عائشة عز في حوار مع موقع le12.ma
حوار مع العز: “البام ليس حزب لن نسلمك أخانا” – “المصالحة سبقت المبادرة” “أين العثماني من التكليف الملكي؟” – “نؤدي ثمن إختيار التخليق”
شاركت عائشة عز، القيادية عن الجيل المؤسس لحزب الأصالة والمعاصرة، في الاجتماع “المارطوني” الأخير للمكتبين السياسي والفيدرالي، الذي تناول العديد من القضايا الوطني والتنظيمية التي تهم الحزب، لعل أبرزها مبادرة المصالحة التي أعلن عنها الأمين العام، حكيم بن شماش، والرد الصارم للحزب على تدخل زعيم “البيجيدي” في خلافات “البام”، وتجديد مطالبة الدولة والجهات المخولة بمحاسبة ناهبي المال العامّ، حتى لو كانوا يركبون “الجرار”..
عن كواليس هذا الاجتماع ومخرجاته ومواقفه، وأشياء آخرى يدور حوار صحيفة “le12.ma” مع عائشة عز، القيادية التي تعدّ من الجيل المؤسس لحزب الأصالة والمعاصرة.
أجرى الحوار: جواد مكرم
-بداية، كقيادية من الجيل المؤسس لحزب الأصالة والمعاصرة، أين وصل الخلاف الدائر بين “الرفاق/ الفرقاء” داخل الحزب؟
*في الحقيقة، أظن أنه مع توالي الأيام بدأت تظهر مجموعة من الحقائق التي تؤكد لجميع المناضلين الحقيقيين المؤمنين بحزب الأصالة والمعاصرة كفكرة وكمشروع، أن جيوب مقاومة حزب بحجم “البام” وما له من دور في ضبط التوازنات السياسية بالبلاد في ظل التحديات المطروحة، وعلى رأسها المد الإخواني والإسلام السياسي، لم تعد تقتصر على خصوم الميدان السياسي، بقدر ما هناك من يسعون إلى محو هذه المعادلة الصعبة في المشهد الحزبي المغربي، عبر التطبيع مع الخصوم والنيل من مشروع الحزب والتحرش بقادته، خاصة من هم في صف الشرعية والمؤسسات؛ لذلك عبر بلاغ للمكتبين السياسي والفيدرالي، في اجتماعهما الأخير، عن تشبثهما بوحدة الحزب، عبر تجسير الطريق إلى المصالحة وتدبير الخلاف في إطار المؤسسات، بعيدا عن تدخل أي جهة، كيفما كانت، في الصراع الداخلي في الحزب.
-في خضمّ ذلك، تحدث بلاغ المكتبين السياسي والفيدرالي عن تجديد نداء المصالحة، بعدما كان بلاغ سابق قد أغلق باب “المصالحة” ألا ترون أن في ذلك تناقضا؟.
*دعني أشكركم على هذا السؤال، لأنه سيمكّنني من رفع اللبس عن سوء فهم البعض لهذا الموضوع، فإذا لاحظتم فإن جزءا من التوضيح ورد في سؤالكم عندما قلتم تحدث بلاغ للمكتبين السياسي والفيدرالي عن تجديد أقول تجديد نداء المصالحة.. بالفعل، إنه تجديد لنداء المصالحة، وهذه المرة من داخل مؤسستَي المكتبين السياسي والفيدرالي، طالما أن الأمين العام، حكيم بنشماش، كان قد أعلن -في وثيقة بخط اليد- مبادرة المصالحة والإطار الذي يجب أن يستوعبها. وحتى بالعودة إلى بلاغ المكتب السياسي السابق، فهو لا يعلن القطيعة مع المصالحة مع الجميع.. بالعكس، لقد جرى تأويل روح البلاغ من قبَل البعض بكيفية لا تعكس الحقيقة، والتي تعني أنْ لا مصالحة بالفعل مع من اتّخِذت في حقهم قرارات طرد، وأن من لم تتخذ بحقهم قرارات طرد فهم أبناء الحزب، ولا أحد يمنعهم من ذلك ما عدا خروجهم عن ضوابط وقوانين الحزب، وهذا ينطبق على الجميع، بمن فيهم المناضلة عائشة عز؛ لذلك فالمصالحة تكون مع من يوجد بيني وبينه خلاف في وجهات النظر أو خصومة تحفظ الحد الأدنى من الاحترام بيننا، وليس مع من اتّخِذ في حقه قرار بالطرد.. وعليه، فعندما تناول بلاغ المكتب السياسي الماضي وثيقة الأمين العام حول مبادرة المصالحة وتجديد المكتبين، السياسي والفيدرالي، دعمهما لنداء المصالحة، نجد أن الأمور منسجمة مع بعضها البعض ولا تناقض فيها، بل هي دعوة متجددة تؤكد، من مناسبة إلى أخرى، أن نداء المصالحة الذي أطلقته الشرعية يعبّر عن إجماع بامي من داخل المؤسسات، وهذا ما يجعلنا في الموقع السليم حيال تدبير هذا الموضوع. وعلى الطرف الآخر تقع مسؤولية التفاعل الإيجابي مع دعوتنا إلى مصالحة، تحت رقابة التاريخ، أولا، وأمانة مشروع حزب البام، ثانيا.
-وردت في جوابكم الإشارة إلى أن الأمين العام أعلن مبادرة المصالحة وحدّد إطار التعاطي معها، وهذا ما ثمّنه المكتبان السياسي والفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة.. هل من توضيح حول هذا الإطار؟ وهل التثمين يعني التفويض؟.
*أولا، كما سبق أن قلت، إن مبادرة الأمين العام هي امتداد طبعي لما سبقه من رسائل استعداد قيادة الحزب للحوار والمصالحة، ودائما مع من لم تُتخَذ في حقهم قرارات بالطرد، ثانيا تثمين المكتبين السياسي والفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة للرسائل التي حملتها روح مبادرة التي أطلقها حكيم بن شماش، الأمين العام للحزب، بتاريخ 23 شتنبر 2019، جاء ليضفي على المبادرة طابع التأييد بالإجماع من داخل مؤسسات الحزب، بقيمة المكتبين السياسي والفيدرالي. وبالعودة إلى البلاغ الصادر في الموضوع، نجده يتحدث عن التثمين وليس عن التفويض، وفي ذلك رسائل كثيرة حول كون الأمين العام والمكتب السياسي والفيدرالي وباقي المؤسسات ذات الصلة تدبّر شؤون الحزب وقضاياه وفق مقاربة تشاركية لا تخضع لمنطق الشيخ والمريد والاملاءات الفوقية…وعليه، فإن إشادة المكتبين، في اجتماعهما المشترك الذي عقداه الأحد برئاسة بن شماش لتدارس مستجدات الدخول السياسي وتطورات الوضع التنظيمي في سياق الإعداد للمؤتمر الوطني الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة، بالرسائل الوحدوية لمبادرة الأمين العام يعكسان مدى وعي المكتبين السياسي والفيدرالي بالمسؤوليات الملقاة على عاتق الحزب في المرحلة الراهنة ومختلف التحديات التي تنتظر البلاد، وهو عنوان بارز لوجود إرادة قوية في الحفاظ على وحدة الحزب، بتغليب صوت الحكمة، والارتهان إلى منطق المؤسسات وقواعد الديمقراطية الداخلية، كما جاء في البلاغ المشترك.
-وماذا عن الإطار المستوعب للمبادرة؟
*الإطار المستوعب للمبادرة لا يخرج، إطلاقا، عن آليات التدبير العقلاني والمؤسساتي للخلاف، لذلك أكد المكتبان السياسي والفيدرالي أن تثمينهما للمبادرة ينطلق من ضرورة إطلاق حوار داخلي يوجهنا إلى المؤتمر الوطني الرابع بشكل موحد، خارج منطق التسويات والترضيات الفوقية وخارج لغة المنتصر والمنهزم وبالاحتكام، أولا وأخيرا، إلى مؤسسات الحزب، وبعرض النتائج التي سيفضي إليها هذا الحوار الداخلي على أنظار المجلس الوطني للحزب، بوصفه أعلى جهاز تقريري ما بين المؤتمرين ، وهو تأطير مؤسساتي للمبادرة، عززه المكتبان السياسي والفيدرالي عندما اعتبرا أن تكريس قواعد الشرعية الديمقراطية والسياسية للحزب في المشهد السياسي الوطني يفترض الاحتكام المطلق إلى المؤسسات الحزبية باعتباره الرهانَ المطلوب من أجل ضمان وتكريس مصداقية ونزاهة الممارسة الحزبية في بلادنا، بعيدا عن تدخل أي جهة، كيفما كانت، في الصراع الداخلي في الحزب.
– أين يتجلى البعد المجالي في مبادرة المصالحة؟
*لقد أخذ المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة على عاتقه نقل المبادرة المصالحة إلى الأقاليم والجهات، للتداول بشأنها، لأننا بالفعل نريدها مصالحة شاملة، تستشرف المغرب الممكن بكل ثقة، أخذاً في الاعتبار التحديات الصعبة المطروحة على بلادنا، وكذلك مسؤولية حزبنا في لعب أدواره النبيلة في تأطير المواطن والدفاع عن قضاياه والانخراط في تنزيل التوجيهات الملكية ذات الصلة بأدوار الفاعل الحزبي والسياسي في الحياة العامة، وإعادة الاعتبار للعمل السياسي، عبر تخليق المشهد الحزبي والسياسي؛ وهذا ما عبّرنا عنه في العديد من المحطات وجرى تجديد التأكيد عليه في اجتماع المكتبين السياسي والفيدرالي، عندما شددا، في بلاغ لهما، على أن تحقيق هذا المطلب المجتمعي القوي كضرورة لاستنهاض همم المواطنات والمواطنين وللتعبئة الجماعية من أجل الانخراط في مختلف الأوراش الوطنية الكبرى يتوقف حتما، على الإعمال الصارم، وبدون تردد، لقواعد المحاسبة المبنية على أسس وقواعد القانون بمحاسبة المفسدين وناهبي المال العام والمستهترين بأمانة تمثيل المواطنين العظمى وكل المسؤولين المتورطين أو الذين تحوم حولهم شبهات بناء على تقارير المجلس الأعلى للحسابات.
-هل الدعوة إلى الإعمال الصارم وبدون تردد لقواعد المحاسبة تشمل حتى من يتحملون مسؤولية تدبير الشأن العام من المنتمين إلى حزب البام أم تعني غيرهم؟.
*نحن لسنا حزب “لن نسلمك أخانا” حتى نستثنيَ من يتحملون مسؤولية تدبير الشأن العام باسم حزب البام وثبت تورطهم في نهب المال العام والاستهتار بأمانة تمثيل المواطنين العظمى أو المتورطين أو الذين تحوم حولهم شبهات بناء على تقارير المجلس الأعلى للحسابات، من دعوتنا، الحكومة والقضاء ومؤسسات المخولة، إلى الإعمال الصارم وبدون تردد لقواعد المحاسبة.. لقد رفعنا رهاناً وليس شعارا، رهان التخليق بكل ثقة داخل حزب الأصالة والمعاصرة، ونواصل تنزيل هذا الرهان على أرض الواقع، ونحن نعرف أننا سنتعرض لضربات تحت الحزام، لكنّ كل شيء يهون في سبيل تنزيل حزب الأصالة والمعاصرة، قيادة وقواعد، للتوجيهات الملكية الواردة في باب تخليق الحياة السياسية والحزبية، وثانيا في سبيل المصالحة مع المغاربة والتماس العذر والسماح منهم، سواء من صوّتوا أو لم يصوتوا على مرشحين ترشحوا باسم البام في المكان الخطأ والزمن الخطأ، ونعدهم بأننا نخوض معركة التخليق من أجل الوطن والمواطن حتى نكون حزب المغاربة وللمغاربة.
-معروفٌ أنكم حزب غير معني بالمشاركة في حكومة العثماني، لكن هذا لا يعني أنكم بمعزل عن الاهتمام بتدبير رئيس الحكومة تكليفا ملكيا بتعديل حكومي مؤسس على الكفاءات، كما دعا إلى ذلك ملك البلاد.. كيف تتابعون الموضوع؟
*أولا، على ذكر جلالة الملك، دعني أغتنم هذه الفرصة لكي أعرب لجلالته عن متمنياتنا له بالشفاء العاجل وبموفور الصحة والعافية، إثر الوعكة الصحية التي ألمّت به، وبالعودة إلى سؤالكم فنحن، كغالبية المغاربة، نتابع تدبير رئيس الحكومة تنفيذ تعليمات جلالة الملك حول التعديل الحكومي بقلق بالغ من فشله المتوقع في تنفيذ هذه المهمة، بدليل عجزه، حتى الآن، عن مصارحة الرأي العام حول مجريات المفاوضات بين الأحزاب المعنية، إن انطلقت أصلا.. فالسيد رئيس الحكومة يحاول التغطية على فشله عبر حشر أنفه في الشؤون الداخلية لحزبنا، عندما ترك المهام الجسام التي يحتمل أمانتها على عنقه ليهرول نحو لقاء حزبي له في أكادير متحدثا، بشكل لا علاقة له ببروفيلات رجال الدولة، عن حزب الأصالة والمعاصرة بقاموس الشّماتة، من وضع صحي يمر منه “البام”، والذي يدفع عبره ثمن محاولة البعض جعل الأصالة والمعاصرة دُمية في يد قادة بحزب “الإخوان”.. وهنا أتحدى حزب العدالة والتنمية أن يفتح نقاشا صريحا وديمقراطيا حول وضعه التنظيمي بعيدا عن انغلاقية الشيخ والمريد، كما نتحداه أن يقدم اعتذارا، لمؤسسات الدولة، عن رفعه فزاعة “لن نسلمك أخانا” مع بدء محاكمة فاس أو الانخراط في تنزيل توجيهات التخليق التي دعا إليها جلالة الملك في أكثر من خطاب بإعلان مطالبته بمحاكمة ومحاسبة المتورطين من حزبه في سوء الحكامة، أو الاعتذار للمغاربة عن الكوارث التي تسبب فيها للمغاربة، رهن مستقبلهم للمديونية الخارجية، في المقابل نجد أن حزب الأصالة والمعاصرة انخرط في مسلسل التخليق بكل ثقة في النفس، تقديرا للحظة السياسية الصعبة التي تمر بها بلادنا بسبب السنوات العجاف الحكومية التي يؤدي الشعب ثمنها منذ وصول العدالة والتنمية إلى السلطة قبل ثمانية أعوام.