البيان الختامي للمؤتمر الوطني الخامس لحزب الأصالة والمعاصرة

0 2٬993

تلت؛ رئيسة لجنة البيان الختامي للمؤتمر الوطني الخامس لحزب الأصالة والمعاصرة؛ السيدة فاطمة السعدي؛ مساء يوم السبت 10 فبراير الجاري؛ ببوزنيقة؛ نص البيان المذكور، وهذا نصه الكامل:

بجهد نضالي جماعي، تمكن المناضلات والمناضلون بحزب الأصالة والمعاصرة من عقد المؤتمر الوطني الخامس للحزب في آجاله القانونية وفقا لما ينص عليه قانونه الأساسي بمدينة بوزنيقة، خلال يومي 9 و10 فبراير 2024، تحت شعار “تجديد الذات الحزبية لضمان الاستمرارية”.

وتميزت أشغال هذا المؤتمر الذي حضره أزيد من 3000 مؤتمر ومؤتمرة من مختلف ربوع المملكة بالنقاش المسؤول والمستفيض لمختلف التحديات التي تواجهها بلادنا بصفة عامة، وحزبنا بصورة خاصة، وفي هذا السياق تميزت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلمة الأمين العام السيد عبد اللطيف وهبي، تطرق من خلالها للتحديات والسياقين الدولي والوطني الذي يعقد فيهما المؤتمر، مؤكدا أنها سياقات بالغة الخطورة وعلى درجة عالية من الحساسية، حيث على المستوى الدولي نعيش حروبا وتقتيلا وإبادة جماعية بغزة تجسد انتكاسات على مستوى القيم الإنسانية، وعلى المستوى الوطني حيث الصعوبات الاقتصادية، والظروف المناخية الداخلية وكثرة التحديات، مؤكدا أنه رغم ذلك توجد العديد من المظاهر الإيجابية والبناءة في مختلف مناحي الحياة العامة للمغاربة.

وعلى مستوى حصيلة عمل الحكومة فقد أكد الأمين العام أنها تقوم بإصلاحات تاريخية وأخرى تحاول عبرها تدارك التأخر في تحقيقها مثل ورش توفير الماء الشروب، وتسوية ملف متعاقدي التعليم، وتعميم الحماية الاجتماعية، والدعم الاجتماعي المباشر ودعم السكن وغيرها من الإصلاحات، مؤكدا أنه لأول مرة في التاريخ، ورغم الإكراهات غير المسبوقة، يعيش المغرب سياسة حقيقية تجمع بين تنمية الاستثمارات العمومية وتحفيز المقاولات الخاصة وإنجاز الأوراش الكبرى، وفي الآن نفسه تنمية الوضع الاجتماعي لعموم المغاربة؛ خاصة الفئات الأكثر هشاشة.

كما تطرق للحضور المتميز للحزب داخل الأغلبية الحكومية الحالية، وحصيلته الإيجابية في تحقيق المنجزات باعتباره حزبا وفيا للعرش وللملك، وحزبا صادقا مع مؤسسة رئاسة الحكومة، وحزبا صبورا ومنضبطا لميثاق الأغلبية، وحزبا مبدعا وخلاقا في الاقتراحات والبرامج، وحزبا مخلصا لحلفائه في جميع المؤسسات، وحزبا أسهم بقوة في إنجاح التجربة الحكومية بفضل تضحياته وبوضوح خطابه، وبدعمه اللامشروط للإصلاحات التي تقوم بها الحكومة، وبابتعاده عن ممارسة ازدواجية المواقف أو الضرب تحت الحزام ضد حلفائه.

وحول حصيلة عمل الحزب خلال الأربع سنوات الماضية، فقد أكد الأمين العام أن الحزب نجح في تحقيق أشياء كثيرة وربما أخفق أو لم يسعفه الوقت لبلوغ أخرى، نجح في بناء تنظيم حزبي قوي لمؤسسات الحزب، وقام بإصلاحات سياسية وأخرى عميقة على مستوى الإدارة والإعلام وغيرها من المنجزات التي تعد ثمرة مجهود جميع الباميات والباميين.
 
وخلال نفس الجلسة، أشاد السيد سمير كودار رئيس اللجنة التحضيرية بالجهود الجبارة التي قامت بها اللجنة ومختلف فروعها، وبالتضحيات الجسيمة التي قام بها أعضاء اللجنة للإعداد الجيد للمؤتمر الوطني الخامس بهذه المواصفات الديمقراطية واللوجيستيكية الباهرة، مذكرا بعدد اجتماعات كل لجنة، وبمختلف الخطوات التنظيمية التي قامت بها.

بعد ذلك، تمت المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي، بعد مناقشة مستفيضة لمضمونيهما، وكذلك لمختلف القضايا التنظيمية والسياسية التي تواجه بلادنا وتواجه الحزب، واعتبر المؤتمرون والمؤتمرات لحظة المؤتمر لحظة تاريخية بامتياز، تتطلب الشجاعة في اتخاذ المواقف الوطنية البناءة، ونفس الأمر في التعامل مع القضايا الداخلية للحزب عبر نقاش عميق ومستفيض لكل هذه القضايا، وللورقة السياسية للحزب، ومختلف أوجه النقاش العام الذي عرفته أطوار المؤتمر.

وإذ يهنئ المؤتمر الوطني كل المناضلات والمناضلين على تحليهم بروح المسؤولية التنظيمية الجماعية، وعلى تشبثهم بالممارسة الديمقراطية، وعلى روح الأخلاق العالية التي تحلى بها المؤتمرات والمؤتمرون، وعزمهم على إنجاح محطة هذا المؤتمر النوعي في تاريخ الحزب، فإن المؤتمر الوطني للحزب يؤكد على ما يلي:  

– يثمن عاليا الانتصارات الدبلوماسية التي تحققها عدالة قضية وحدتنا الترابية في كل المحافل الدولية، بقيادة وحكمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، داعيا في الوقت نفسه كل مناضلات ومناضلي الحزب إلى المزيد من اليقظة ومواصلة التعبئة وراء عاهل البلاد في مواصلة الدفاع المستميت عن قضايانا العادلة، والتصدي لكل المناورات التي تتخذ أشكالا مختلفة وتضع أقنعة زائفة.

– يعتز المؤتمر بانتخاب المغرب على رأس مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بما يؤكد مصداقية بلادنا الإقليمية والدولية ديمقراطيا وحقوقيا وتنمويا، مؤكدا أن هذه المكانة تضع مسؤولية أخرى على عاتق بلادنا، وتحتم علينا كحزب ديمقراطي تعزيز جهود بلادنا في النهوض بثقافة حقوق الإنسان وحمايتها.

– يعتبر بأن اعادة الاعتبار للعمل السياسي يقع في صلب أولوياته من خلال التأكيد على أهمية اعتماد مقاربات القرب واستقطاب النخب وذلك تعزيزا لاختياراته الديموقراطية.

– يعتبر بأن السياق الحالي للمشهد الحزبي يحتاج إلى خلق مبادرات لتجديد مضمون مشروعنا من خلال القيام بمراجعة نقدية لاختياراتتنا ومقارباتنا، وكذا لتجديد “التعاقد” الذي يربط بين المناضلين والأداة الحزبية. كما وأن الـمؤتمر والحزب يسهم في تدبير الشأن الحكومي كعضو فعال ضمن أغلبية متجانسة. مما فرض مراجعة موضوعية لأدائنا، فاختار بعد نقاش مستفيض صيغة تنظيمية خلاقة قوية قادرة على إطلاق مبادرات من خلال إقراره “لقيادة جماعية” للمرحلة المقبلة.

– يولي الأهمية البالغة لتخليق المشهد السياسي الوطني حرصا علىً مصداقية مشروعه ومن من أجل الرفع من تعزيز إسهامه في إحداث التغييرات المنتظرة انسجاما مع مضامين التوجيهات الملكية المتضمنة في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي، إطارا مرجعيا لبلورة ميثاق لأخلاقيات العمل البرلماني.مع التأكيد على ضرورة اعتماد نفس التوجه ليشمل كافة مناحي الحياة

– يؤكد المؤتمر الوطني أن نعمة الاستقرار السياسي الديمقراطي كواقع لا رجعة فيه يجب أن يكون حافزا لتعزيز الممارسة الديمقراطية الحقة بمختلف المؤسسات، ويجب أن يكون دافعا للتحلي بالسلوك والأخلاق الرفيعة لدى الفاعل السياسي أثناء اشتغاله داخل المؤسسات الدستورية، مؤكدا أن الفعل السياسي النزيه هو السبيل الوحيد لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

– يثمن ما حققته بلادنا في المجال الاجتماعي في اتجاه بناء الدولة الاجتماعية بأركانها الأساسية المتمثلة في تعليم جيد، وسكن لائق، وخدمات صحية فاعلة وناجعة، وشغل يحقق الكرامة، ويؤكد أن الطريق لايزال شاقا وعميقا على درب التنمية الاجتماعية الحقة، ويبقى من مهامنا، كقوى ديمقراطية وطنية، ضرورة تحصين المكتسبات الاجتماعية الوطنية والعمل على تقديم الحلول الجديدة.

– ولمرافقة التنزيل الأنجع لهذا الورش الهام، يؤكد على ضرورةً دعم الطلب على الخدمات الصحية، من خلال التركيز بشكل خاص على تحدي ولوج كافة المواطنين لهذه الخدمات، سيما أولئك الذين ينحدرون من المناطق النائية والمعزولة. مع إعطاء أهمية مماثلة لتعزيز العرض الصحي، من خلال تكوين المزيد من الأطر الطبية والشبه الطبية، وتحسين التوزيع الجغرافي للأطر الصحية، والعمل على إرساء صناعة وطنية تنافسية في مجال اللقاحات والمعدات الطبية.

ويدعو الىً تسريع رقمنة مرافق منظومة الصحة وفق المعايير الدولية المعتمدة، والتَّكَيُّفْ مع التحولات التكنولوجية المتسارعة المرتبطة بتوظيف الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي.

– يعتبر بأن التحديات التي تواجه بلادنا اليوم تُطرح بصيغ متعددة. من بينها: تحدي تمكين النساء والشباب؛ تحدي الاستفادة الأمثل من الكفاءات الوطنية، تحدي تحقيق شروط الحياة الكريمة وضمان فرص بناء مستقبل لائق.

التعاطي الناجع مع هذه التحديات ينطلق بالضرورة من القدرة على صياغة إجابات مقنعة حول ثلاث تطلعات مشروعة تتمثل في:

– استتباب الكرامة: من خلال اعتباره بأن الكرامة حقا أساسياً لكل فرد والتزامه من هذا المنطلق بمحاربة كافة أشكال التهميش والظلم والتمييز، من خلال تكريس قيم العدالة والشفافية والإنصاف لتحصين المواطن اتجاه آفة الرشوة وحالات استغلال النفوذ. في هذا الأفق يعتبر مدونة الأسرة مشروعا هيكليا في أفق مواكبة التطور الحاصل في هذا المجال وتحقيق المزيد من الكرامة للمرأة وللطفل وللأسرة المغربية.

– يعتز المؤتمر الوطني بكل ما تحقق على مستوى حقوق المرأة المغربية بالرغم من استمرار العديد من مظاهر الإقصاء والتهميش، ويقدر عاليا العناية المولوية السامية التي يحف بها جلالته المرأة المغربية منذ اعتلائه العرش، منوها في هذا السياق بدعوته حفظه الله ونصره للمرة الثانية بمراجعة مدونة الأسرة، بما يحقق المزيد من الإنصاف للمرأة والطفل والأسرة المغربية برمتها.

بالقدر نفسه يعتبر إصلاح القانون الجنائي لبنة أساسية على درب تعزيز الكرامة.

كما يشكل الحق في السكن بالإضافة إلى الولوج للخدمات الأساسية الأخرى من ركائز بناء الصرح المجتمعي الذي نصبو إليه، والذي بدونه ستظل الكرامة مجرد تطلع صعب المنال. ونعتز بما تحقق من خلال الورش الهام للدعم المباشر للسكن.

 – استدامة الأمل من خلال قناعته بأنه الوازع الأساس الذي يحفز الفرد على تحقيق المبتغى. ويؤكد بأن إرادته الثابتة للاستثمار في النساء وفي الشباب، والعمل على خلق ظروف مواتية لولوج فرص الشغل ودعم الابتكار وتشجيع ريادة الأعمال. وتوفير تعليم ذي جودة ومتاح للجميع دون تمييز طبقي أو ترابي، تعليم يهيئ الشباب لولوج مهن المستقبل وممارسة واجباتهم المواطنة بشكل كامل هو شرط أساسي لاستدامة الأمل. في السياق نفسه يشكل الارتقاء الاجتماعي والتضامن الوطني المحركين الرئيسيين لبلوغ هذا الهدف.

– يقف عند التغير المناخي والاحتباس الحراري الذين لم يعدا ظاهرتين عرضيتين بل أصبحا واقعا معاشا يؤثر بشكل كبير على حياة البشر. وتعد فترات الجفاف المتوالية، والكوارث الطبيعية المتكررة ظواهر طبيعية من تبعات هذا الاضطراب. يتطلب مواجهتها ليس فقط نهجًا أكثر حزمًا تجاه المسببات (خاصة التلوث) ولكن أيضًا تجاه النتائج المترتبة عنها (الإجهاد المائي، تغير قواعد الإنتاج الزراعي، أزمة التنوع البيولوجي) من خلال مقاربة القضايا البيئية بمنظور مختلف.

– يعتبر الرقمنة الدعامة أساسية للأوراش الإصلاحية: ويدعو إلى ضرورة تعبئة الإمكانات المتاحة من خلال التكنولوجيا الرقمية لتحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي المرتقب وكذا الرفع من جودة الخدمات العمومية. إن تبسيط الإجراءات وتحسين جودة الخدمات من شأنه أن يؤسس لعلاقة أكثر سلاسة وشفافية بين الدولة والمواطنين جهة، وبين الدولة والمقاولة من جهة أخرى، مما سيسهم بالضرورة في تقليص رقعة الفساد وتعزيز الادماج الاقتصادي والاجتماعي والمجالي.

– يشيد المؤتمر الوطني بإنجازات الحكومة الحالية في مختلف المجالات رغم التحديات المتنوعة كالجفاف وتداعيات الحرب الأوكرانية- الروسية وزلزال 08 شتنبر وغيرها، والتي يعتبرها المؤتمر إكراهات واقعية لا ذرائع للتهرب من المسؤولية، ومن ثم يثمن عاليا حصيلة وعمل وزراء الحزب ويشيد بمستوى الأوراش والإصلاحات التي يقومون بها.

– يشيد بالأدوار الوطنية الهامة التي تلعبها المعارضة داخل المؤسسات الدستورية، ويدعو إلى تعزيز النقاش الفكري السياسي الديمقراطي بين الفرقاء السياسيين داخل المؤسسات الدستورية، وعدم تركه رهين العدمية والشعبوية

– يدين المؤتمر الوطني ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تقتيل وتهجير ومجازر غير مسبوقة بقطاع غزة، ويدعو المؤسسات الأممية والمنتظم الدولي وجميع القوى الحية إلى التدخل الجدي والفعلي الفوري لإقرار جميع الآليات الواقعية الكفيلة بحماية الشعب الفلسطيني من هذا البطش وهذا التنكيل والاعتداءات الفظيعة، والإبادة الجماعية الممنهجة الممارسة في حقه، ووقف الدمار الشامل بقطاع غزة وجميع الخروقات السافرة للمواثيق والقوانين الدولية والعهود الإنسانية.
 

 
حرر ببوزنيقة يوم 10 فبراير 2024
 
 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.