وهبي: حضور الدولة كفاعل مركزي قوي في الاقتصاد والسياسة هو واقع ينبع من خصوصيات تشكل المغرب كأمة في التاريخ وكانفتاح على العصر والاستفادة من معطياته الحديثة

0 737

أبرز، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، السيد عبد اللطيف وهبي، أنه طيلة حكومتي بنكيران-العثماني لم تستند السياسة الإصلاحية في المغرب على نموذج تنموي بل دخلنا في سياسة تدبيرية قطاعية خالية من أي تصور شمولي يعطيها وحدة تضمن فعاليتها الواقعية.

وأضاف وهبي، في مداخلة له اليوم الإثنين 09 غشت الجاري، قبيل تقديم مضامين “البرنامج الانتخابي” للبام خلال الاستحقاقات القادمة، (أضاف) أن الكل يعلم أن حكومات ما بعد دستور 2011 استسلمت لتنفيذ بعض الإصلاحات التي فرضتها مقتضيات العولمة، دون أن تبنيها وفق خصوصيات وإكراهات الاقتصاد المغربي، لذلك نجد أن نتائج سياسة هاتين الحكومتين كانت كارتية على كل المستويات، خاصة وأن أزمة كوفيد 19 أظهرت عمق الاختلالات التي ظل الاقتصاد المغربي يحملها، والتي بقيت أمامها حكومتي بنكيران- العثماني عاجزة عن إصلاحها.

وأشار المتحدث بالقول: “اليوم نحن أمام مرحلة جديدة في مسار الإصلاح بالمغرب، المرحلة الخامسة لتعميق مكتسبات التاريخ، وتجديد الأهداف لضمان مستقبل أفضل”.

فمع النموذج التنموي الجديد الذي جاءت به اللجنة الملكية يكون المغرب قد وصل إلى منعطف وطني هام قائم على وحدة الوعي والإرادة، لدى كل المغاربة وعلى رأسهم صاحب الجلالة حفظه الله، بضرورة تحقيق الوثبة الكبرى نحو التقدم والازدهار.

جاء النموذج التنموي الجديد في سياق استعداد الأحزاب السياسية المغربية لاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي سوف تكون فرصة ديمقراطية للتنافس في تقديم البرامج والتصورات والحلول لمعضلات الاقتصاد المغربي.
لهذا، لابد من الإجابة على السؤال الذي يمكن أن يطرحه الرأي العام الديمقراطي المغربي: ما جدوى التنافس بالبرامج الاقتصادية في الانتخابات القادمة إذا كنا سنطبق النموذج التنموي الجديد الذي أرادته الدولة كإصلاح تنموي للمغرب؟

قبل الإجابة على هذا السؤال المشروع، لابد من استخلاص العبر من تاريخ الإصلاح ببلادنا تمكنا من فهم واقعي وتاريخي لدور وأهمية هذا النموذج التنموي الجديد. ويمكن أن نستخلص ثلاثة عبر أساسية من قراءتنا لأهم المراحل الإصلاحية التي عرفتها بلادنا، والتي حاولنا اختصارها فيما سبق.

أولا: الدولة كانت دائما فاعلا أساسيا ومركزيا في كل النماذج الإصلاحية التي عرفها المغرب، كانت الدولة حاضرة بهذا الشكل أو ذاك، لكن دورها دائما كان حاسما.

ثانيا: كل النماذج التنموية الإصلاحية التي عرفها المغرب كانت غير قائمة على تصور شمولي متكامل ومتناسق ومنسجم، فإما أنها نماذج تعطي الأولوية للقطاع العمومي، في حالة نموذج حكومة عبد الله إبراهيم، أو أنها تعطي الأولوية للقطاع الخصوصي، في حالة نموذج البرنامج التقويم الهيكلي مثلا.

ثالثا: كل النماذج الإصلاحية التي عرفها المغرب كانت مفروضة من فوق ودون إشراك لقوى وفعاليات المجتمع المدني، وإذا كان النموذج التنموي الذي جاء به برنامج تأهيل الاقتصاد لمرحلة 1993-1998 قد نص على ضرورة إشراك كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعين (نقابة أرباب المقاولات والنقابات العمالية)، فإنه لم يكن يقوم على فهم واحد موحد من لدن هؤلاء الفاعلين، كما لم يوسع مشاركة العديد من الفعاليات المدنية، ولم يكن له تصور شامل ومنسجم.
“إذا استحضرنا هذه العبر التاريخية، سوف نرى النموذج التنموي الجديد على أنه يستفيد منها إما من أجل تطوير وتعزيز إيجابياتها أو تجاوز سلبياتها”. يقول وهبي.

الأمين العام أشار في معرض حديثه إلى أنه قد تكون الدولة هي التي قادت النقاش العمومي وبناء التصور حول النموذج التنموي الجديد فهذا ليس أمرا سلبيا كما قد يعتقد البعض، فحضور الدولة كفاعل مركزي قوي في الاقتصاد والسياسة بالمغرب هو واقع ينبع من خصوصيات تشكل المغرب كأمة في التاريخ، وكانفتاح على العصر والاستفادة من معطياته الحديثة.

ولقد ظلت الدولة المغربية على الدوام القوة المركزية الاقتراحية والمجددة للحلول والبدائل. وكل الحركات المطلبية، اجتماعية كانت أم سياسية، كانت تطالبها بالتدخل وتحث على المزيد من تنشيط دورها في الدمقرطة والتنمية، يسترسل الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، فالخصوصية التاريخية بالمغرب لا تتوفر على طبقة اجتماعية قوية وموحدة، ولا تسمح لأي جهة دولية أو مؤسساتية خارجية أن تملي عليها النموذج التنموي، لهذا كانت الدولة الموحدة وذات مشروعية قوية ومنبثقة هي التي تقود الإصلاح بالاستفادة والتفاعل الخلاق مع العصر الحديث.

مــــراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.