“مستجدات ورش تعديل مدونة الأسرة” محور لقاء عقدته منظمة النساء بتنسيق مع الأمانة الجهوية للحزب بجهة طنجة

0 188

شكل موضوع “مستجدات ورش تعديل مدونة الأسرة”، يوم السبت 25 يناير 2025، محور لقاء تواصلي نظمته منظمة نساء الأصالة والمعاصرة بتنسيق مع الأمانة الجهوية للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة.

اللقاء المنعقد بالمقر الجهوي للحزب طنجة، كان من تأطير رئيسة المنظمة ذة.قلوب فيطح، والأمين الجهوي للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة عبد اللطيف الغلبزوري، ونائب رئيسة المجلس الوطني دة.زهور الوهابي، وعضو المكتب التنفيذي للمنظمة دة.نجلاء الوركلي، وتسيير عضو المكتب التنفيذي للمنظمة السيدة أمينة الروشاطي.

وخلال كلمة له في هذا اللقاء الذي يروم تعميق النقاش حول مشروع تعديل مدونة الأسرة في ضوء التحولات المجتمعية، والوقوف على الإشكالات المطروحة واقتراح الحلول الملائمة بما ينسجم مع الثوابت الوطنية، أبرز السيد الغلبزوري، أهمية هذه المبادرة التي تعكس حرص حزب الأصالة والمعاصرة على مواكبة النقاش العمومي حول مدونة الأسرة مثمنا مبادرة المكتب السياسي بفتح نقاش واسع بشأن الموضوع المذكور، مشيرا إلى أن الحزب كان دائمًا سباقا لعقد لقاءات تواصلية بخصوص القضايا الوطنية الكبرى.

وأكد أن مدونة الأسرة لا تخص المرأة وحدها بل تمس الرجل والطفل والمجتمع بأسره. كما ذكر بأن النقاش حول تعديل المدونة انطلق منذ الخطاب الملكي قبل سنتين، معتبرا أن استقرار الأسرة هو استقرار المجتمع، منوها في نفس الوقت بالدور المحوري الذي قامت به منظمة نساء الحزب في فتح النقاش على المستويات الوطنية والجهوية والإقليمية.

إضافة إلى مبادرات المجلس الوطني للحزب عبر لجنة المساواة وتكافؤ الفرص التي نظمت ندوة حول الموضوع خلال العام 2023، وفي هذا الصدد استحضر السيد الغلبزوري ما جاء في كلمة رئيسة المجلس الوطني للحزب حينها السيدة فاطمة الزهراء المنصوري “عندما يتعلق الأمر بمدونة الأسرة في المغرب، فالإشكال يتمثل في كون المصدر الرئيسي للمدونة هو الشريعة الإسلامية السمحة، وفي مقدمتها القرآن الكريم، ثم السنة النبوية، ثم المذاهب الأربعة، وبعدها الاجتهادات الفقهية. ومدونة الأسرة في علاقتها بالتشريعات الكونية، يجب أن تجيب على سؤال التوفيق بين التشريع الديني والتشريع الوضعي الكوني”.

وشدد الأمين الجهوي للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة في ختام حديثه على أن حزب الأصالة والمعاصرة يوفق بين الثوابت المغربية المتمثلة في الشريعة الإسلامية والمذهب المالكي ومستجدات العصر، مستنكرا الحملات المغلوطة التي تحاول تشويه توجه الحزب.

بينما أكدت السيدة الروشاطي أن مشروع تعديل مدونة الأسرة يهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الجوهرية التي تصب في مصلحة المجتمع ككل، حيث يعتبر تحقيق العدالة بين الجنسين من أبرز أهداف تعديل مدونة الأسرة، وتسعى الإصلاحات الجديدة إلى تكريس مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات الأسرية.

كما أن مشروع يأتي التعديل في إطار مواءمة مدونة الأسرة مع النصوص الدستورية، خاصة دستور 2011 الذي ينص على مبدأ المساواة وحماية الحقوق والحريات. كما يهدف إلى تحقيق انسجام مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، خاصة تلك المتعلقة بحقوق المرأة والطفل.

بعد أكثر من عقدين على تطبيق مدونة الأسرة، تقول الروشاتي، برزت بعض الثغرات القانونية التي أدت إلى تفسيرات متباينة للنصوص أو تطبيقات غير منصفة. ومن بين هذه الإشكالات، قضايا زواج القاصرات، الحضانة، النفقة، وتعدد الزوجات. ويسعى التعديل إلى تقديم حلول واضحة ومنصفة، تحمي جميع أفراد الأسرة من أي استغلال قانوني أو اجتماعي قد يضر بمصلحتهم.

كما يعتبر تحسين وضعية المرأة والطفل من أولويات التعديل المرتقب، حيث سيتم التركيز على تقوية حماية النساء من العنف الأسري، وتعزيز حقوق الأطفال في الرعاية والنفقة والسكن.

وذكرت السيدة الروشاتي بكون الجمعيات النسائية لعبت دورا محوريا في الترافع من أجل تعديل مدونة الأسرة، حيث قدمت دراسات وتقارير مبنية على معطيات ميدانية تكشف عن أوجه القصور في القوانين الحالية. ويعكس هذا الانخراط الفاعل وعيًا متزايدًا بأهمية المجتمع المدني في عملية التغيير القانوني والاجتماعي.

من جهتها، أكدت السيدة فيطح أن هذا اللقاء يأتي ضمن سلسلة لقاءات تواصلية أطلقتها المنظمة، عقب جلسة العمل التي عقدها جلالة الملك مع الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة. وضمن ذلك اللقاء المنعقد اليوم على مستوى جهة طنجة- تطوان- الحسيمة، مؤكدة في هذا السياق على أن جلالة الملك جعل قضية المرأة والأسرة بشكل عام على طليعة العناية والاهتمام، مثمنة التقدم الملموس على الصعيد الحقوقي طيلة العقدين الماضيين.

وشددت فيطح على أن التعديلات المطروحة جاءت استجابة للتحولات المجتمعية التي أظهرت قصور مدونة 2004 في مواجهة التحديات الراهنة، مبرزة أن جلالة الملك تطرق لموضوع إطلاق ورش مدونة الأسرة في خطاب العرش لسنة 2022، ثم بعد ذلك جاءت الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى رئيس الحكومة بخصوص نفس الموضوع، وصولا إلى انطلاق عمل الهيئة المكلفة بمراجعة المدونة والتي عقدت اجتماعات مكثفة (134 اجتماعا) مع عدد من المؤسسات، الأحزاب السياسية، جمعيات المجتمع المدني وغيرها.

كما أشارت السيدة فيطح إلى أن منظمة نساء الأصالة والمعاصرة كان لها شرف الإسهام إلى جانب حزب الأصالة والمعاصرة في تقديم مقترحات تسعى لتحقيق مصلحة الأسرة بجميع مكوناتها، معتبرة أن التعديل المنشود يراعي مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة ومتطلبات المجتمع الحديث. كما سجلت فيطح التفاعل بشكل إيجابي مع مقترحات الحزب التي تؤكد على: المصلحة الفضلى للطفل، مصلحة المرأة، مصلحة الرجل، مصلحة الأسرة، ومصلحة المجتمع بشكل عام.

وقالت فيطح: “الهيئة ناقشت وتحاورت واستمعت لمقترحات وأفكار الجميع، في الوقت الذي برزت فيه 20 نقطة خلافية، بث المجلس العلمي الأعلى بالرفــــــض المطلق في 3 منها كونها تتعارض مع صلب الدين الإسلامي، والنقاش الدائر حاليا هو بشأن 17 نقطة”. مؤكدة بالقول: “المغرب دولة، المؤسسات بقيادة جلالة الملك، ونحن نثق في المؤسسات، وحزب الأصالة والمعاصرة متشبث بالثوابت مع تطلع إلى اجتهاد منفتح يحقق الديمقراطية الاجتماعية .. وهذا ورش مجتمعي إصلاحي لا مجال فيه لأية مزايدات”.

وبشأن النقاش الدائر حاليا، أبرزت فيطح أهمية التعديلات المرتبطة بتقنين التعدد وفق مبررات موضوعية واستثنائية مثل عقم الزوجة أو مرضها، مشيرة إلى دراسة أنجزت بين 2017 و2021 أفادت أن عدد طلبات التعدد كان قليلا جدا وأن نسبة الرفض لطلبات التعدد تجاوزت 60%.

كما أكدت على أهمية مؤسسة الوساطة والصلح بين الزوجين، والاتجاه نحو الطلاق الاتفاقي عبر العدول بدل المحاكم ذلك أنه تطرح أحيانا مشاكل متجاوزة يمكن معها الوصول إلى حل ودي دون الوصول إلى درجة الطلاق، مؤكدة على أن التعديل يحمل إشارات مهمة وإيجابية ومنها على سبيل المثال: معالجة الإشكالات المرتبطة بالأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، وحق الزوجة أو الزوج في الاحتفاظ ببيت الزوجية بعد الوفاة، وتحديد تعريفات مرجعية للنفقة لتجاوز الاختلالات القائمة.

أما السيدة الوهابي، فقد شددت على أن المغرب عرف تحولات كبيرة منذ اعتماد مدونة الأسرة قبل عقدين، ما يجعل مراجعتها ضرورة ملحة وبالتالي معالجة مكامن الخلل خصوصا على المستوى الإجرائي (زواج الطفلات وثبوت النسب..). وذكرت بأن حزب الأصالة والمعاصرة كان مواكبا للنقاش العمومي في عدد من المواضيع والقضايا المستجدة، وبخصوص التعديل المشار إليه، أبرزت السيدة الوهابي قال إن الجسم القضائي والحقوقي والمجتمع المدني والأحزاب السياسية (البام تقدم بمقترحات وازنة) كلهم قدموا مقترحات في اتجاه التعديل.

وأشارت الوهابي إلى أن التغيرات المجتمعية والدولية تتطلب مراجعات تستجيب للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، مع التأكيد على أن مشروع تعديل مدونة الأسرة يمثل ورشا مجتمعيا يتطلب تضافر الجهود بعيدا عن أي مزايدات سياسية. وأضافت المتحدثة قائلة: “نحن نناقش اليوم مقترحات تعديلات جاءت بها الهيئة المكلفة في انتظار صدور النص القانوني النهائي من داخل قبة البرلمان”.

نائب رئيسة المجلس الوطني أكدت على أننا نعيش اليوم في إطار مجتمع متغير تسهم فيه المرأة بشكل كبير وهذا الإسهام يمس مختلف المجالات، داعية إلى النقاش المجتمعي يجب أن ينصب حول الجوهر وألا ينساق وراء الشعبوية التي لا طائل منها. لتخلص إلى أن هذا اللقاء يعد بمثابة حلقة جديدة ضمن جهود الحزب لمواكبة ورش تعديل مدونة الأسرة بما يعزز العدالة الاجتماعية ويخدم استقرار الأسرة والمجتمع.

الدكتورة الوركلي أبرزت أن اللقاءات التواصلية تمثل مناسبة ضرورية للانفتاح على وجهات نظر جديدة وتبادل الأفكار بشأن القضايا التي تؤثر على المواطنين.

وفي سياق حديثها، دعت الوركلي إلى استثمار هذه اللقاءات لتسليط الضوء على التحديات التي تواجه النساء، خاصة في القرى والمناطق النائية، حيث تعاني المرأة من نقص الخدمات وتواجه إكراهات اجتماعية واقتصادية معقدة.

الدكتورة الوركلي تحدثت عن محاور مركزة يشملها التعديل، من بينها محور زواج القاصر، مفيدة أنه إذا كانت التعديلات التي كان محورها المادة 20 من نص مدونة الأسرة الحالية همت تحديد وتأطير الاستثناء، استنادا إلى معطيات جاءت بها دراسات علمية مثبتة أكدت ذاتها، أن غالبية حالة زواج القاصر تمركزت في سن 17 سنة، وأن هذا التحديد ما هو إلا تحصيل حاصل، فإن الأمر كله لا يعدو أنه استثناء في النتائج والأثر، في حين أن المطلوب، هو التركيز على جوهر الظاهرة ذاتها، أي العوامل والدوافع والأسباب التي تنتج مثل هذه الظواهر المجتمعية.

وقالت الوركلي إن المطلوب اليوم هو محاربة الهدر المدرسي بكل قوة وخاصة في المجال القروي والأوساط التي تعاني الهشاشة عن طريق الإسهام في تجويد منظومة التربية والتكوين ومحاربة كل أشكال الإقصاء الذي تعانيه الفتيات والسعي إلى فتح آفاق التكوين والتأهيل المهني في وجه التلميذات والتلاميذ. لأن الرفع من مستوى التعليم والتكوين يقلل من خطورة مثل هذه الظواهر الاجتماعية.

إلى جانب كذلك توسيع دائرة التعلم مدى الحياة والتأهيل الاجتماعي والمهني في أوساط الشباب بما يجعلهم قادرين على الاختيار وتحمل المسؤولية المهنية والاجتماعية والأسرية. لأن الزواج قرار واختيار ومسؤولية، وكل هذا يتطلب نضجا وأهلية تكليف وتدبير.

وشددت المتحدثة على أهمية التمكين الاقتصادي للنساء بما يجعله دعامة أساسية للنهوض بالمرأة المغربية وتمكينها من حقوقها، بما يجعلها قادرة على الاعتماد على نفسها، وعلى الإسهام بدورها، كمعنية أولا ، وكأم وراعية ثانيا، في محاربة ظاهرة زواج القاصرات.

ودعت الوركلي إلى اعتماد جميع وسائل التأطير الثقافي والتأهيل المدني، بما في ذلك تأهيل الشباب المقبل على الزواج، بما يجعلهم قادرين على القطع مع الصورة النمطية التقليدية عن المرأة، وتجاوز النظرة القاصرة التي ما زالت وللأسف ترى في المرأة مجرد جسد، وموضوع فعل وهيمنة تنحصر أدوارها في العناية بالبيت ورعاية متطلبات الجسد والأبناء.

لذلك فإن التحدي الأكبر الذي علينا مواجهته، كدولة وكمجتمع هو هذه العوامل وهذه الدوافع وهذه الأسباب التي تجعل الظاهرة حية ومنتعشة ومستمرة. “أما الذين يدافعون عن توسيع دائرة هذا الاستثناء فهم بذلك يدافعون ليس فقط على استمرار الظاهرة وإنما أيضا على بقاء دوافعها وأسبابها”.

وخلصت الوركلي إلى أن التعديلات التي وافق عليها جلالة الملك حفظه الله هي تعديلات لا تنحصر في بعدها القانوني الصرف، ولكنها استندت إلى عمقها الشرعي والمصلحة الفضلى للمجتمع كما استندت إلى خبرة مؤسسات ذات مصداقية ترصد مستلزمات التحول الضرورية. ومن ثمة، فهي تحتكم إلى المرجعية الدستورية، كما تحتكم إلى المنهجية الديمقراطية، على أساس التدرج في تعميق الاجتهاد في فهم النص الشرعي واستيعاب مستلزمات التحول، بما يسهم في تحقيق مزيد من التنمية، التي يستحقها هذا البلد الأمين.

هذا اللقاء، الذي شهد مشاركة واسعة وحضور عدد من مناضلات ومناضلي حزب الأصالة والمعاصرة وكذا القطاعات الموازية للحزب الذين يمثلون مختلف أقاليم وعمالات الجهة، والأساتذة والطلبة الجامعيين، وفعاليات المجتمع المدني وعموم المواطنات والمواطنين. خلص إلى ضرورة بلورة خطط استراتيجية لدعم المرأة وتحفيزها على الانخراط بفعالية في المجالات السياسية والاجتماعية، في إطار رؤية شاملة تواكب التحديات الراهنة وتستجيب لتطلعات المواطنات والمواطنين.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.