الكمامة الرقمية بين الحق والباطل

0 770

عبد العزيز بوسهماين

في الوقت الذي كنا ننتظر فيه من حكومتنا ” المُوَرقَة ” ، عفوا الموقرة ، أن تَضٌخ فصولا قانونية مستجدة لتعزيز ترسانة القانون الجنائي المغربي لمحاربة الجريمة الالكترونية ومعاقبة مٌمتهني الخوض في أعراض الناس وحياتهم الخاصة والتشهير بهم وزجر محترفي النصب والاحتيال الالكتروني و مروجي الأخبار الزائفة وفرض الرقابة على منتجي المواد التافهة …، وفي الوقت الذي نجحت فيه الحكومة في صنع ملايين الكمامات الواقية من فيروس كورونا وتوزيعها علينا بثمن زهيد ، وبعد نجاح عملية التكميم للوقاية من الفيروس الذي ينتشر عبر البشر، هاهي حكومة الدكتورالعثماني المثير للشفقة تنوي بكل عزم – والنية أبلغ من العمل طبعا – تطويرعملية التكميم لتصير رقمية وتعميمها لوقاية الشركات الكبرى من فيروس الانتقاد والمقاطعة الذي سبق أن ضربها – في نسخته التجريبية – قبل سنتين والذي انتشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي وخلف خسائر مالية مهمة لم تكن قاضية الا أنها كانت نذيرة شؤم لمن يهمم الأمر ، فكشفت عن القدرة الرهيبة لوسائط التواصل الاجتماعي والفضاء الرقمي في التأثير على الاقتصاد والسياسة وحتى على القضاء دون الخروج الى الشارع .

نحتاج فعلا لفرض “كمامات رقمية ” لتخليق الحياة العامة التي صارت وسائط التواصل الاجتماعي تتحكم في أوصالها حتى النخاع ، وكذلك للحفاظ على الأمن و لانتاج مجتمع نظيف ، لكن لسنا بحاجة الى من يعيدنا الى الخلف عبر هذه الانتكاسة الحقوقية الخطيرة التي صادقت عليها الحكومة “المختلفة المتفقة ” في صيغة قانون ” كاتم للصوت ” دون حتى انتظار منتوج اللجنة السرية المكلفة بتنقيحه من حيث الشكل كي يصير سهل الهضم أو بتلقيحه من حيث الموضوع بجرعات إضافية من الانتهاكات الحقوقية.

فاذا كنا قد رفعنا القبعة للشركات والمؤسسات التي ساهمت في صندوق تدبير جائحة كورونا و أشدنا بها ، وان كان ذلك من واجبها تجاه وطن منحها فرصة الاغتناء وغض عنها الطرف للاستثراء الفاحش ، ومن واجبها كذلك تجاه شعب مافتيء يستهلك منتوجاتها ويسدد على مضض ، فاننا لن نقبل أن نرتدي مقابل تلك المساهمات ” كمامات ” مانعة من الكلام المباح ، ولا تُشرفنا حكومة خاضعة تسن قوانين بوكالة من التماسيح الرأسمالية لتعود بنا حقوقيا الى ” قرون العبيد ” في استغلال مخز لحالة الطوارئ الصحية وفي خرق أخلاقي واستراتيجي سافر للهدنة السياسية والاجتماعية التي تعيشها بلادنا التي من سوء حظها أنها تُسير من طرف حكومة ليست ككل الحكومات ، حكومة تقترح وتصوت ، تُخفي وتُسرب ، تُدافع و تعارض ، تتبنى وتتنكر …

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.