قلوب فيطح تنوه بالمستجدات التي تضمنها مشروع قانون المسطرة الجنائية وتؤكد أنها ستعزيز المنظومة الحقوقية للمملكة
جددت، عضو الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة قلوب فيطح؛ التنويه بمختلف ما تضمنه مشروع قانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، من مستجدات مهمة جدا، والتي من شأنها تعزيز المنظومة الحقوقية للمملكة، معتبرة أن مناقشة هذا المشروع في لجنة العدل والتشريع، لن تزيد النص إلا تجويدا وتدقيقا، بما يحمي حقوق المواطنات والمواطنين ويصون كرامتهم.
وأكدت السيدة فيطح في مداخلة لها باسم فريق البام النيابي خلال المناقشة العامة للمشروع يوم الأربعاء 12 فبراير 2025، بلجنة العدل والتشريع، بحضور وزير العدل، أن المناسبة لحظة دستورية وتشريعية وحقوقية بالغة الدلالات والمعاني، بالنظر إلى ما يكتسيه قانون المسطرة الجنائية، نصا ومشروعا، من أهمية كبيرة في النسق الحقوقي والقضائي لبلادنا.
وقالت فيطح في مداخلتها، إنه “لمن دواعـي الفخر والاعتزاز أن نكون جميعا جزءا من هذا الإصلاح العميق والشامل لمنظومتنا الحقوقية، في شقها التشريعي والمسطري، نُهوضا منا بأدوارنا الدستورية ذات الصلة، وذلك عملا بأحكام الدستور، ولا سيما الفصل الثاني منه، الذي تنص فقرته الأولـى على أن السيادة للأمة، تمارسها مباشرة بالاستفتاء، وبصفة غير مباشرة بواسطة ممثليها”.
وأضافت المتحدثة، “تندرجُ المراجعة الشاملة لقانون المسطرة الجنائية، في إطار الدينامية المتواصلة التي تعرفها وزارة العدل، منذ مستهل هذه الولاية الحكومية، منوهينَ في الفريق، بالأهمية الكبيرة التي توليها الحكومة لمرفق العدالة، وهو ما أثمَرَ نصوصا تشريعية على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية”.
واستحضرت فيطح إقرار القوانين المتعلقة بتتميم وتغيير القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، فضلًا عن النصوص التشريعية ذات الصلة بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، والمعهد العالي للقضاء، مرورا بالنصوص المرتبطة بتنظيم وتدبير المؤسسات السجنية، والعقوبات البديلة، وصولًا إلى مشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية، ومشروع القانون المتعلق بالمفوضين القضائيين، اللذان يُوجدانِ قيد الدراسة في مجلس المستشارين، وذلك في أفق إحالة باقي النصوص الأخرى، وعلى رأسها مدونة الأسرة في صيغتها المرَاجَعة، ومشروع القانون الجنائي، والنصوص ذات الصلة بالمهن القضائية، وفي مقدّمتها قانون مهنة المحاماة.
وأشادت فيطح في الوقت نفسه بالمخطط التشريعي الطَّموح والمتكامل، الذي تعمل السلطة الحكومية المكلفة بالعدل على تنزيله بتدرج، والذي من شأنه تغيير وجه العدالة والممارسة القضائية في بلادنا، بما يخدم في المنتهى حقوق المواطنات والمواطنين، ويصُون كرامتهم، ويعزز ثقهم في مؤسساتهم القضائية، في ظل العناية السامية والموصولة لجلالة الملك، حفظه الله، بهذا المرفق الحيوي.
وذكرت عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة بتاريخ صدور القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، في الجريدة الرسمية بتاريخ 30 يناير 2003، وبذلك تكون قد مرت أكثر من عقدين من الزمن على اعتماده، وهي الفترة الزمنية التي طرأت فيها مستجدات عديدة على المنظومة الحقوقية لبلادنا، دستوريا وتشريعيا ومؤسساتيا، الأمر الذي استدعى مراجعة هذا النص، مراجعةً شاملةً، وهو ما تطلّب تغيير وتتميم 286 مادة، وإضافة 106 مادة جديدة، ونسخ وتعويض 27 مادة، ونسخ 5 مواد، فضلًا عن تدقيق الصياغة التشريعية للنص في تصوره العام، بما يحقق انسجامه، وتناسقه، وتكامله، مع باقي النصوص التشريعية ذات الصلة.
واعتبرت فيطح أنه من بين المستجدات المهمة في مشروع قانون المسطرة الجنائية -موضوع هذه المناقشة العامة- ما تضمنه الفرع الخامس من تعريفٍ للسياسة الجنائية، بوصفها ذلك الجزء من السياسات العمومية الذي يشمل قواعد وتدابير تتخذها الدولة في مجال مكافحة الجريمة والوقاية منها، وتحديد السياسة الجنائية في تمظهرين اثنين، الأول، يهم سياسة جنائية تشريعية يَسهر على تنفيذها رئيس النيابة العامة تلقائيا، وذلك بناءً على النصوص القانونية الجاري بها العمل، أما التمظهر الثاني، فيتعلق بسياسة جنائية مرتبطة بسياسات عمومية أخرى تضعها الحكومة ويبلّغها إليه وزير العدل، مع منح رئيس النيابة العامة مهمة الإشراف على تنفيذ السياسة الجنائية، وهو الأمر الذي من شأنه أن ينعكسَ بشكل إيجابي على التقائية السياسات العمومية وتمفصلها وتقاطعها.
وأكدت فيطح أن مؤسسة الدفاع تعتبر إحدى المنارات الكبرى في مجال حماية الحقوق وصون الحريات، وقد أبلت البلاء الحسن في بلادنا على امتداد عقود مديدة بتقاليد راسخة ومتجذرة، لذلك تُمثل المقتضيات ذات الصلة بتعزيز حقوق الدفاع في مشروع قانون المسطرة الجنائية، أحد الضمانات الكبرى للمحاكمة العادلة، خصوصا على مستوى مراجعة الضوابط القانونية المتعلقة بالوضع تحت تدابير الحراسة النظرية، مثمنة في هذا الإطار مختلف المستجدات الواردة في هذا المشروع، خصوصا ما يتعلق بالتنصيص على آلية التسجيل السمعي البصري، التي يتم العمل بها أثناء قراءة تصريحات المشتبه فيه المضمنة في المحضر، ولحظة توقيعه أو إبصامه عليه أو رفضه، وتخويل النيابة العامة إمكانية إطلاع الرأي العام على ملابسات القضايا والإجراءات المتخذة بشأنها.
كما ثمنت فيطح تعزيز حق الأشخاص الموضوعين رهن تدابير الحراسة النظرية في الاتصال بمحاميهم بضمانات إضافية، وذلك من خلال منح حق الاتصال بالمحامي ابتداءً من الساعة الأولى لإيقاف المشتبه فيه، وبدون ترخيص مسبق من النيابة العامة، وعدم جواز تمديد مدة الحراسة النظرية إلا بمقتضى أمر كتابي معلل صادر عن النيابة العامة بالنسبة لكافة الجرائم، وتمكين المحامي من حضور عملية الاستماع للمشتبه فيه من طرف الشرطة القضائية، واستدعاء المحامي قبل كل استنطاق للمتهم من طرف قاضي التحقيق بعشرة أيام على الأقل، وحقه في الاطلاع على الملف خلال هذا الأجل، وغيرها من المقتضيات الأخرى بالغة الأهمية.
وقالت فيطح في مداخلتها، “لقد هيمنَ مطلب ترشيد الاعتقال الاحتياطي، على مختلف النقاشات المرتبطة بوضعية المؤسسات السجنية في بلادنا، لذلك فإننا في فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، نعتبر أن المستجدات الواردة في هذا الموضوع، من شأنها أن تنضاف إلى الإصلاح المحقق في هذا الباب، حيث نثمن اعتبار الاعتقال الاحتياطي تدبيرا استثنائيا لا يتم اللجوء إليه إلا إذا تعذر تطبيق تدابير بديلة عنه، أو في الحالة التي يكون فيها مثول الشخص أمام المحكمة في حالة سراح من شأنه التأثير على حسن سير العدالة، وعدم جواز لجوء قاضي التحقيق إلى الاعتقال الاحتياطي كتدبير استثنائي إلا إذا تبيّن أنه ضروري، كما يشكل إضافة تدبير الوضع تحت المراقبة الإلكترونية إلى تدابير المراقبة القضائية، تعزيزا لإجراءات ترشيد الاعتقال الاحتياطي، وتنزيلا لقانون العقوبات البديلة”.
واسترسلت فيطح مداخلتها، بالقول: ” تكتسي المستجدات ذات الصلة بالوقاية من التعذيب، المنصوص عليها في هذا المشروع، أهميةً خاصة، مستحضرينَ في هذا الباب باعتزاز المسار التشاوري الذي سلكته السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، بخصوص عرض ومناقشة مشروع التقرير الدوري الخامس المتعلق بإعمال اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضُروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الـمُهينة، في مجلسي البرلمان”.
وأضافت، ” وهي ممارسة فضلى نجدد تثمينها، كما نغتنمها فرصةً للتعبير عن قناعة راسخة لدى فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، مفادها أن انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب، لـم تعد ذات طابع ممنهج، بل يتعلّق الأمر بمجرد ممارسات فردية تبقى معزولة ويتم التعامل معها بالجدية اللازمة وفقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل، وهو الأمر الذي أكسبَ بلادنا سمعة دولية، بفضل استقراره السياسي، وانتظام عمل مؤسساته الدستورية، واحتكام أجهزته المختلفة المكلفة بإنفاذ القانون، للمعايير الدولية ذات الصلة”.
وأكدت فيطح بذات المناسبة على أهمية التنصيص في مشروع قانون المسطرة الجنائية، على إلزام ضباط الشرطة القضائية بإخضاع الشخص الموضوع تحت تدابير الحراسة النظرية لفحص طبي بعد إشعار النيابة العامة، إذا لُوحظ عليه مرضٌ أو علامات أو آثار تستدعي ذلك، وإلزام النيابة العامة بإخضاع المشتبه فيه إلى فحص طبي يجريه طبيب مؤهل لممارسة مهام الطب الشرعي أو طبيب آخر، وهي كلها إجراءات من شـأنها تعزيز مسار بلادنا في القطع مع انتهاكات حقوق الإنسان.
خديجة الرحالي