الشباب المغربي و ‏تحديات الواقع

0 3٬648

ذ. هشام القادي

‏يعيش المجتمع المغربي تطورات كثيرة ‏على مستوى البنية الإجتماعية و الإقتصادية ‏لكنه في المقابل أيضا يتخبط في العديد من المشاكل ولعل أبرزها تتجلى ‏في ثلاثة قطاعات ‏إستراتيجية ألا وهي التعليم والصحه و التشغيل ‏وهي القطاعات التي تعتبر العمود الفقري لنهظة وتقدم أي دولة في هذا العالم…‏وهذا الكلام لايختلف عليه اثنان و يتفق عليه المغاربة .

‏لكن دعونا نفصل في أهم التحديات التي تواجه المغرب والتي هي بشكل مباشر تحديات ترتبط بفئة الشباب المغربي ‏حيث يشكل الشباب في المغرب ‏بين سن 15 و 25 سنة أزيد من 34% من التركيبة السكانية يعني بلغة الأرقام اكثر من 12,000,000 شاب وشابة في المغرب ‏وهو ما يعني ‏أن المغرب بلد ذو هرم سكاني شاب ولكن واقع حال هذه الفئة ‏مزري جدا بحيث ثلث الشباب المغربي لا يعملون ولا يدرسون فنجد اكثر من 4 مليون شاب و شابة بدون اندماج إجتماعي وهو وضع لا يتماشى مع التصورات المستقبلية للمغرب المستقبل اللتي يعمل عاهل البلاد على ‏تنزيلها وذلك بسبب مجموعة من العوامل المتداخلة لعل ابرزها من وجهة نظري :

• ضعف و هشاشة النظام التعليمي.

‏منذ الاستقلال إلى غاية اليوم يعيش النظام التعليمي بالمغرب مشكلات كثيرة لا تراوح مكانها فبعد الإستقلال بسنتين تم تشكيل اللجنة الملكية لإصلاح التعليم 1958 ‏وهي أول محاولة رسميا لاصلاح المنظومة التعليمية لنقل التعليم من الكتاتيب وزوايا ودور التحفيظ إلى المدرسة المغربية الحديثة وبعد ذلك اعتماد المخطط الثلاثي 1968 ثم المخطط الخماسي 1973 ‏وهكذا إلى غاية اليوم مرورا بالمخطط الاستعجالي ‏وبرامج الكفايات وغيرها…. ‏لكنه إلى حدود اللحظة لا زال التعليم المغربي يعيش وضعية حرجة بسبب ‏تخبطه بين المخططات الداعية الي اعتماد العربية او الفرنسية في المقررات الابتدائية وصولا الى الجامعية و غياب بنية فكرية ملائمة لإحتضان جيل الألفية الثالثة ‏‏إضافة إلى ضعف الوعاء العقاري للمؤسسات الابتدائية و التاهيلية و لا ريب في ضعف البحث العلمي على مستوى المؤسسات الجامعية.

• ‏غياب سياسة مندمجة للشباب

‏لعل المتتبع للقطاعات الحكومية في المغرب سيعلم جيدا حجم المشاريع والبرامج والخطط الاستراتيجية الموجودة داخل رفوف هذه القطاعات الحكومية أو على مكاتب وزرائها، ‏لكن الملاحظ أن كل وزير او مسؤول ينفذ حرفيا مقولة “كل يناجي ليلى” أو كما نقول بالعامية “كلها يلغي بلغاه”…
‏ اتذكر جيدا أنه في سنة 2011 و بالظبط بشهر ماي نظمت وزارة الشباب و الرياضة الى جانب عدد من الشركاء الوطنيين و الدوليين المناظرة الوطنية الأولى لشباب في سياق برنامج “شبابنا” و كنت حينها عضو لجنة التنسيق و القيادة بين وزارة الشباب و الرياضة و صندوق الأمم المتحدة للسكان و منظمة الأمم المتحدة للطفولة، ‏لقد كانت الأنشطة المبرمجة واللقاءات الجهوية للشباب حافلة بالمخرجات العملية و الاستراتيجية من أجل تحقيق و تنزيل سياسة مندمجة للشباب تجمع جميع القطاعات الحكومية و الشبه الحكومية بشكل أفقي لدمج انتظارات الشباب المغربي و تم صياغة استراتيجية وطنية للشباب و وضعت على مكتب رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران ولم ترى النور إلى حدود الساعة.

‏البنية الاقتصادية وفرص العمل
‏لقد نجح المغرب خلال السنوات الخمس عشرة الماضية في تحسين متوسط مستوى معيشة المواطنين وأيضا زيادة فرص الولوج إلى الخدمات العمومية الاساسية وهو ما ساهم في الرفع من المؤشرات الاقتصادية للمملكة المغربية حسب تصنيفات البنك الدولي باستثناء مؤشر واحد ‏وهو إدماج الشباب في النمو‏ الاقتصادي والاجتماعي لنجد أن معدلات البطالة ترتفع كثيرا في صفوف الشباب وغالبا ما يلجىء الشباب إلى العمل في القطاعات الغير المهيكلة ‏بسبب ضعف التكوين حسب متطلبات سوق العمل او قلة فرص العمل من جهة الى جهة أو بسبب وجود المحسوبية في أحيان اخرى….

‏و لكي نستطيع أن نتجاوز هذه التحديات لا يسعنا سوى العمل على وضع ‏تصورات منهجية و تنزيل سياسة وطنية من قبيل التفعيل السريع لكل مبادئ و فلسفة الجهوية المتقدمة إلى جانب ضرورة الاستثمار في المؤسسات والخدمات العمومية ‏بالإضافة إلى ضرورة تثمين الرأسمال البشري عبر إطلاق مبادرات وطنية ‏لتشغيل الشباب ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة كما أنه يجب على الفاعلين السياسيين والاقتصاديين البحث عن فرص و تطوير آليات جلب الاستثمارات الأجنبية الى جانب تعزيز منظومة ‏التصدير قصد الولوج إلى أسواق إفريقية وعربية وسيكون من شأن هذه التدابير تعزيز اندماج الشباب المغربي في المجتمع بشكل فعلي وإنشاء جيل فخور بمساهمته الفعالة لبناء الوطن…

ذ. هشام القادي
متخصص في قضايا الشباب و التنمية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.