كأس أمم إفريقيا 2022 .. عـرس كروي إفريقي بنكهة خاصة؛ الجماهير المغربية بين التشاؤم والتفاؤل

0 577

بقلم: أنـس بـلمـكي

على بعد أقل من أسبوع، ستتوجه أنظار الجماهير المغربية نحو الأدغال الإفريقية بدولة الكاميرون التي تحتضن النسخة 33 من بطولة كأس إفريقيا للأمم والتي ستقام خلال الفترة الممتدة بين 9 يناير الجاري و6 فبراير المقبل، بعد أن تم تأجيلها بسبب تداعيات جائحة كورونا وعدم جهوزية ملاعب الكاميرون في السنة الماضية.

ومعلوم أن قرعة هذه البطولة التي أقيمت العام المنصرم بالعاصمة الكاميرونية ياوندي، كانت قد أسفرت عن وقوع المنتخب الوطني المغربي في المجموعة الثالثة التي تضم، إلى جانب المنتخب الوطني المغربي، كلا من المنتخبين الغاني والغابوني، إضافة إلى منتخب جزر القمر؛ الأمر الذي دفع بالعديد من المحللين والمتتبعين الرياضيين لإطلاق “مجموعة الموت” على هذه المجموعة بالنظر لقوة المنتخبات التي تضمها.

وفي الوقت الذي كانت تعبر فيه فئة عريضة من الجماهير المغربية عن طموحها الكبير لمعانقة الكأس الإفريقية الثانية (بعد الكأس اليتيمة عام 1976 بأثيوبيا)، فإن طفو وتناسل العديد من المشاكل التي طرأت على استعدادات النخبة الوطنية خلال الأيام الأخيرة، قد جعل حلم معانقة هذه الكأس يأخذ طريقه نحو التبدد والتلاشي في أعين العديد من الجماهير الرياضية العاشقة لمنتخبها الوطني الأول.

ولعل السبب الكامن وراء هذا التشاؤم، هو ما صدر عن الناخب الوطني وحيد حليلوزتش من تصريحات إعلامية فاترة ومستفزة أحيانا، ناهيك عن استبعاده لنجمي تشيلسي وأجاكس أمستردام، حكيم زياش ونصير مزراوي، اللذين يستحقان، في نظر الكثيرين، اللعب للمنتخب الوطني والتواجد بالكان.

وفي هذا السياق، تستشهد هذه الفئة من الجماهير الرياضية بالموقف الوطني الشجاع الذي كان قد أبداه، في وقت سابق، حكيم زياش أمام الضغوطات والإغراءات الهولندية، حين تعرضه لوابل من الشتائم والاستفزازات من طرف الإعلام الهولندي ومسيري الاتحاد الهولندي لكرة القدم الذين كانوا يرغبون في ضمه للمنتخب الهولندي وتمثيله.

وتستحضر هذه الجماهير المدافعة عن اللاعب زياش بكلامه الرائع والمنقوش في ذاكرتهم، عندما سأله أحد الصحفيين الهولنديين: “يبدو أنك مخطئ في اختيارك تمثيل المغرب.. وسيأتي يوم ستندم فيه على هذا الاختيار؟” فجاءه جواب زياش صاعقا وحازما وحاسما: “هل هناك من يخطئ في اختيار أمه…؟” وفي موضع آخر، قال زياش لأحد الصحفيين: “إن دمي أحس به أحمر وليس برتقاليا”. ولعل هذه المواقف الوطنية الصادقة وحدها تشفع لزياش الاستمرار في ارتداء قميص المنتخب الوطني والتواجد بالتشكيلة التي شدت رحالها نحو أدغال أفريقيا، حتى وإن كانت قد صدرت عنه بعض السلوكات التي لم تعجب وحيد حليلوزتش، فضلا عن كونه أحد نجوم فريق كبير اسمه تشيلسي، مما يفيد كون المنتخب الوطني هو بحاجة ماسة إلى خدماته.

في مقابل ذلك، هناك فئة أخرى من الجماهير الرياضية التي لا تزال ثابتة على موقفها في الدفاع عن المنتخب الوطني والاختيارات التقنية للناخب الوطني، وترى فيما صدر عن وحيد حليلوزتش من كلام، ينم في الحقيقة عن اتصافه بالكثير من الاحترافية والموضوعية، وبالتالي جدارته في قيادة المنتخب الوطني، لاسيما بعد الخبرة الطويلة التي اكتسبها في مشواره التدريبي (سبق له أن درب منتخبات كبيرة وعريقة مثل المنتخب الياباني والإيفواري والجزائري)؛ وبالتالي فإن حليلوزتش، في نظر مؤيديه، يؤسس لممارسة كروية جديدة داخل المنتخب الوطني، ممارسة تقوم على قواعد الالتزام والانضباط في العمل وحب القميص الوطني لدرجة القدسية؛ الشيء الذي يعتبر بمثابة قطيعة مع الفوضى والسيبة التي عرف بها المنتخب الوطني خلال فترات سابقة.

والحال أنه بين المتشائمين والمتفائلين بالفريق الوطني، تبقى النتائج التي ستحصدها النخبة الوطنية في بطولة كأس إفريقيا 2022 بالكاميرون، علامة فارقة ونقطة مفصلية في مدى استمرار وحيد حليلوزتش على رأس العارضة التقنية للمنتخب الوطني من عدمه. أكيد أنه في حالة الفشل ستتعالى أصوات المطالبين برأس حليلوزتش وإقالته قبل الذهاب لمونديال قطر في حالة التأهل، بل قد يمتد الاحتجاج إلى أمور أخرى كثيرة ربما لا تزال اليوم طي الكتمان. أما في حالة النجاح (نيل الكأس) فإن الاحتجاجات ستخفت وتخبو، وستغطي أجواء الفرحة بالفوز على مختلف المشاكل والعيوب والنقائص، وبالتالي استمرار وحيد حليلوزتش في التمسك باختياراته ومواقفه وفرض أسلوبه وطريقته داخل الفريق الوطني بقوة أكبر. وبين هذا وذاك..

وفي كل الأحوال نتمنى لمنتخبنا الوطني حظا موفقا بالكاميرون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.