عائشة عز تكتب: وادي زم وثورة الملك والشعب ..من ثورة لأخرى

0 1٬667

حلت ذكرى إنتفاضة مدينة وادي زم التاريخية هذه السنة، كما كان الحال منذ جلوس محمد السادس على العرش، تزامناً مع الذكرى 66 لثورة الملك الشعب، التي ألقى الملك بمناسبتها، خطابا وضع النقط على الحروف في ما يتعلق بالتنمية وكيف يجب أن تهمّ المواطن المغربي أينما كان في ربوع المملكة وجهاتها و أن يستفيد من أوراشها على قدم المساواة.

قصة ثورة الملك والشعب إنطلقت يوم 20 غشت 1955، بعدما طالت يد المحتل الغاشم أب الأمة الملك الراحل محمد الخامس طيب الله ثراه، وعمل على نفيه إلى مدغشقر، حينها خرج المغاربة من كل فج عميق إلى شوراع الانتفاضة، ضد المحتل الفرسي، مرددين عبارات إدانة عدة لعل من أبرزها:” بن يوسف إلى عرشه والاستعمار إلى قبره”.

لم يقف المغاربة، كل المغاربة عدا الخونة والعملاء وهم قلة قليلة، في التصدي للمستعمر الغاشم، بالكفاح المسلح، وهنا نتذكر إنتفاضة الدار البيضاء، و علملية قلب القطار الذي كان يربط بين مراكش و وهران من طرف أبطال المقاومة بالقنيطرة، وغيرها من الأحداث التي أفقدت المحتل صوابه، وأكدت تلاحم العرش والشعب.. لا بل ثورة الملك والشعب.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلابد من إستحضار يوم خرجت مدينة وادي زم عن بكرة أبيها، بما فيها قبائل السماعلة وبني خيران وبني سمير، في إنتفاضة تاريخية ضد المستعمر الفرنسي، مصرّين على أن يرحل ويعود الملك محمد الخامس من منفاه.

صحيح أن وادي زم مدينة صغيرة لكنّ موقعها الإستراتيجي فوق هضبة ورديغة جعل المحتل الفرنسي ينشئ فيها ثكنة عسكرية تمكنه من التوغل إلى جبال الأطلس والقضاء على المقاومة.. وقد سمّاها المستعمر “فرنسا الصغرى”، بل أقام فيها بحيرة على هيأة خريطة فرنسا لا تزال قائمةً حتى يومنا هذا.

لكنْ رغم كل محاولات المحتلّ طمس هويتها وخنق تحركات المقاومين فيها، فقد أدهشت وادي زم المجاهِدة العالم بمقاومتها البطولية ولقّن أبطالها المحتلّ الفرنسيَ درسا لن ينساه في الوطنية والمقاومة وحب الوطن والأرض.

هكذا شهدت المدينة أحداثا بطولية سجّلها تاريخ المقاومة بمداد الفخر، ثورة أرعبت المحتل وقلبت كل الموازين والحسابات وأرغمت الحكومة الفرنسية على تغيير موقفها بعدما كبّدتها انتفاضة قبائل وادي زم خسائر جسيمة في الأرواح والعتاد.

وكان مفجعا سقوط المئات من أبناء وبنات وادي زم فداءً للوطن والحريّة، بينهم نساء، أولهنّ عائشة بنت علال، كما أعدم البطلان بن داود الغزلاني السميري ومحمد بن عيادة السمعلي في اليوم نفسه بعدما أصرا على عدم الهروب والاختباء وظلا وسط ساحة المعركة في مواجهة الرّشاشات ومئات الجنود، إلى أن اعتقلا وأعدما رميا بالرصاص فورا.

وبعد شهور من انتفاضة وادي زم، احتفل المغرب بعودة ملكه محمد الخامس وباستقلال أراضيه. وبعد استقلال المغرب في 1956 لقّبت وادي زم بـ”مدينة الثورة والشهداء”، التي تتطلع اليوم، كغيرها من المدن المجاهدة، إلى نيل حظها في التنمية ورد الاعتبار…

هي إذن ثورة ملك وشعب تتجدد منذ عهود، تربط الحاضر بالماضي، والجهاد الأكبر بالجهاد الأصغر، في مسيرة نماء يريد الملك رؤية نتائجه المباشرة على المغاربة، خصوصا في المغرب العميق، وهو ما تحدث عنه الخطاب الملكي يوم أمس عندما قدم من قاعدة الطموح في إرساء مغرب العدالة والمساواة، مفاتيح مستقبل النموذج التنموي كمدخل لتنزيل أوراش محاربة الفقر والهشاشة وتنمية المجال والإنسان، من طنجة إلى الكويرة..

 

عضو المكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.