المشاركون في ندوة وطنية يجمعون على أن تعديل مدونة الأسرة هو أساس التنمية وسيعزز المكتسبات المحققة ويصحح الاختلالات لإنصاف جميع مكونات الأسرة

0 1٬737

إسهاما منهم في إثراء النقاش العمومي الدائر حول إصلاح مدونة الأسرة وذلك بعد الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة وتتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة، قدم المشاركون في الندوة الوطنية التي نظمتها منظمة نساء الأصالة والمعاصرة، مساء يومه السبت 25 نونبر 2023، بالرباط، مجموعة من المقترحات والتعديلات التي يمكن إدخالها على مدونة الأسرة من أجل تعميق المكتسبات لترسيخها وتصحيح الاختلالات لإنصاف جميع مكونات الأسرة.

وثمن المشاركون في الندوة التي سيرتها عضو المكتب التنفيذي لمنظمة نساء الأصالة والمعاصرة السيدة لبنى أكنشيش، اختير لها عنوان: “رهانات إصلاح مدونة الأسرة دعامة أساسية لتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية”، تحت شعار : “من أجل تشريع ضامن للأمن الأسري والاستقرار المجتمعي”، المبادرة الملكية الداعية إلى إصلاح وتعديل مدونة الأسرة؛ ما أعاد فتح ورش الإصلاح في حد ذاته وبعث النقاش من جديد.

واستهل الندوة الأستاذ عبد الوهاب رفيقي بمداخلة تحت عنوان “مراجعة مدونة الأسرة بين الثوابت المجتمعية والاجتهاد المنفتح”، قدم خلالها سرداً تاريخياً للإعداد لمدونة الأسرة قبل وبعد الاستعمار، مشيرا إلى النقاش والجدل الدائر حول المدونة والتعديلات المرتقب إدراجها فيها.

وتساءل رفيقي إن كانت المرجعية الموجودة اليوم يمكن أن تساعدنا على الموازنة بين عنوان مداخلته، وهل يمكن وضع قانون الأسرة فيه كل المتغيرات وينصر المظلومين مع الحفاظ على الثوابت، مشيرا إلى أن الجدل الموجود اليوم في المجتمع هو أن تتضمن المدونة قوانين تتصادم مع الدين، مذكرا في ذات الوقت بقاعدة الأصوليين أنه “لا اجتهاد مع النص”.

ومن جانبها، تطرقت الأستاذة خديجة الرباح في مداخلة عنونتها ب: “تكريس المساواة والعدل في مدونة الأسرة مدخلاً لتحقيق التنمية المستدامة”، لنقطة أساسية وهي المساواة لضمان حماية اجتماعية ناجعة، مشددة على ضرورة الاستمرار في مناهضة العنف بكل أشكاله في مدونة الأسرة، خصوصاً وأن هذه الأخيرة مازالت في محتوياتها تمنهج للعنف وخاصة العنف القانوني.

وتوقفت المتحدثة عند مجموعة من النقاط التي ناقشتها قمة أهداف التنمية والتي أكدت على العمل اللائق والحماية الاجتماعية والتغذية الطاقة والرقمنة والتعليم، معتبرة أنه لا يمكن تحقيق هذه الأهداف بدون مساواة حقيقية داخل الأسرة، وهي أحد المنطلقات التي تشتغل عليها كذلك الحركة النسائية منذ بدايتها.

وأكدت الرباح أنه اليوم نحن لسنا أمام أسر متعددة، وبالتالي يجب إعادة النظر في مدونة الأسرة لأننا نحن أمام رهان التنمية والتنمية تساوي المساواة.

وبدوره، قدم الدكتور عبد الله رحمات في مداخلته المعنونة بـ: “اقتسام الأموال المكتسبة أثناء قيام العلاقة الزوجية بين مقتضيات المادتين 49 و 400 من مدونة الأسرة”، مجموعة من الآراء الفقهية في تدبير الأموال المشتركة، مشيرا إلى وجود إشكاليتين عامتين، الأولى ترتبط بما يسمى بالإثبات، والثانية تتعلق بمدى اعتبار العمل المنزلي مسهما في تنمية ثروة الأسرة.

وأكد رحمات أن الحياة الزوجية يفترض أن تتم على أساس من التعاون والمودة والرحمية؛ لكن كثيرا ما تكون الزوجة مسهمة في ثورة الأسرة وعند الطلاق والوفاة ينشأ نزاع بين الأطراف حول استحقاق الزوجة في بناء هذه المدخرات أم لا تستحق أي شيء.

وذكر رحمات بدراسة فقهية وضعت ثلاث صور لهذا الإشكال، الأولى تتعلق بالأموال المكتسبة في فترة الزوجية وإن كانت الزوجة ربت بيت وفي هذه الحالة لا تسهم في إنتاج المال، والصورة الثانية عندما تكون الزوجة مستقلة وتمارس مهنة أو وظيفة ما، وفي هذه الحالة اتفق الفقهاء أن أموالها تستحقها، والثالثة في حالة الزوجة التي تعمل في مال زوجها هنا يفرق الفقه بين العمل الصناعي تكون الزوجة شريكا في منتوجه وفي حالة التجارة انقسمت الآراء الفقهية الى ثلاث اَراء.

أما الدكتور مراد فوزي، فسلط الضوء على الواقع المرعب في تزويج القاصرات أو ما اصطلح عليهن الطفلات، مؤكدا في مداخلته: “تزويج الطفلات بين المنع والتجريم”؛ معتبراً أن النظرة الدونية للمرأة هي موروث وممارسة تداولاتها الأجيال والقطع معها هو مع تجريم هذه الممارسات.

وقال فوزي في مداخلته، “قانون الأحوال الشخصية كان قد حدد سن الزواج للذكر 18 والأنثى 15، وفي مدونة الأسرة ظننا أننا بلغنا المساواة المنشودة ولكن الحقيقة أننا نتأخر، ومدونة الأسرة بالرغم من المقتضيات التي أتت بها أفرزت حقائق تبين أننا تأخرنا وبالخصوص فيما يتعلق بتزويج القاصرات”.

واعتبر فوزي تزويج الطفلات عقبة من عقبات التنمية وأن المنع في جميع المنتظمات الدولية لا يمكن احترامه إلا بالتجريم، مقدما بعض الإحصائيات في هذا الصدد؛ حيث أن 10 في المائة من الطفلات يتم تزويجهن دون اللجوء الى القضاء.

وعلى صعيد اَخر، قال الدكتور محمد الزردة في مداخلة تحت عنوان: “مدونة الأسرة بين عقدين من التنزيل الأبعاد القانونية والتطبيقات القضائية”، “أنه على غرار بعض القوانين الصادرة حديثا والتي تتضمن في ديباجتها أو من خلال الباب التمهيدي تعاريف صريحة لبعض المؤسسات والتي تيسر فهم المتلقي والباحث والمهني وتعتبر كلمات مفتاح مثل قانون محاربة العنف ضد النساء ومدونة الحقوق العينية، وكذا قانون الحالة المدنية الذين يحددون تعاريف دقيقة لبعض المؤسسات قبل الخوض في مضمون المقتضيات القانونية والتنظيمية”.

وأضاف، “ومن تم حبذا لو أن المشرع في مدونة الأسرة من خلال التعديل المرتقب أن يصوغ تعاريف واضحة لمؤسسة الأسرة الزواج الخطبة الطلاق والتطليق والصلح لتسهيل المأمورية على الباحث والمهني، وكذا المكلفين بتنفيذ القانون”.

ومن جهة أخرى، أقترح الزردة أنه وفي إطار الملاءمة والحفاظ على الإنسجام والتوافق مع باقي القوانين التي لها علاقة بمدونة الأسرة أن يتم تعديل القوانين ذات الصلة مثل قانون الحالة المدنية قانون الجنسية قانون الكفالة والمسطرة المدنية.

تحرير: خديجة الرحالي/ تصوير: عبد الرفيع لقصيصر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.