لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية

0 371

تلعب الأحزاب السياسية دورا أساسيًا في ترسيخ العملية الديمقراطية، فهي الجسر الذي يربط بين المجتمع والدولة، وهي الأداة التي تتيح للمواطنين صياغة السياسات العامة والمساهمة في توجيه البلاد. ومع ذلك، يظل اندماج الشباب في الحياة الحزبية تحديًا كبيرًا، إذ تشير الأرقام إلى أن نسبة مشاركة الشباب في الاستحقاقات الانتخابية بالمغرب تبقى ضعيفة، وفقًا للتقارير الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط. فقد بلغت نسبة مشاركة الفئة العمرية من 18 إلى 24 عاما في الانتخابات الأخيرة 23.4% فقط، وهي نسبة تعكس العزوف الكبير عن الحياة السياسية بين الشباب.

هذا العزوف يمثل تهديدًا حقيقيًا لمسار الديمقراطية ويثير تساؤلات حول فعالية الأحزاب في جذب هذه الفئة الحيوية. فكيف يمكن للأحزاب السياسية أن تسهم في تمكين الشباب من المساهمة في الحياة السياسية؟ وما هي الحلول الممكنة لضمان مشاركة فعلية وفعالة للشباب في المشهد السياسي؟

تلعب الأحزاب السياسية دورًا محوريًا في إدارة التعددية السياسية داخل المجتمع، حيث توفر منبرًا للتعبير عن المصالح المختلفة وتحقق التوازن السياسي عبر آلية الانتخابات. في هذا الإطار، تساهم الأحزاب في تقوية الديمقراطية من خلال تمكين المواطنين من المشاركة في صياغة القرارات والسياسات العامة. الأحزاب ليست فقط أدوات لتنظيم الانتخابات، بل هي جوهر الديمقراطية وأساس لضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد. فهي تحافظ على توازن القوى وتدير التنوع الاجتماعي والسياسي عبر آليات انتخابية شفافة، مما يسهم في حماية المجتمع من الأزمات السياسية والاضطرابات.

علاوة على ذلك، تعد الأحزاب السياسية مؤسسات حيوية في عملية التنشئة السياسية للمواطنين. فهي تؤدي دورًا تربويًا في تعريف المواطنين بالحقوق والواجبات الديمقراطية، وتغرس فيهم القيم السياسية الصحيحة، مما يساهم في بناء مواطنين واعين وقادرين على المشاركة الفعالة في العملية السياسية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا الدور الهام، تبقى نسبة مشاركة المواطنين عامة في الانتخابات بالمغرب متفاوتة. فحسب المندوبية السامية للتخطيط، بلغت نسبة مشاركة المواطنين في الانتخابات الأخيرة ما يقارب 50.35%، وهي نسبة تشمل كافة الفئات العمرية والجنسية. فيما بلغت نسبة مشاركة النساء حوالي 46.8%، مقابل نسبة مشاركة الرجال التي وصلت إلى 53.7%. هذه الأرقام تظهر أن هناك تفاوتًا بين الفئات المختلفة في مستوى الانخراط في العملية الانتخابية، مما يعكس تحديات يجب معالجتها من قبل الأحزاب السياسية لضمان تمثيل أوسع وشامل لجميع فئات المجتمع.

ومع إدراك حزب الأصالة والمعاصرة لأهمية هذه الإشكالية، ندرك كذلك ضرورة فتح الأبواب أمام الأجيال الجديدة لتكون جزءا من عملية الإصلاح. فالشباب يشكلون القوة الدافعة للإبداع والتجديد، وتهميشهم يعطل ديناميكية التحديث التي تحتاجها الأحزاب السياسية لمواكبة تطلعات المجتمع.

هناك حاجة إلى تبني سياسات وممارسات جديدة لتعزيز حضور الشباب في المشهد الحزبي. يتضمن ذلك تعزيز مبدأ الديمقراطية الداخلية من خلال تمكين الشباب من المشاركة في اتخاذ القرارات وتنظيم انتخابات داخلية شفافة ودورية. هذا من شأنه أن يخلق دينامية جديدة تساهم في تجديد القيادات الحزبية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب تأهيل الشباب عبر برامج متخصصة في التكوين السياسي والقيادي. ينبغي أن يتضمن هذا التكوين الإلمام بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتطوير مهارات التواصل والحوار، ليكونوا قادرين على تحمل مسؤوليات القيادة. كما يجب أن تقترب الأحزاب من الشباب وتستمع إلى تطلعاتهم وهواجسهم، ويمكن تحقيق ذلك باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتنظيم ملتقيات شبابية للنقاش حول القضايا التي تهمهم.

ولا بد من تعزيز حضور الشباب في البرامج الانتخابية، مع تبني سياسات واضحة لتشجيعهم على المشاركة في الانتخابات المحلية والوطنية. إن إشراك الشباب في العمل التشريعي والتنفيذي من شأنه أن يعزز حضورهم السياسي ويدفعهم للمساهمة الفعالة في الحياة السياسية.

في حزب الأصالة والمعاصرة، نؤمن بأن الأحزاب السياسية هي العمود الفقري للديمقراطية. ولضمان ترسيخ هذه العملية بشكل فعال، يجب أن نعمل على استقطاب الشباب وتمكينهم من الانخراط في العمل السياسي. نؤمن بأن الشباب هم الأساس نحو بناء مستقبل أفضل، وأن تهميشهم يعطل فرص الإصلاح والتنمية المستدامة التي تحتاجها البلاد َ و نؤكد اننا ماضون و نراكم نحو بناء تجربتنا الحزبية على أسس الحداثة و القيم الأصالة المغربية لنكون نموذجا حزبيا يلبي تطلعات المغاربة

احمد لحبابي
عضو منظمة شباب حزب الأصالة والمعاصرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.