طنجة.. أشحشاح وبوقيش يؤطران لقاء تواصليا حول موضوع “قراءة في مشروع القانون التنظيمي الإضراب”

0 184

يشكل موضوع الإضراب أحد المحاور الأساسية التي حظيت باهتمام كبير في المغرب، سواء على المستوى الحكومي؛ التشريعي، النقابي، والشغيلة، بالنظر إلى دوره في تحقيق التوازن بين حقوق الشغيلة وضمان استمرارية المقاولات والمصالح الاقتصادية.

وقد عرف هذا الموضوع نقاشات مستفيضة بين مختلف الفرقاء الاجتماعيين، حيث بذلت جهود حكومية لإخراج قانون منظم للإضراب يتوافق مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع مراعاة مبادئ الحوار والتشاور.

وعلاقة بموضوع قانون الإضراب، نظمت الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة؛ يوم الخميس 13 فبراير الجاري بالمقر الجهوي للحزب بطنجة، لقاء تواصليا حول موضوع: “قراءة في مشروع القانون التنظيمي الإضراب”، من تأطير الدكتور خالد بوقيش أستاذ بكلية الحقوق طنجة وخبير في مجال قانون الشغل، وتسيير الدكتور نور الدين أشحشاح أستاذ بكلية الحقوق طنجة وعضو المجلس الوطني للحزب.
وذلك بحضور عدد من مناضلات ومناضلي الحزب، والطالبات والطلاب الجامعيين وفعاليات أخرى.

وفي كلمة افتتاحية، أكد الدكتور أشحشاح، على أهمية العمل الحكومي في إخراج القانون المذكور إلى حيز الوجود، بمبادرات قادها يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، لبلورة قانون متوازن ينظم ممارسة الإضراب، مشيرا إلى الاجتهادات القضائية والقانونية التي أسهمت في وضع إطار قانوني لهذا الحق الدستوري.

واعتبر أشحشاح أن المشروع الجديد يقدم فرصا اجتماعية واستثمارية مهمة، حيث يهدف إلى خلق بيئة أكثر استقرارا لسوق الشغل، بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الوطني.

كما أوضح أن منهجية العمل التي تم اعتمادها بشأن هذا القانون تستند إلى التوجيهات الملكية التي وردت في خطاب افتتاح الدورة التشريعية لسنة 2015، حيث شدد جلالة الملك محمد السادس على ضرورة الحوار بين مختلف الفرقاء المعنيين لضمان توافق واسع يخدم مصلحة البلاد.

من جانبه، قدم الدكتور بوقيش قراءة في المقاربة الدستورية والقانونية للإضراب، وأشار إلى أن المغرب أعطى لموضوع الإضراب مكانة دستورية، وهو توجه تتبناه 94 دولة عبر العالم، بينما تدرجه دول أخرى في إطار قانون الشغل أو ضمن مرسوم خاص.

وأكد أن الإضراب لا يخص الشغيلة وحدها، بل يشمل كل مكونات المجتمع، مما يستدعي إطارا قانونيا متوازنا يأخذ بعين الاعتبار مختلف المصالح.

كما أبرز أن الاجتهادات القضائية لعبت دورا مهما في تأطير ممارسة الإضراب، من حيث تحديد الأشخاص المخول لهم ممارسة هذا الحق، وتحديد الأهداف المشروعة للإضراب، إضافة إلى ضبط أشكاله المختلفة. لكنه أشار إلى أن الصعوبة الأساسية في هذا الملف تكمن في الاختلاف المستمر بين الباطرونا والشغيلة، حيث تتباين وجهات النظر بين من يسعى إلى ضمان حرية الإضراب، ومن يخشى انعكاساته على استقرار المقاولات والاقتصاد.

واعتبر بوقيش أن مشروع القانون 97.15، في نسخته الجديدة، يتفوق من حيث الجودة والصياغة على نسخة 2015، التي تضمنت عدة قيود على ممارسة الإضراب، ومن بين هذه القيود، كان منع بعض الفئات، مثل العمال المستقلين وعمال المنازل، من ممارسة حقهم في الإضراب، بالإضافة إلى تقييد الحق في إعلان الإضراب وحصره في النقابة الأكثر تمثيلا.

كما عرفت النسخة الجديدة من المشروع حذف العقوبات الزجرية التي كانت مثار جدل في النسخة السابقة، وذلك في إطار توجه نحو مقاربة أكثر توازنا بين الحقوق والواجبات.

ويرى بوقيش أن تقنين ممارسة الإضراب سيكون له تأثير إيجابي على مستوى جلب الاستثمارات وخلق فرص الشغل، باعتبار أن الوضوح القانوني في هذا المجال يعزز ثقة المستثمرين ويضمن استقرار العلاقات المهنية داخل المقاولات.

وبذلك، فإن هذا المشروع لا يقتصر فقط على كونه قانونا يؤطر الحق في الإضراب، بل يتعدى ذلك ليكون أداة لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية كبرى.

وقد شهد اللقاء نقاشا إيجابيا بين الحضور والمؤطرين، وبشكل عام يبقى قانون الإضراب من بين القوانين الأساسية التي تتطلب توافقا واسعا بين مختلف الفرقاء الاجتماعيين، بالنظر إلى تأثيراته المباشرة على سوق الشغل والاستثمار.

ورغم النقاشات والاختلافات حول بعض مضامينه، فإن التوجه العام يسير نحو تبني قانون متوازن يحفظ حقوق الشغيلة، ويضمن استمرارية المقاولات، ويسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.