فيطح: سيحفظ التاريخ لهذه الحكومة أنها سارت على نهج الحماية الاجتماعية ونالت شرفَ التنزيل الفعلي لورشٍ ملكيٍّ جَعَلَ كَرامة الـمغاربة غير قابلة للـمساومة

0 333

أكدت عضو الفريق النيابي للاصالة والمعاصرة قلوب فيطح، أن التاريخُ سيحفظ لهذه الحكومة أنها حكومة الحماية الاجتماعية، وسَيَذْكُرُ الـمنصفونَ من الباحثين أنها نالت شرفَ التنزيل الفعلي لورشٍ ملكيٍّ جَعَلَ كَرامة الـمغاربة غير قابلة للـمساومة أو الامتهان، والشاهد في ذلك أنها اتخذت في ظرف قياسي إجراءات ملموسة كان لها الأثر الـمباشر على ملايين الــمواطنين.

وأبرزت فيطح في مداخلة لها بمناسبة مناقشة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2022-2023، يومه الثلاثاء 6 فبراير 2024، أن المجلس قد أبلى البلاء الحسن في هذا الورش، من خلال انخراطه في تجويد النصوص التشريعية الـمتصلة بهذا الإصلاح الكبير، والـمصادقة عليها في وقتٍ معقول، حتى تأخذ طريقها نحو التطبيق.

واعتبرت السيدة فيطح أن هذا الـموعدُ السنويُّ الـمخصصُ لـمناقشةِ تقرير الـمجلس الأعلى للحسابات، يكتسي أهميةً بالغةً، بالنظر إلى الأحكام الدستورية التي تُؤَطِّرُهُ، وحجم الـمؤسسة التي تُصْدِرُهُ، وتكامل الأوراش التي شملها التقرير بالتتبع، وراهنية السياق السياسي والحكومي الذي تجري في ضوئه هذه الـمناقشة، خصوصا أننا على بُعْدِ أسابيعَ قليلة تَفْصِلُنَا عن منتصف الولاية الحكومية، بما يستدعيه ذلك من وقفة تأمل في الـمنجز الحكومي الـمحقق.

وأوضحت المتحدثة أن عمل الـمجلس الأعلى للحسابات، ظَلَّ منذ إحداث اللجنة الوطنية للحسابات سنة 1960، يحظى بمكانة سامية، وتقريره السنوي جزءٌ من هذه الـمكانة الرفيعة، حيث شَكَّلَ إحداثه سنة 1979، محطةً بارزةً، قبل أن يقرر الـمشرع الدستوري الارتقاء به إلى مؤسسة دستورية، سنة 1996، حيث سرعان ما سوف يتعزز هذا الصرح الـمؤسساتـي الراسخ، بصدور مدونة الـمحاكم الـمالية، سنة 2002، والذي يشكل مرور أزيد من عقدين من الزمن على اعتمادها، مناسبةً سانحةً للتفكير في إطلاق ورش مراجعتها لتواكبَ الـمستجدات التي أسس لها دستور 2011، ومجموع ما نَتَجَ عن الـممارسة من قواعد وأحكام جديدة.

وأشارت النائبة البرلمانية إلى أن ما تَتَضَمَّنه تقارير المجلس من معطيات بخصوص مساءلة الـمدبرين العموميين، يُعدّ من صميم تفعيل مبدأ ربط الـمسؤولية بالـمحاسبة، إلا أن ذلك لا يـمنع من الاجتهاد في تحصينِ نموذجنا الـمتميّز في الرقابة على الـمال العام، من خلال قطع الطريق على كلٍّ مدعٍ يُريدُ سوءًا بهذه الـمقتضيات الدستورية، أو يرمي إلى إحداثِ ضررٍ بصورة مؤسساتنا الـمنتخبة.

وقالت فيطح في مداخلتها، “تَقْتَضِي الواقعية السياسيَّة قَول الحقيقة كما هي، ليس مُزايدةً أو هروبًا إلى الأمـام، بل من بَابِ إعمال مقتضيات الشفافية والصراحة، لذلك بالقدر الذي كان البرنامج الحكومي طَمُوحًا وواقعيا”، مشيرة إلى أن الحكومة واجهت من الصعاب مُـجْتَمِعَةً، مَا لَـمْ تُوَاجِهْهُ حكومةٌ من قَبْل، حيث وَجَدَتِ أمامها إرثــًا ثقيلاً من سُوءِ التدبير، والتأخر في تفعيل الإصلاحات الـمطلوبة، والتردد السياسي في اتخاذ ما يلزم من قرارات.

وذكرت فيطح أنه في الوقت الذي جادت به السماء، خلال العقد الـماضي، من الأمطار ما يسمحُ بأريحيةٍ في الفعل الحكومي، فإن الحكومة الحالية واجهت معضلةً حقيقية تمثلت في الجفاف، وما نَتَجَ عنه من نقصٍ حادٍ في الـموارد الـمائية، وقد انكبت الحكومة على معالجة هذا الوضع بتدابير استعجالية، خصوصا أن هذا الأمر شَكَّلَ موضوعَ عناية ملكية موصولة.

واعتبرت فيطح أن اهتمام الـمجلس الأعلى في تقريره بموضوع تثمين السدود، يكتسي الكثير من الراهنية، لأن الاستثمار في تشييد السدود، هو استثمارٌ في الـمستقبل، ولولا إطلاق سياسة السدود سنة 1967، بحكمةٍ متبصرة من الـملك الراحل الحسن الثانـي، لكان الوضع اليوم أصعب مما هو عليه، وقد كان دالا جدا ما وَرَدَ في التقرير من أنه خلال الفترة ما بين 2010 و2020 لـم يتم إتمام تشييد سوى 16 سدا كبيرا من أصل 30 سدا كانت مبرمجة خلال هذه الفترة، ليعرف الـمغاربة حقيقة من يتحملّونَ مسؤولية ما يتهدّدهم اليوم من عطش.

وذكرت المتحدثة أنه إلى جانب آثار معضلة الجفاف الـممتد، وتداعيات كوفيد الكاسح، كان للحرب الروسية – الأوكرانية تأثيرها الشديد على السوق الدولية، وعلى السوق الوطنية بالتبعية، من حيث الارتفاع الكبير في أسعار الـمواد الأساسية، وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية لـم تعرفه منذ سنة 1992، الأمر الذي مثّلَ تحديا كبيرا للحكومة، مما استدعى التعامل مع هذا الواقع بالكثير من الصراحة، دون الانجرار إلى دغدغةِ عواطف الناس أو بيعهم الوهم، أو تسويق ما لا يمكن الوفاء به، لذلك ظلت الحكومة واقعية وعقلانية في الفرضيات الـمؤطِّرة لـماليتها العمومية.

والى جانب ذلك، تطرقت عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة إلى مواجهة الحكومة زلزالا طبيعيا مدمرا، أودى بحياة ما يُقارب ثلاثة آلاف شخص، تقبّلهم الله في عداد شهدائه الأبرار، وهو الزلزال الذي كان مليئا بالدروس والعبر، أَبَانَ فيه الـمغاربة قاطبة عن ملاحمَ لا تنضبُ في معانـي التضامن والتآزر والتآخي، لذلك كان ضروريا تعبئة موارد غير مسبوقة، بإشراف مباشر من جلالة الـملك، حفظه الله.

وأكدت فيطح أن المجلس لا يدخر جهدا في الإسهام، من موقعه التشريعي، في الـمصادقة على النصوص التشريعية الـمندرجة في سياق مواجهة الزلزال، ولا سيما النصوص الـمرتبطة بإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير، ومنح الأطفال ضحايا زلزال 08 شتنبر 2023 صفة مكفولـي الأمة.

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.