من تأطير الدكاترة بوحوص وأشحشاح .. الحلقة التكوينية الثانية ضمن الأبواب المفتوحة للحزب بطنجة تقارب “عقوبة الإعدام بين التشريع الدولي والوطني”
شكل موضوع “عقوبة الإعدام بين التشريع الدولي والوطني”، يوم الخميس 19 دجنبر الجاري، محور أشغال الحلقة التكوينية الثانية التي نظمتها الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بالمقر الجهوي للحزب بطنجة.
ويندرج هذا اللقاء الذي أطره الدكتور هشام بوحوص، أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق بطنجة ومنسق ماستر السياسة الجنائية ورصد وتحليل الظاهرة الإجرامية، وسيره الدكتور نور الدين أشحشاح، أستاذ بكلية الحقوق بطنجة، في إطار فعاليات الأبواب المفتوحة لحزب الأصالة والمعاصرة.
في كلمة افتتاحية، أبرز الدكتور أشحشاح أهمية الموضوع وراهنيته، مشيرًا إلى تزامن تنظيم الحلقة مع الاحتفالات التي تخلد الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وأوضح أشحشاح، أن قرار المغرب بالتصويت لصالح وقف تنفيذ عقوبة الإعدام في الأمم المتحدة يُعتبر خطوة تاريخية، مؤكدًا أن هذا القرار أثار نقاشا واسعًا في المجتمع، خاصة من قبل المؤسسات والجمعيات المعنية بحقوق الإنسان.
وأشار إلى أن التصويت يبرز تحولا مهما في السياسة الجنائية المغربية ويعكس التزامًا عالميًا بمبادئ حقوق الإنسان.
وفي معرض مداخلته، تطرق الدكتور بوحوص إلى عدة جوانب تتعلق بعقوبة الإعدام في التشريع المغربي والدولي. حيث أشار إلى أن المغرب كان يتخذ موقف الامتناع عن التصويت في القرارات الدولية المتعلقة بعقوبة الإعدام، إلا أن التصويت الأخير في 2024 يمثل تحولا نحو تأييد وقف تنفيذ العقوبة.
وأبرز وحوص، أن التزام المغرب بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام لمدة سنتين يعكس تحولًا قانونيا وجنائيا، مشيرا إلى أن هذا الالتزام سيكون قابلا للمراجعة بعد انقضاء المدة المحددة.
وأضاف أن الفرق بين الموقف الحالي والموقف السابق في المغرب هو جوهري؛ حيث كان المغرب يعتمد قرارا طوعيا لتجميد تنفيذ الإعدام منذ 1993، وهو قرار غير مؤسس قانونيا، بينما الالتزام الحالي يحمل سندا قانونيا دوليا، مما يعزز مصداقيته.
وذكر الدكتور بوحوص أن قرار المغرب لا يعني إلغاء عقوبة الإعدام بشكل كامل، بل هو قرار مؤقت يقتصر على عدم تنفيذ العقوبة فقط لمدة سنتين. مشيرا إلى أن المغرب لم يلغ العقوبة في التشريع، حيث لا يزال يحتفظ بها كعقوبة في جرائم حصرية، مثل القتل العمد والجرائم الإرهابية. وأضاف أن العقوبة لا تطبق إلا بتأشيرة وزير العدل، مما يعكس تقييدا في تنفيذها.
وذكر بوحوص أن هذا التحول في السياسة الجنائية المغربية يتماشى مع التوجهات العالمية لحقوق الإنسان، لكنه في نفس الوقت يعكس خصوصية النظام القضائي المغربي، الذي يحترم كافة الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة، وبالتالي فإن أي حكم بالإعدام يُنفذ بحذر وبمراعاة هذه الضمانات.
وتطرق الدكتور بوحوص أيضا إلى مشروع تعديل قانون العقوبات والمسطرة الجنائية الذي يناقشه البرلمان المغربي، مؤكدا أن هذا المشروع قد يكون مدخلًا لإلغاء تدريجي لعقوبة الإعدام. وفي هذا السياق، أشار إلى أن الجدل القائم في المغرب حول هذه العقوبة يعكس تنامي الوعي الاجتماعي والحقوقي داخل البلاد.
وختم بوحوص، بالتأكيد على أن النقاش حول عقوبة الإعدام ليس محصورا في المغرب فحسب، بل هو قضية تثير جدلا عالميا، وقد شهدت بعض الدول إلغاءها بشكل كامل، بينما اتجهت أخرى نحو تجميدها. مضيفا أن المغرب يبقى ملتزما بحقوق الإنسان، ولكنه يظل في موقف التوازن بين التزامات قانونية دولية وحماية القيم الوطنية.
مراد بنعلي