حزب البام يقدم أمام الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة مذكرته الترافعية ويؤكد جاهزيته للانخراط في دينامية إصلاح المدونة
أكد حزب الأصالة والمعاصرة أن فرصة مراجعة مدونة الأسرة، فرصة حقيقية للنقاش المجتمعي الرصين حول القواعد القانونية التي تراعي وتحترم وتحفظ خصوصيات المجتمع الـمغربـي الـمتعدد، وهو مناسبة لا غنىً عنها للاعتراف القانونـي بحقوق الأسرة والـمرأة، ورفع مختلف مظاهر الحيف التي طالتها -ولا تزال- بفعل تواتر مجموعة من الـممارسات التي لـم تعد مقبولة في مغرب اليوم ومغرب المستقبل.
وعبر وفد حزب الأصالة والمعاصرة ومنظمة نساء البام في كلمته خلال تقديم مدكرته الترافعية، صباح يومه الجمعة 8 دجنبر 2023، أمام الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة ضمن جلسات الاستماع والإنصات، عن افتخاره وتنويهه بالالتفاتة الملكية السامية لهذا الورش الاجتماعي الهام والمحوري في بناء الدولة الاجتماعية، والذي يعبر عن حرص جلالة الملك حفظه الله ونصره على صيانة الأسرة المغربية وجعلها في قلب النموذج التنموي الجديد، منتهزاً الفرصة للتنويه والإشادة بالمقاربة الملكية في مراجعة مدونة الأسرة، حيث تم تشكيل هيئة كفؤة ومتنوعة لقيادة هذا الإصلاح.
وذكر حزب الأصالة والمعاصرة بمرور دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ ما يُقارب عقدين من الزمن، وهي الـمدة التي تغيّر فيها الـمجتمع الـمغربـي، وحصلت مستجدات على مستوى الـمرجعيات الدستورية الـناظمة للدولة الـمغربية، وأطُــرِها القانونية، وممارستها الاتفاقية اتجاه الـمعاهدات الدولية لحماية حقوق الإنسان.
وأوضح حزب الأصالة والمعاصرة أن مدونة الأسرة إبــّـان اعتمادها قد شكّلت عنوانــاً بارزاً للدينامية التي عرفها الـمغرب في بداية عهد الملك محمد السادس حفظه الله، ومختلف الأوراش الحقوقية والديمقراطية والمجتمعية التي فتحتها المغرب، وهو ما انعكس ايجابا على مختلف مفاصل الـمجتمع الـمغربـي، ولاسيما الأسرة المغربية في حلقاتها الثلاث، الـمرأة والرجل والأطفال، مشيراً إلى أن التطورات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقيمية في تقاطعها مع الـمعطيات الديمغرافية الـمستجدة، قد انعكست على النسق الأسري برمّته حيث تحولت العديد من قيم الاسرة المغربية، وتغيرت معها أنماط العيش المجتمعي، فاستجدت في ضوء ذلك العديد من المستجدات، وطرأت نوازل على المجتمع والقضاء، كشفت بالملموس أن مدونة الأسرة في العديد من مقتضياتها تقر بوجود نصوص تشريعية قاصرة على تأطير مشاكل الأسرة والمجتمع المغربي من الناحية القانونية والحقوقية والقضائية.
وأبرز الحزب أنه منذ تأسيسه بوصفه إضافة نوعيةً لـمكونات الحقل السياسي الـمغربـي، ومن منطلقِ تشبّعه بالـمرجعيات الكونية لحقوق الإنسان في أبعادها الحداثية والديمقراطية. ومن اختياره للديمقراطية الاجتماعية كمذهب عام يحكم خط تفكيره وممارسته السياسية منهجا وأفقاً لبناء الحداثة ينطلق أساساً من فهمه للأصالة والمعاصرة كبعدين لاينفصلان، لا بل يتكاملان في هذا البناء. وكذلك ومن إيمانه بان التطور الناتج عن التحولات العميقة للمجتمع المغربي ضمن تحولات العالم من حولنا، يؤكد أن البناء الديمقراطي يظل محدود التأثير من دون حل دائم وعادل للمسألة الاجتماعية في كل تمظهراتها، فقد انخرط مناضلو ومناضلات الحزب في كل النقاشات العمومية حول مختلف القضايا الراهنة للنساء، من خلال خط تفكيره الدامج بين الأصالة والمعاصرة.
وتطرق الحزب في كلمته لموضوع الـمرأة الذي حظي بمكانة مركزية في مرجعياته وأدبياته، كما في ممارسته السياسية والحزبية اليومية، معتبراً أنه لا أَدَلَّ على ذلك ما تحظى به الـمرأة البامية ونساء حزب الأصالة والـمعاصرة، من حضور قوي في هياكل الحزب وتنظيماته ومؤسساته، ومن تقاسم للأدوار والمسؤوليات، إلى جانب حرصه الشديد على الدفع بالنساء إلى الواجهة في محطات انتخابية متعددة من خلال إقدامه في سابقة من نوعها إلى تقديم لائحتين انتخابيتين نسائيتين بنسبة تفوق 99%، إضافة إلى ست لوائح محلية تترأسهن نساء خلال استحقاقات 2016، ورفع سقف المشاركة النسائية في انتخابات 2009 بما يفوق بكثير كوطا 12 ٪ إصرارا منه على إسناد مواقع تسيير الشأن المحلي لمناضلاته في وقت جد مبكر.
وأكد الحزب أن هذه بعض من مواقف الحزب العديدة والدالة على التعاطي بإيجابية، وبالتزام تام مع المسألة النسائية، واعتبارها إحدى أولوياته الملحة في انسجام فعلي مع خطاباته وشعاراته ومن منطلق قناعته أن أي إنصاف للـمرأة من شأنه أن ينعكس على المجتمع برمته، مشيراً الى الرؤية المذهبية للأصالة والمعاصرة لموضوع حقوق المرأة، تنطلق من الاعتراف بالدور المحوري والرائد للـمرأة الـمغربية وإسهامها في نهضة وتطور الـمجتمع الـمغربي، وهي الساهرة على التربية على القيم الوطنية الراسخة، والتنشئة على الأخلاق السامية والرفيعة، كما أن للمرأة الـمغربية، على مــرّ التاريخ، الحضور الأبرز ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، ويرتكز على تشخيص مستويات التهميش الذي كانت المرأة المغربية ضحية له، من مرجعيات مختلفة تسعى إلى طَمَسَ إسهام المرأة المغربية في سبيل تطور الـمجتمع الـمغربي وتقدمه.
واقع حزب الاصالة والمعاصرة أثار غير ما مرة الانتباه إلى خطورة ما وصلت إليه وضعية الـمرأة في بلادنــا من مظاهر الحيف، وارتفاع حالات العنف، وأرقام زواج القاصرات الـمخيفة، وتواضع نسب ومعدلات التمكين الاقتصادي للنساء، وهو حيف اجتماعي وقانوني واقتصادي ويرقى في مستويات أخرى إلى حيف سياسي.
وقال الحزب في كلمته أمام اللجنة، إن “خطاب حزب الأصالة والمعاصرة المستحضر لتاريخ المرأة المغربية والعارف بتفاصيل واقع التمكين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمرأة المغربية، يستشرف المستقبل انطلاقا من أن العلاقة بين الـمرأة والرجل لا تقوم مطلقاً على الصراع والقطبية، بل هي علاقة يطبعها التكامل الـخلاّق في إطار الفطرة الإنسانية السليمة؛ والاعتراف بالحقوق الإنسانية للمرأة الـمغربية لا يَضِيرُ الرجلَ في شيء، بل ينفعه سواء باعتباره أبا لبنات، أخا لأخوات، جدا لحفيدات، أو كونه باختصار صاحب كرامة إنسانية؛ والأمر ليس معركةً للنساء وحدهن، وليس شأنــاً خاصاً بالنساء فقط، بل الأمر شأن مشترك، من منطلق أن النساء شقائق الرجال، في العلم والعمل والسعي لإصلاح الـمجتمع ورقيه ونبوغه وتبوئه الـمكانة الـمتميزة بين الأمم”.
وأضاف الحزب في كلمته أن “هذا هو ما يجعل تصور حزب الاصالة والمعاصرة لـمـوضوع الـمرأة تؤطره قناعة راسخة بضرورة إعطاء الـمرأة حقوقها الـمستحقة؛ وتمكينها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وحقوقياً؛ ورفع كل مظاهر الحيف والتمييز في التشريعات والقوانين والـممارسة العملية”.
تحرير: خديجة الرحالي/ تصوير: ياسين الزهراوي