إيمان لماوي تستعرض السياق الدولي الذي يناقش في ضوءه مشروع القانون وتثمن الخطى الثابتة لمشروع أنبوب الغار الإفريقي الأطلسي نيجيريا- المغرب

0 53

أكدت عضو الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة إيمان لماوي؛ أن مشروع قانون المالية لسنة 2025، يعتبر مناسبة سانحة لاستشراف معالم السياسات والتدابير الحكومية بهدفِ استكمال ما التزمت به في برنامجها خلال السنتين الماليتين المقبلتين، معتبرة أن مناقشة مشروع قانون المالية السنوي يعدّ مناسبة للبرلمان لممارسة أدواره الدستورية المتمثلة أساسا في مساءلة الحكومة على منجزها الاقتصادي والاجتماعي.

وأشارت السيدة لماوي في مداخلة قدمتها باسم فريق الأصالة والمعاصرة خلال مناقشة مشروع قانون المالية 2025، بالجلسة العامة المنعقدة اليوم الخميس 14 نونبر 2024، بمجلس النواب، إلى أن مناقشة هذا المشروع المهيكل في نسقنا السياسي والمؤسساتي، تأتي بعد انصرام النصف الأول من الولاية الحكومية والتشريعية، وما تحقق خلال هذه المدة القصيرة من منجزات مهمة جدا، منوهة بالأجواء العامة التي رافقت التعديل الحكومي الأخير، مهنئة في نفس الوقت السيدات والسادة أعضاء الحكومة على الثقة المولوية التي حظوا بها، الأمر الذي من شـأنه ضخ دماء جديدة، بما يسمح بالرفع من فعالية العمل الحكومي وجودته، واستكمال تنزيل مختلف أهداف البرنامج الحكومي فيما تبقى من زمن هذه الولاية الحكومية والتشريعية.

وأبرزت لماوي أن مناقشة مشروع قانون المالية 2025، تأتي في غَمرةِ الاحتفال بمناسبةٍ غاليةٍ على قلوب الشعب المغربي قاطبةً، تتمثل في مرور خمسة وعشرين سنة على تربع جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على عرش أسلافه المنعمين، مستحضرينَ بكل فخر، القيادة الملكية الحكيمة للمسار التنموي في بلادنا، بكل حنكةٍ وتبصّر، خصوصا في ظل ما تعرفه قضية وحدتنا الترابية من انتصارات دبلوماسية متواصلة، بتخطيط وقيادة حكيمَتين من جلالة الملك، حفظه الله.

واستحضرت المتحدثة بكل معاني الاعتزاز مضامين الخطاب السامي الأخير الذي وجهه جلالة الملك إلى الأمة بمناسبة الاحتفاء بالذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة، والذي تضمّن رسائل واضحة وصريحة بشأن موضوع قضية وحدتنا الترابية، خصوصا للذين مازالوا يعيشون في عالم آخر منفصل عن الحقيقة، ومازالوا يعيشون على أوهام الماضي، ويتشبّثون بأطروحات تجاوزها الزمن، منوهينَ بدعوة جلالة الملك، منظمة الأمم المتحدة إلى أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الباب، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين العالم المتجمد، البعيد عن الواقع وتطوراته.

وثمنت لماوي مختلف الإجراءات المرتبطة بجعل مغاربة العالم في صلب السياسات الحكومية، من خلال الانكباب السريع على تفعيل التوجيهات الملكية التي تروم إحداث تحول جديد في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج، من خلال إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بالجالية، بما يضمن عدم تداخل الاختصاصات وتشتت الفاعلين، والتجاوب مع حاجياتها الجديدة. ملفتة إلى أن الخطاب الملكي السامي المشار إلى مضامينه أعلاه، لا يمكن فصله عن مضمون الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح هذه السنة التشريعية، والذي جدد فيه جلالته التأكيد على أن قضية الصحراء المغربية ستظل أولى الأولويات الاستراتيجية والمصيرية للمملكة المغربية، في ظل ما تعرفه من تطورات عنوانها الأبرز، الانتقال من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، ومن مقاربة رد الفعل، إلى أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية.

وأشادت لماوي عاليا بالمقاربة الملكية الحكيمة والمتبصرة في تدبير هذه القضية الوطنية المصيرية، التي جعلت من التنمية جوابا سياسيا واقتصاديا، من خلال جعل أقاليمنا الجنوبية ورشا تنمويا مفتوحا، خصوصا على مستوى التقدم الكبير الذي يعرفه تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية (2016- 2021)، الذي يبلغ غلافه المالي ما يناهز 78,4 مليار درهم، وهو رقمٌ ضخمٌ جدا، خصوصا على مستوى مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، ومشروع الطريق السريع تيزنيت – الداخلة، وما يرتبط بهما من مشاريع وبنيات تحتية فاقت 654 مشروعا.

وقالت عضو الفريق النيابي، “ينضاف إلى ذلك مضمون خطاب رئيس الجمهورية الفرنسية السيد إيمانويل ماكرون، من هذا المكان، ومن قلب هذه المؤسسة التشريعية العريقة، وذلك في إطار زيارة الدولة التي قام بها إلى المملكة نهاية الشهر المنصرم، بدعوة كريمة من جلالة الملك، حفظه الله، حيث قال السيد رئيس الجمهورية الفرنسية بلغة واضحة ومباشرة إن: “حاضر ومستقبل هذه المنطقة لن يكون إلا تحت السيادة المغربية”.

وأضافت: “وأكد فخامة الرئيس على دور فرنسا المتميز دائما إزاء القضية الفلسطينية، حيث طالب بالوقف الفوري لحرب الإبادة إزاء الشعب الفلسطيني وإدخال المساعدات والتشبث بحل الدولتين طبقا لقرارات مجلس الأمن، كما أشاد بالدور المحوري الذي يقوم به جلالة الملك بصفته رئيسا للجنة القدس لفائدة نصرة القضية الفلسطينية”.

وزادت لماوي مسترسلة في مداخلتها، “كل هذه المواقف التي أدلى بها فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية أمام ممثلي الشعب المغربي تدعونا جميعا إلى الابتعاد عن المزايدات السياسية التي لم تنفع في الماضي ولن تنفع في المستقبل القضية الفلسطينية التي يعتبرها المغرب من أولى أولوياته”.

وفي سياق ذي صلة، ثمنت لماوي عاليا البلاغ الصادر عن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في شأن قرار محكمة العدل الأوروبية، الذي اعتبر أن هذا الحكم لا يُلزم بلدنا في شيء، وإنما هو شأن يهم الاتحاد الأوروبي، والجمهورية الوهمية المدعومة من طرف الجزائر. “كما نثمن البلاغات الصادرة عن مفوضية الاتحاد الأوروبي، ووزراء خارجية العديد من الدول الأوروبية القاضي مضمونها التشبث بالشراكات والاتفاقيات المبرمة مع المملكة المغربية”.

وأكدت لماوي أن فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، وفي ضوء زخم التقدم الملموس في المواقف السياسية والدبلوماسية الدولية إزاء قضية وحدتنا الترابية، يثمن الخطى الثابتة التي يسير وفقها مشروع أنبوب الغار الإفريقي الأطلسي نيجيريا – المغرب، بوصفه مشروعا مهيكلا للنسق الجيو – استراتيجي برمته، وذلك بالنظر إلى انعكاساته الاقتصادية والتنموية الكبيرة على مجموع بلدان غرب إفريقيا.

كما اعتبرت لماوي المبادرة الملكية الدولية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، مبادرة استراتيجية وخلاّقة، منذ أن أطلقها جلالة الملك، حفظه الله، بمناسبة خطاب المسيرة الخضراء بتاريخ 6 نونبر 2024، من خلال الالتزام بوضع مختلف البنيات التحتية المغربية رهن إشارة الدول الشقيقة والصديقة، الأمر الذي يُكْسِبُ هذه المبادرة كل عناصر الابتكار بهدف تعزيز تنمية واستقرار وأمن المنطقة برمتها.

وأوضحت المتحدثى بالقول: ” السياق الدولي الذي نناقشُ في ضوءه مشروع قانون مالية السنة المقبلة، يتسم بوضع جيو – استراتيجي، صعبٌ، وضاغطٌ، ومتوترٌ، ومعقدٌ، ومفتوحٌ على مختلف الاحتمالات والسيناريوهات التي تُنْذِرُ بمزيدٍ من التصعيد الإقليمي، وفي مقدمة ذلك الوضع المتفجر في الأراضي الفلسطينية، أمام تحلل إسرائيل من مختلف الضوابط والأخلاقيات، مما نتج عنه مأساة إنسانية يعجز اللسان عن إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عمّا يخالجنا من ألـــم أمام صور ومشاهد التقتيل والإمعان في إبادة الشعب الفلسطيني المستبسل في وجه الآلة العسكرية الإسرائيلية، حيث إن همجية قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تعد تلقِ بالًا إلى حرمة مسجد، أو كنيسة، أو مدرسة، أو مستشفى، أو سيارة إسعاف، أو مأوىً للاجئين، كما لم تحترم طفلا، أو امرأة، أو شيخا، أو صحافيا، أو طبيبا، وبذلك تكون قد فاقت كل الحدود، وضربت بعرض الحائط مختلف المواثيق والصكوك الدولية، وقرارات منظمة الأمم المتحدة”.

وبهذه المناسبة جددت باسم الفريق النيابي التنويه بالجهود الجبارة التي تبذلها المملكة المغربية، بقيادة جلالة الملك، نصره الله، رئيس لجنة القدس، من مبادرات متواصلة ترمي إلى تخفيف الظروف الصعبة التي يعيش في ظلها الشعب الفلسطيني الشقيق، حيث تمكّن المغرب في 12 مارس 2024، من إدخال أربعين طنا من الإمدادات إلى قطاع غزة عن طريق البر، كما تمكّن من توجيه مساعدات طبية إلى السكان الفلسطينيين في غزة بتعليمات ملكية سامية بتاريخ 24 يونيو 2024، الأمر الذي كان له الأثر الكبير على تخفيف ظروف التقتيل والحصار والتجويع المتواصل.

وأشارت المتحدثة الى أنه ينص الفصل 58 من دستور المملكة لسنة 2011 على أن الملك يمارس حق العفو، لذلك لم يدّخر جلالة الملك، حفظه الله، أي مناسبة من أجل إعمال هذه الآلية، رأفةً برعاياه الأوفياء، مشيرة إلى أن تخصيص خطاب العرش لهذه السنة لإشكالية الماء، شكل عنوانا بارزا لاهتمام ملكي موصول بهذا الموضوع الاستراتيجي، والتحديات التي يطرحها مستقبلا، وتداعياته على مختلف مناحي الحياة ببلادنا، لذلك ثمنت في فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، الرؤية الاستباقية التي يتفاعل بها جلالة الملك، حفظه الله، مع مثل هذه القضايا المصيرية.

ودعت لماوي باسم الفريق إلى تنزيل التدابير الواردة في البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه ‏السقي 2020-2027‏‎ بصرامة ووفق الآجال المحددة، خصوصا على مستوى استكمال برنامج بناء السدود، وبرمجة بناء سدود جديدة إذا تطلب الأمر ذلك. مشددة كذلك على ضرورة التسريع بإنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية، خصوصا من حوض واد لاو واللكوس، إلى حوض أم الربيع، مرورا بأحواض سبو وأبي رقراق، الأمر الذي سيمكن من الاستفادة من مليار متر مكعب من المياه التي كانت تضيع في البحر، فضلا عن التسريع بإنجاز محطات تحلية مياه البحر.

وعلى صعيد اخر، اعتبرت لماوي أن الاحتجاج يمثل تمظهرا من تمظهرات ممارسة الحريات في بلادنا، لذلك فإن حدوث أو استمرار إضرابات أو احتجاجات في قطاعات ومجالات معينة، لا يعني بالضرورة أن الحكومة لا تتعاطى بالجدية المطلوبة مع المطالب الاحتجاجية، بل على العكس من ذلك تماما، إذا نظرنا بعين منصفة إلى التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة في ظرف زمني وجيز، في مجموعة من القطاعات الحيوية، سوف يتأكد بالملموس انكباب الحكومة على معالجة الإشكاليات المطروحة بجرأة، وبالتزامات، وآجال زمنية دقيقة.

وأشارت لماوي إلى أن مشروع قانون المالية لهذه السنة يتزامن مع تنظيم النسخة السابعة للإحصاء العام للسكان والسكنى، وما تم الإعلان عنه بموجب المرسوم رقم 2.24.1009 بالمصادقة على الأرقام المحدد بها عدد السكان القانونيين للمملكة، وذلك خلال اجتماع مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ 7 نونبر الجاري، حيث تمثل هذه العملية أهمية خاصة وذات بعد استراتيجي في عملية تدقيق وتحيين المعطيات الديمغرافية والسوسيو-اقتصادية، التي تعد قطب الرحــى في تنزيل البرامج الاجتماعية، وتحسين عملية استهداف حاجيات المواطنات والمواطنين، وتطوير السياسات العمومية، لذلك ننوه في الفريق بالأجواء العامة التي رافقت تنظيم هذا الاستحقاق الوطني المهم، في أفق استثمار نتائجه فيما فيه خيرٌ لبلدنا الأمين، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، حفظه الله.

كما تطرقت المتحدثة للتداعيات الوخيمة للحرب الروسية -الأوكرانية على الاقتصاديات العالمية؛ التي انعكست على سلاسل التوريد، ونِسَبِ النمو، ومعدلات التضخم، واستقرار أسعار الصرف، وتداول البورصات الدولية؛ بحيث كان لبلادنا نصيبها من هذا التأثر من خلال التكلفة المالية والموازناتية للإجراءات المتخذة في سبيل مواجهة هذه الانعكاسات، خصوصا على مستوى استمرار التزود بالوقود، بعد تسجيله لأسعار قياسية، وانعكاسه المباشر على أسعار المواد الاستهلاكية في السوق الوطنية.

خديجة الرحالي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.