الجالية المغربية بين الواقع ووعود الوزارة الوصية
من الواضح أن واقع الجالية المغربية المقيمة بالخارج لازال حبيس خطاب لا يعتمد أساساً على الموضوعية في تقديم الحلول الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية التي يطمح إليها مغاربة العالم ويريدون تحقيقها على أرض الواقع.
فعلى ضوء الحوار الذي أقامته نزهة الوافي الوزيرة المنتدبة المكلفة بمغاربة العالم عقب زيارة تواصلية مع أفراد الجالية المغربية بكندا، قدمت أجوبة همت العديد من المشاكل التي تعاني منها الجالية المغربية في ديار المهجر، حوار السيدة الوزيرة ساد عليه التعميم و غابت عنه الواقعية والحديث عن الإنجازات الفعلية.
في بداية الحوار ناقشت الوافي إشكالية معادلة الدبلومات الجامعية بدول الإستقبال عموما و بالكيبيك على وجه الخصوص، و الظاهر أن الإشكال كان فقط موضوع نقاش بين الوزيرة و وزير الهجرة بالكيبيك، حيث وعد هذا الأخير بتسوية الوضع و التفكير في إيجاد صيغة معينة من أجل حل الإشكال.في حين أن السيدة الوزيرة قدمت الوضع باعتباره إنجازا على أرض الواقع، متناسية الفرق بين الوعود و الإنجازات.
وأ عقبت حديثها عن الشباب، و الخبرات و تسهيل إدماجهم بإشارتها لمفهوم قد لا نجد له مكان في معاجم اللغة و هو: “تدوير الكفاءات” و الذي لا شك أنها استمدته من حديثها في وزارة البيئة عن “تدوير النفايات” ، مصطلح أوجدته من العدم السيدة الوزيرة بشكل مستفز، قدحي و مقلل من قيمة الكفاءات المغربية و الذي تحدثت عنه بشمولية دون أن تحدد الرؤية الإستراتيجية ” للمفهوم الجديد” آ هي معادلة الدبلومات التي حاز عليها المغاربة في كندا لتسهيل إدماجهم ؟ أم إعادة استثمار شباب الجالية في اﻷوراش المفتوحة كحل لمشكل استقطاب الكفاءات و تمكين البلد الاصل من الاستفادة من خبرات ابنائه؟ و ذلك في إطار تبادلي من أجل إشراك الكفاءات في قطاعات أساسية بالمغرب، كالصحة التعليم و السياحة التي تعرف -على حد تعبيرها- غيابا في الكفاءات غير أن واقع القطاعات ذات الأولوية بالمغرب يعاني من غياب البنيات التحتية بالدرجة الاولى و التمويل في إنجاز المشاريع الكبرى إضافة إلى العائق اﻷهم وهو غياب الرؤية الاستراتيجية.
و تطرقت المسؤولة الحكومية لإشكال يؤرق بال الجالية المغربية و المتعلق بالعقار، حيت استرسلت في الحديث عن حلول رقمية لوضع الشكايات و الإنصات للمشاكل المتعلقة بالمجال، دون الإشارة لمكمن الخلل المتمثل في الوضع الحالي للقضاء المغربي ، فمشكل العقار لا يكمن في إجراءات رقمية بل مرتبط أساسا ببطء الإجراءات و الأحكام القضائية، و تعقيد المساطر الادارية و القانونية.
لا يمكن الحديث عن مشاكل الجالية دون الإلتفاف لمشكلة ثمن تذكرة الخطوط الملكية، والتي حاولت الوزيرة التعامل معها بصفتها محامية نصبت نفسها للدفاع خطابا دون التدخل الفعلي في الحل، شأنها في ذلك شأن العديد من السياسات القطاعية التي تحدثت عنها بوصفها ناطقة باسم قطاعات حكومية، وسيطة تارة و منسقة تارة اخرى، متناسية بذلك الدور الرئيسي للوزارة و دورها كوزيرة مكلفة بقضايا مغاربة العالم .
و في جواب منها حول المشاركة السياسية لمغاربة العالم ، الحق الذي يضمنه الدستور في التصويت وكذلك الترشيح في الانتخابات، أكدت أن المشاركة السياسية للجالية المغربية لازالت رهينة اجتماعات لجنة الانتخابات و اللجنة الداخلية للبنى التحتية بمجلس النواب، و أوضحت نزهة الوافي أن المسألة ما هى إلا قرار سياسي متمثل في التوافق بين الأحزاب، بطريقة تثير العديد من التساؤلات حول دور الوزيرة باعتبارها عضو في حزب يقود أغلبية حكومية في أجرأة قرار دستوري مرت عليه تسع سنوات من التنزيل دون أي تقدم يذكر في تفعيل القرار.
إن مجموع الأجوبة التي قدمتها الوزيرة يعمق من جراح الجالية المغربية ، و يرفع من نسبة الشك حول مدى إمكانية تحقيق المهام المنوطة باللجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج ، و يطرح سؤالا رئيسيا هل الحكومة في حاجة إلى قطاع وزاري مسؤول عن الهجرة ؟ و إن كانت الحاجة ماسة الى هذا القطاع فما تصوره اليوم و ما طبيعة صلاحيته؟
الحسين اغشان
عضو فرع حزب الأصالة والمعاصرة بالولايات المتحدة الأمريكية