بنكهة بيئية وتجديد التحسيس بأهمية الماء وتأكيد على مكانة الموروث الفني- الثقافي (التبوريدة الجبلية) .. نجاح كبير ميز كل فعاليات ملتقى تمزكانة للثقافة والتراث الجبلي  

0 232

تحت شعار: “تثمين الموارد المائية رافعة أساسية للتنمية المستدامة”، احتضن مركز جماعة تمزكانة بإقليم تاونات فعاليات الدورة الرابعة ل “ملتقى تمزكانة للثقافة والتراث الجبلي” أيام  24- 25- 26 أكتوبر 2024، من تنظيم جمعية “ملتقى المبادرات للتنمية والتضامن” وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل-“قطاع الثقافة-، وعمالة إقليم تاونات، ومجلس جهة فاس مكناس، والمجلس الإقليمي لتاونات، ومجلس جماعة تمزكانة وبتعاون مع النسيج الجمعوي بالمنطقة.

بالموازاة مع هذا الملتقى تم تنظيم معرض المنتوجات المجالية بالمنطقة بهدف التعريف بها وتشجيع الاقتصاد المحلي عبر خلق فضاء للتعرف عن قرب على تنوع المنتوجات المجالية وتسهيل عملية التسويق وخلق فرص متنوعة للمستثمرين في هذا المجال.

كما نظمت مسيرة التراث بمشاركة مختلف الفرق الفلكلورية من إقليم تاونات، والتي جابت شوارع وساحات جماعة تمزكانة وجمعت كافة أنواع الفنون الشعبية من فلكلور وأهازيج تراثية مستمدة من الموروث الثقافي المحلي والإفليمي.

وفي بادرة استحسنها كل المتتبعين للملتقى، عقد مجلس جماعة تمزكانة برئاسة محمد الحجيرة رئيس المجلس، لقاء موسعا مع مجموعة من جمعيات  التبوريدة الجبلية، بهدف تبادل وجهات  النظر بخصوص هذا التراث الجبلي  المتميز وإيصال صوت فرق التبوريدة الجبلية إلى وزارة  الثقافة وباقي المسؤولين من أجل الحفاظ على هذا  الموروث  الثقافي الهام  بالمنطقة.

حيث تم الاستماع إلى رؤساء جمعيات  ناشطة ومحتضنة لهدا الفن الشعبي   الجبلي الضارب في تاريخ المنطقة ،  وكانت:  بوحبة؛ المكحلة؛ بوشفار،  وهي تسميات يتغنى بها البوردي نظرا لما  تحمله من دلالات في مواجهة  المستعمر  الغاشم؛  واستمرت في  الحضور  في الأفراح  والأعياد الوطنية  والدينية والمناسبات والمواسم  الدينية   التي تنظم في الزوايا مع ترديد الأشعار  المعبرة عن تاريخ المنطقة وثورة الملك  بمعاني تمزج بالتراب وعبق الطبيعة.  
 
ومن أهم الفقرات التي برمجت خلال ملتقى تمزكانة، الندوة العلمية التي نظمت بالقاعة الكبرى لملحقة عمالة إقليم تاونات في موضوع: “التحولات المناخية والموارد المائية وسؤال التنمية بإقليم تاونات”، وذلك بمشاركة أساتذة عن جامعة سيدي محمد بن عبد الله، وكذا ممثلين عن المصالح  اللاممركزة المهتمة بقطاع الماء، وذلك يوم 24 أكتوبر 2024 بحضور عامل إقليم تاونات، والذي أكد في كلمته الافتتاحية على راهنية موضوع الماء واستحضر الأزمة المائية التي تواجهها البلاد، بسبب توالي سنوات الجفاف وتنامي الطلب واستهلاك هذه المادة الحيوية، وذكر بخطاب جلالة الملك محمد السادس في عيد العرش والذي أكد فيه جلالته على ضرورة  بذل المزيد من الجهد واليقظة، وإبداع الحلول، والحكامة في التدبير  لمواجهة تحديات الجفاف والتأثيرات المناخية. كما شدد على أهمية مناقشة المؤهلات الفلاحية والسياحية والبيئية بإقليم تاونات وتثمين الموارد السياحية الغنية بالإقليم، إضافة لموضوع الماء والثقافة والتراث كمحاور مهمة للتنمية المستدامة.
 
 وفي ذات الصدد، أكد الحجيرة أن التوجيهات السامية التي تضمنها الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة عيد العرش، تشكل “خارطة طريق” متكاملة للسياسة المائية، بما يمكن من ضمان تزود كافة المغاربة بالماء ومواكبة التنمية الاقتصادية للمملكة.

وأبرز النائب البرلماني عن دائرة القرية- غفساي في كلمته، أهمية الخطاب الملكي الذي ألقى الضوء على قضية حاسمة وتكتسي قدرا بالغا من الأهمية، هي قضية الماء. وأضاف أن خطاب جلالة الملك تطرق إلى عدد من النقاط المتعلقة بتدبير الماء، من قبيل التحيين المستمر لآليات السياسة الوطنية للماء بالمغرب، واستكمال مشاريع السدود، وتسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية ومحطات تحلية مياه البحر، وضمان إرساء تكوين موات مخصص للمهندسين والتقنيين المتخصصين.

وأضاف الحجيرة، أن جلالة الملك دعا جميع السلطات المختصة إلى مضاعفة الجهود مع مزيد من الالتزام بحماية الملك العام المائي من خلال شرطة ماء عملياتية، مع التأكيد على ضرورة اعتماد مقاربة مواطنة للحفاظ على الماء.

رئيس مجلس جماعة تمزكانة جدد التذكير بخارطة الطريق لتدبير الماء وتوفير الأمن المائي والغذائي للمغاربة سواء في مناطق الوفرة او في مناطق الندرة، وهو ما يظهر في الاهتمام لكل المهتمين والفاعلين والمسؤولين بالتحولات المناخية والماء والفلاحة والربط بالماء الصالح للشرب والسياحة البيئية، بالإضافة إلى برمجة جماعة تمزكانة مشاريع على المستوى الرياضي والبيئي والثقافي والطفولة والفلكلور الجبلي والعيطة والتبوريدة الجبلية وللموروث المشترك بين إقليم تاونات وجهة فاس مكناس، من أجل التعريف بالثروة اللامادية التي يتمتع بها إقليم تاونات من خلال كل فقرات وفعاليات وايام الملتقى، وتتويج التلميذات والتلاميذ والطلبة بجوائز قيمة.

رئيس مجلس جماعة تمزكانة شكر بالمناسبة عامل صاحب الجلالة على إقليم تاونات  ووزارة الثقافة والاتصال والشباب- قطاع الثقافة وجمعية ملتقى المبادرات للتنمية والتضامن وكل السلطات المحلية والمنتخبة والفعاليات الجمعوية والمؤسساتية والإعلامية والفلكلورية وساكنة جماعة تمزكانة وإقليم تاونات على إسهاماتهم الجادة والمسؤولة في إنجاح الدورة الرابعة لملتقى تمزكانة للثقافة والتراث الجبلي.

وعرفت الندوة العلمية مشاركة أساتذة مختصين في طليعتهم الدكتور محمد حنشان، أستاذ باحث في علم المناخ والموارد المائية والتنمية الترابية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله والدكتور محمد شوقي، أستاذ باحث في جغرافية السياحة وقضايا التنمية الترابية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله  والدكتور عزيز حميوي أستاذ التعليم العالي بالمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس والعديد من ممثلي المؤسسات العمومية على رأسها وكالة الحوض المائي لسبو والمديرية الجهوية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قطاع الماء والمديرية الجهوية للفلاحة بجهة فاس مكناس.

وفي كلمة له، أكد الدكتور عزيز حميوي على ضرورة إيلاء الاهتمام الكافي للسياحة البيئية والجبلية باعتبارها رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وذكر بالتنوع الثري في تضاريس إقليم تاونات، والمآثر التاريخية والمواسم الدينية والفنون الشعبية الفولكلورية، ومجالات لصيد وقنص الحيوانات والطيور البرية، وجبال وغابات وخيول ومحميات ومنابع وبحيرات ساحرة، وغيرها من الفضاءات ذات حمولة ثقافية أصيلة وموروث إيكولوجي متميز، وذات طابع اكتشافي في أعماق الطبيعة وبين الأودية.

وفي سياق الندوة دائما، أكد حميد نظيفي، المدير الإقليمي لقطب الماء الصالح للشرب بالمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أن المكتب الوطني باشر العمل على مشروع توسيع محطة معالجة المياه الصالحة للشرب في تاونات، هذا المشروع الذي يندرج  في إطار البرنامج الوطني لتوفير المياه الصالحة للشرب ومياه الري للفترة 2020-2027، الذي تم التوقيع عليه أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 13 يناير 2020، حيث من المتوقع أن يسهم المشروع في تلبية الطلب على المياه النقية في تاونات والمناطق المجاورة حتى عام 2030، وذلك لصالح أكثر من 149 ألف نسمة.

وجرت باقي فعاليات هذا الملتقى الذي تنظمه جمعية ملتقى المبادرات للتنمية والتضامن على شكل احتفالات متعددة تجسد مختلف مظاهر الحياة الجبلية الخالصة بعاداتها وتقاليدها البسيطة بغية الحفاظ على التراث الثقافي اللامادي للمنطقة. وقد اختار المنظمون لهذه الدورة شعار “تثمين الموارد المائية رافعة أساسية للتنمية المستدامة”، نظرا لما تكتسبه مادة الماء الحيوية من أهمية قصوى في خلق التوازنات البيئية والإيكولوجية والتزاما من أبناء المنطقة والاقليم بالمسؤولية الجماعية بالحفاظ عليها.

ويعد هذا الملتقى مناسبة سانحة للتبادل الثقافي والحضاري بين الزوار وأبناء المنطقة والاقليم للتعرف على الثقافة الجبلية لجماعة تمزكانة وإقليم تاونات وما تزخر به من حمولات ثقافية وإنسانية. واكتسى هذا الملتقى خلال هذه السنة نكهة بيئية ثقافية تجمع بين الأنشطة التوعوية البيئية وأخرى ثقافية فرجوية تراثية.

ملتقى تمزكانة للثقافة والتراث يعد محطة ثقافية تعمل على إبراز المؤهلات التراثية والمقومات البيئية التي تزخر بها جماعة تمزكانة وإقليم تاونات، وذلك من خلال تحقيق الفرجة الثقافية والتراثية من جهة، وكذا التطرق لأهمية الحفاظ على الماء والبيئة من جهة أخرى.

وعرف الملتقى نشاركة مجموعة من الفرق الفلكلورية من مختلف جماعات أقاليم جهة فاس مكناس لتقديم عروض في فن “التبوريدة”، سعيا من المنظمين للوقوف على جانب من الموروث الثقافي المحلي والاقليمي، ورد الاعتبار لمكانته وأهميته التاريخية لما يمثله من رمز لتراث قبائل المنطقة والاقليم الضاربة في العمق التاريخي والهوية الثقافية.

بالإضافة إلى ذلك نوع المنظمون فقرات هذه الدورة الرابعة من خلال أنشطة ثقافية، رياضية، فنية وندوات علمية وعمل المنظمون على تنويع الأذواق الفنية من خلال إدراج مشاركة الفنانين المحليين إلى جانب المرموقين على المستوى الوطني والجهوي والإقليمي ومجموعات محلية حيث تناوبوا على منصة المهرجان طيلة أيامه، كما حضرت عدد من الفرق الفلكلورية المحلية والإقليمية والوطنية لإبراز مختلف الأهازيج والايقاعات الفنية باعتبارها تراثا فنيا ثقافيا يتطلب العناية والاهتمام، كما حظي الطفل بحيز مهم من خلال تخصيص فضاء للطفولة.

واستقطبت هذه الدورة عددا من الزوار محليا، إقليميا، جهويا ووطنيا خصوصا أنه تزامن مع العطلة البينية الدراسية.

ويبقى الملتقى فرصة لالتقاء ابناء المنطقة إضافة إلى كونه متنفس سنوي للساكنة المحلية والاقليمية للترويح عن النفس وترويج المنتوجات من خلال تنظيم معرض خاص شاركت فيه تعاونيات لإبراز المنتوجات المجالية بإقليم تاونات وخارجه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.