معركة إن انتقدنا بسببها الجيل الحالي فستشكرنا عليها الأجيال القادمة
بقلم: عبد الله عيد نزار
كلما خرج وزير العدل، عبد اللطيف وهبي؛ ليدافع عن مشروع حزبه المجتمعي من جهة والمشروع الحكومي من جهة أخرى، وكلما خرج كبار المدافعين عن قضية الحريات الفردية والمساواة بين الجنسين؛ لا تكاد تمر سوى دقائق حتى يصطدموا بردود فعل غير سوية من طرف ممن تم تدجينهم من طرف مؤسسات التنشئة (الأسرة، المجتمع والمدرسة)، بحيث يخرجون في كل المنشورات والتعليقات متجاهلين الموضوع ومركزين على الشخصنة وسب وشتم الإنسان عوض مناقشة أفكاره.
يخرجون من جحورهم جماعة في مشهد بئيس يتلاشى فيه التفكير الفردي ليطغى عليه طابع القبيلة البدائي، وللحسرة باستخدام أحدث التكنولوجيات داخل مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضية، وهي مفارقة عجيبة تبين كيف أننا لم نأخذ من مبادئ الحداثة سوى المظهر والاستهلاك في حين تخلينا عن روحها، وحافظنا على بدائيتنا في أبسط الأشياء وأهمها: أدب الحوار وحسن النقاش.
يظن البعض أنه بمثل هاته الأساليب قد يقنع الآخر خوفا، أو أنهم سينجحون في إيقاف عجلة التقدم والتطور التي تفرضها طبيعة المجتمع وسيرورته قبل الدولة أو الحكومة أو وزير العدل. خاب ظنهم !
على هؤلاء أن يعلموا أنه لا شيء سيغير من قناعاتنا، أو من طريقة تعبيرنا عليها أو من دفاعنا على مبادئنا .. فنحن لا نفكر في ما سيقوله الجيل الحالي بقدر ما نفكر فيما ستقوله الأجيال القادمة.
أُفَضِّل 100 مرة أن ينتقدني الجيل الحالي أو حتى أن يشتمني لأنني دافعت على قضية ما ولكن بالمقابل ستشكرني عليها عشرات الأجيال القادمة، على أن أحجر على نفسي وأضع أفكاري تحت وصاية المجتمع ليُعجَب بي الجيل الحالي ويطبل لي في حين ستلعنني الأجيال القادمة على الحياة القاهرة التي سنترك لهم إن لم نتحرك اليوم.
أما فيما يخص الحداثيين، في كل المجالات الذين نزحوا للسكون والسكوت، فأقول لهم كذلك عوض أن تخافوا مما سيقال في حقكم من طرف مجتمع اليوم، فكروا فيما سيقول عنكم الناس خلال عشرات السنين وبما سيذكركم التاريخ.