ادابدا: المغرب تبنى اختيارا واضحا وصريحا أساسه الاعتراف بتعدد مكونات المجتمع المغربي

0 252

قال المستشار البرلماني احمدو ادابدا “إن المغرب تبنى اختيارا واضحا وصريحا، أساسه الاعتراف بتعدد مكونات المجتمع المغربي، والعمل بكل الوسائل على صيانتها وحمايتها والنهوض بها، فضلا عن ذلك، تم تخصيص الفصل 5 بكامله للشأن اللغوي والثقافي، ونص بصريح العبارة على دسترة اللغة الأمازيغية واعتبارها لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية”.

جاء ذلك في مداخلة له باسم فريق الأصالة والمعاصرة خلال مناقشة تقرير المجموعة الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالسياسة اللغوية بالمغرب”، اليوم الثلاثاء 16 يوليوز 2024 بمجلس المستشارين.
وذكر ادابدا بالمقتضيات الدستورية التي وضعها المشرع الدستوري خلال سنة 2011، والتي مر عليها ما يقارب 13 سنة، ورغم ذلك لازالت جملة من المقتضيات في مجال تنمية اللغات والتعبيرات الثقافية تراوح مكانها، مما يعني أن الحكومتين السابقتين واللتين جاءتا بعد دستور 2011 كان من المفروض أن تبذلا مجهودات في هذا المجال، وهو ما لم يحصل، علما أن هذا الموضوع حظي باهتمام خاص ضمن دستور 2011.

وأوضح المستشار البرلماني أن أهمية العناية بالتنوع اللغوي ببلادنا كانت كذلك موضوع عدة تشريعات، والتي ألزمت بضرورة صيانة الحسانية باعتبارها جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة، وعلى حماية مختلف اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب، وتسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، مبرزا أن الأمر لا يتعلق فقط بالمكون الأمازيغي بل بباقي المكونات خاصة الثقافة الحسانية، والتي تعرف إنتشارا واسعا بأقاليمنا الجنوبية، “ونحن على ثقة تامة بأن الاهتمام بهذه الثقافة وتقديم الدعم اللازم لها وصيانتها، من شأن ذلك أن يخدم القضية الوطنية ويسهم بشكل كبير في تعزيز روابطنا الثقافية بهذه الجهة العزيزة على قلوب المغاربة”.

وقال المتحدث ذاته، إن فريق الأصالة والمعاصرة يسجل بارتياح كبير مجهودات الحكومة الحالية القيام بتدارك التعثر الذي عرفه هذا الورش، خاصة في ما يتعلق بإدماج اللغة الأمازيغية، مشيرا إلى أنه على مستوى التعليم، الحكومة سائرة في طريق إدماج اللغة الأمازيغية في مختلف مستويات التعليم وكذا إدماج الهوية والثقافة الأمازيغية والحسانية في المقررات الدراسية، حيث حققت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة تطورا ملحوظا تمثل في نسبة 50% من تدريس اللغة الأمازيغية بالسلك الابتدائي خلال الموسم الدراسي 2025/2026.

أما بخصوص حضور الأمازيغية لغة وثقافة بالإعلام المغربي، يضيف ادابدا، فإن الحكومة الحالية تبذل مجهودات استثنائية لتدارك التأخر الكبير الحاصل في هذا المجال طيلة العشر سنوات الأخيرة، وذلك من خلال اعتماد اللغة الأمازيغية بالقنوات الوطنية.

وبحسب الإحصائيات التي تضمنها التقرير حول حضور اللغة الأمازيغية بالمشهد السمعي البصري، يلاحظ أن هناك تحسن ملحوظ على هذا المستوى، حيث يسجل على مستوى اللغات والتعابير المعروضة بكل من القناة الأولى والثانية والقناة الأمازيغية وقناة العيون الجهوية، والإذاعة الوطنية، أن الدارجة المغربية تشكل 48.89 % من الحصة الزمنية الإجمالية، في حين تشكل العربية الفصحى 27.13 % والأمازيغية 7.66% متفوقة بذلك على اللغة الفرنسية التي حلت في المرتبة الرابعة ب 3.9% فقط، متبوعة بالحسانية بنسبة 2.04% ثم الإسبانية بنسبة 0.39%، وهو ما يعكس تشجيعا واضحا لحضور الأمازيغية في المشهد الإعلامي السمعي البصري، إضافة إلى الحسانية التي نأمل أن يتعزز موقعها في المستقبل بصورة أكثر.

وعلى مستوى إدماج اللغة الأمازيغية في الإدارة المغربية، سجل عضو الفريق تحسنا ملحوظا على مستوى عدة قطاعات عمومية وعلى رأسها قطاع العدل، حيث تم اتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير الملموسة في هذا الباب، بغية تفعيل توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، خاصة في العلاقة مع التوصية رقم 133 التي تنص على ضرورة تواصل المحاكم مع المتقاضين بلغة يفهمونها، لا سيما اللغة الأمازيغية والحسانية، حيث تم التنصيص على تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي، وكذا توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة العدل والمعهد الملكي للثقافية الأمازيغية من أجل ضمان إسهام المعهد في تكوين موظفي الوزارة والمحاكم في الترجمة إلى الأمازيغية، وتوفير معاجم مختصة في مجالات العدل والعدالة.

وثمن المستشار البرلماني توجه وزارة العدل كذلك نحو إدماج الأمازيغية في قانون الجنسية المغربية، حيث تفاعلت إيجابا مع مقترح القانون الذي تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، والذي تم بموجبه تتميم الفصل 11 من الظهير الشريف رقم 1.58.250 بسن قانون الجنسية، وذلك بإضافة المعرفة باللغة الأمازيغية إلى جانب العربية أو إحداهما ضمن الشروط المطلوبة في الراغب في الحصول على الجنسية المغربية، فضلا عن تعيين مساعِدات ومساعِدين اجتماعيين بالمحاكم يتقنون الحديث باللغة الأمازيغية، كما ذهبت الوزارة إلى حد اعتماد مخطط عمل لتنزيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمحاكم 2022/2029، تم إعداده بناء على المقاربة التشاركية بتدخل مختلف الفاعلين في مجال العدالة.

وفي ختام مداخلته، اعتبر ادابدا أن بلادنا تتوفر على رأسمال ثقافي مهم وبالغ الغنى والتنوع، لكنه لايزال يحتاج إلى أن يستفيد الرأسمال الثقافي الوطني من عمليات التثمين المناسبة بما فيه الكفاية، داعيا إلى ضرورة تعزيز التنسيق الجهوي والوطني لاستثمار التراث بمختلف تعبيراته لتحويل الموروث إلى رأسمال قابل للتنشيط والحياة، وتقوية التنسيق في بناء السياسات العمومية على مستوى الأداء الحكومي والمنهجية التي يدبر بها المجال اللغوي والثقافي في بلادنا، حيث أن كل قطاع حكومي لايزال يشتغل بمعزل عن القطاع الاخر، وأن العمل بشكل التقائي ومنسق من شأنه أن يعطي نتائج أفضل.

كما دعا على مستوى وزارة التربية الوطنية إلى ضرورة تعزيز حضور اللغتين العربية والأمازيغية والثقافة الوطنية في المناهج والمقررات المدرسية، وكذا إحداث جسور التواصل بين الجامعة المغربية والشأن التنموي للغات والتعبيرات الثقافية الوطنية.

تحرير: سارة الرمشي/ تصوير: ياسين الزهراوي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.