فدعونا نجدد السؤال معا:

تصوروا معي، ماذا لو أجلت فكرة تمغرابيت؟ … فقط تصوروا معي وكفى !!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.