قطر.. بزندوفة تستعرض التجربة المغربية في مقاربة النوع الاجتماعي

0 111

عبرت النائبة البرلمانية نادية بزندوفة، باسم مجلس نواب المملكة المغربية خلال مداخلتها في المؤتمر العالمي للنساء البرلمانيات، المنظم من طرف مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب بالدوحة دولة قطر، عن إشادتها لاختيار موضوع يستمد أهميته من مركزية الإنسان في النسق الكوني، مبرزة أن دور البرلمانيات والبرلمانيين في الترافع والدفاع عن قضايا من يمثلون تعتبر من أنبل المهام الموكولة لهم، وإذا كان الأمر يتعلق بالنساء والفئات المجتمعية الهشة، فنبل المهمة يتضاعف، خاصة وأن هذه الفئة المجتمعية غالبا ما يكون دعمها نسبي وغير شامل.

وطرحت النائبة بزندوفة ضرورة التفكير في مقاربات مندمجة وشمولية لتطعيم تشريعاتنا الوطنية ولنتقاسم ثمار أفضل الممارسات في هذا المجال، مضيفة أن الأمر لا يتعلق فقط بتخصيص نسب من المقاعد، أو تطوير تمثيلية النساء في مختلف المواقع، بل يتجاوز ذلك إلى إرساء ثقافة المشاركة الفعلية المتساوية والمنصفة لكلا الجنسين في تدبير مختلف جوانب الحياة الخاصة والعامة، مع الحفاظ على كرامة كل الأفراد.

كما أشارت النائبة إلى أن السياق الدولي عرف حملة واسعة للنهوض بوضعية المرأة، وتم تشجيع السياسات الحكومية على نهج إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية تخول المرأة ولوج ميادين متنوعة كانت إلى حـين حكرا على الرجل، مستعرضة ما حققته المملكة المغربية من إنجازات مهمة في إدماج مقاربة النوع الاجتماعي بشكل أفقي في جميع مخططات السياسات العمومية، ضمانا للمساواة بين الجنسين، وتكريسا لمأسسة هذه المقاربة وجعلها رافدا في إقرار وضعية عادلة ومنصفة، وذلك من خلال ترسيخ مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص كقيم دستورية، واكبها تبني مجموعة من القوانين والإصلاحات على رأسها السياسة العمومية المندمجة للمساواة بالإضافة إلى عدد من الاستراتيجيات من أجل النهوض بحقوق المرأة.

وأكدت بزندوفة أن الإطار القانوني يعتبر في المغرب بمثابة أرضية ملائمة لتعزيز المساواة بين الجنسين وعدم التمييز على أساس الجنس، فدستور المملكة لسنة 2011، باعتباره القانون الأسمى للبلاد، يحظر “كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الإعاقة أو أي وضع شخصي، مهما كان”، كما أن مقتضياته تنص على مبدأ المساواة في الحقوق بين الجنسين بما فيها الحقوق المدنية والسياسية، الاجتماعية والثقافية والبيئية ، وحق السلامة الجسدية والمعنوية ، وكذا مبدأ المناصفة من خلال إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، حيث تم اعتماد القانون رقم 14ـ79 المتعلق بهذه الهيئة سنة 2017 .كما اعتمد المغرب سنة 2015، مشروع قانون الموافقة على البروتوكول الاختياري الملحق لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وعرجت المتحدة ذاتها على المدونة التي شكلت منعطفا حقيقيا في تاريخ التشريع المغربي، وقفزة نوعية في تاريخ تعزيز حقوق المرأة والطفل، حيث تم تغيير بنود قانون الأحوال الشخصية لصالح المرأة والطفل، خاصة فيما يتعلق بحقها في الزواج والطلاق والولاية والحضانة. وتلت هذه الخطوة العديد من الإنجازات من أهمها: منح الأم المغربية الجنسية لأبنائها من زوج غير مغربي، كما تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف والتحرش الجنسي ضد النساء، واستحدثت مراكز استماع وخلايا للنساء المعنفات في المستشفيات ومراكز الشرطة وجمعيات المجتمع المدني.

واسترسلت أن المشرع المغربي وسعيا منه نحو تجسيد مبدأ المناصفة التي نص عليها الدستور، يواصل تعزيز حضور المرأة في الهيئات المنتخبة، وذلك من خلال سن مقتضيات في القوانين التنظيمية المؤطرة للمنظومة الانتخابية بهدف تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولوج المهام الانتخابية بالرفع من مستوى التمثيل النسائي بالهيئات المنتخبة. وهكذا، فقد طرح القانون التنظيمي رقم 04.21 المتعلق بمجلس النواب، تصورا بديلا بالنسبة إلى الدائرة الانتخابية الوطنية التي تم إقرارها بقصد توفير الآلية التشريعية الكفيلة بضمان ولوج المرأة إلى الوظيفة الانتخابية البرلمانية وإتاحة الفرصة للشباب ذكورا وإناثا من أجل الاضطلاع بالمهام التمثيلية النيابية.

أما على مستوى وضعية المرأة في الأحزاب السياسية، وفي محاولة منها لربط التغيير المجتمعي والسياسي الذي طال الصفوف النسائية بالمغرب، أوضحت النائبة بزندوفة أن الأحزاب اهتمت بدورها بسياسة الدفع بالمرأة إلى ولوج الحياة السياسية وبقوة، خاصة وأنها كانت تعي جيدا أن المسؤولية الرئيسة في دعم المرأة في البرلمان والمجالس النيابية ملقاة على عاتق الأحزاب، وهو ما ينص عليه الدستور المغربي صراحة في فصله السابع”.

أما في مجال محاربة العنف ضد النساء، كشفت نادية بزندوفة أن المغرب عزز نظامه المؤسساتي والقانوني باعتماد القانون 103.13 بشأن محاربة العنف ضد النساء سنة 2018، فضلًا عن الآليات المؤسساتية للتكفل بالنساء ضحايا العنف ومنع جميع أشكاله، وضمان الدعم والتوجيه والدعم اللازمين لولوج المصالح المتوفرة.

وفي إطار مواكبة دعم تنفيذ هذا القانون، يتناول مرسوم تطبيقه، المنشور في ماي 2019، مجموعة من المواقف التنظيمية التي تنطبق بشكل رئيسي على آليات رعاية النساء ضحايا العنف. وهكذا تم إحداث اللجان الوطنية والجهوية والمحلية وكذلك خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف، مضيفة أنه ومن جهة أخرى، شملت التدابير المتخذة أيضا، إحداث كل من المرصد الوطني للعنف ضد النساء وأيضا المرصد الوطني لصورة المرأة في وسائل الإعلام منذ سنة 2014.

وفي هذا الصدد، أنشأت المديرية العامة للأمن الوطني خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف على صعيد 440 دائرة أمنية لضمان استقبال هؤلاء الضحايا في ظروف مثلى. بالإضافة إلى الخلايا المؤسساتية المنشأة على مستوى خدمات الدرك الملكي والمستشفيات والمحاكم.

وبالإضافة إلى هذه الإجراءات، يتم تنظيم حملات تحسيسية سنوية لمحاربة هذه الظاهرة، وقد تم تعزيز جميع هذه التدابير من خلال إطلاق برنامج لإنشاء 65 فضاء متعدد الوظائف للنساء على المستوى الجهوي والمحلي لرعاية النساء ضحايا العنف (استقبال، استماع، سكن مؤقت، توجيه ومواكبة طبية ونفسية واجتماعية) وإطلاق استراتيجية وطنية 2020-2030 لمحاربة العنف ضد النساء.

وفي ذات السياق، شددت النائبة البرلمان على أنه لطالما كانت المملكة المغربية منخرطة بشكل فعال في تنزيل التزاماتها الدولية، التي تتماشى مع استراتيجياتها الوطنية وتصب في صلب المسار التنموي المغربي في مختلف المجالات. لكن العمل على تحقيق المساواة لا زال مستمرا ويحتاج تظافر عدة جهود، وتسخير كل الموارد لبلوغ الهدف المنشود، ويظل تحقيق التكافؤ وتعزيز دور المرأة حاضرا في صياغة مختلف القوانين وبناء برامج وطنية من أجل تمكين المرأة من نفس الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الرجل في مختلف الميادين، لكن من منظور عام، لا يمكن الانكار أن اختلاف الواقع المجتمعي والتفكير الجمعي لكل شعب يظل تحديا قائما امام تنزيل هذه الرؤى في مختلف بلدان العالم، وهو ما يجعلنا مطالبون اليوم، بتسخير كل إمكاناتنا وطاقاتنا من أجل تنسيق المواقف وتوحيد الرؤى لتحقيق تطلعات من نمثلهم، وإحداث آليات فعالة للتعاون في مجال اعتماد مقاربات النوع بكل أبعادها، وتبادل الخبرات والتجارب بهذا الخصوص، مشددة على أنه حان الوقت لبناء عالم يسوده السلم والأمن والطمأنينة.

إبراهيم الصبار

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.