بودرا: بلادنا تسعى إلى تعزيز آليات التعاون على المستوى القاري والدولي لتحقيق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة (حوار)

0 930

في هذا الحوار، يستعرض رئيس المنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة، الدكتور محمد بودرا، عددا من القضايا والنقاط التي تهم مجالات اشتغال المنظمة في الوقت الراهن والإكراهات التي حالت دون تنزيل عدة مشاريع تنموية. كما يتحدث بودرا عن آفاق عمل المنظمة خصوصا على مستوى القارة الإفريقية، بالإضافة إلى حضور النساء والشباب في عمل ذات المنظمة، ومواضيع أخرى تهم تدبير المجال وتسيير الشأن المحلي.

نص الحوار:

● شاركتم مؤخرا في اجتماع لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية بالقاهرة، ما هو سياق هذا الاجتماع؟ وما هي مخرجاته؟

●● بالفعل، يتعلق الأمر بالدورة 25 لأعمال اللجنة التنفيذية لهذه المنظمة، التي تحتضن بلادنا مقرها الرئيسي بالرباط، وهي أول دورة تنعقد حضوريا منذ أن حلت جائحة كورونا بالعالم، حيث اقتصرت الاجتماعات السابقة عن بعد، عبر تقنية الاتصال المرئي المباشر، امتثالا للتدابير الوقائية.

وقد تميزت أشغال هذه الدورة بدراسة التقدم المحرز في تنفيذ قرارات وتوصيات الدورة السابقة، ودراسة سبل إعداد القمة التاسعة للمنظمة المزمع اجتماعها بكوسومو بكينيا في شهر أبريل من السنة القادمة. وكذا الاستعداد للاحتفاء بمدينة الرباط عاصمة للثقافة الإفريقية، إضافة لدراسة عدة نقط أخرى إجرائية تهم أنشطة المنظمة وسير عملها.

ما ميز هذه الدورة أيضا، كونها تنعقد في ظرفية طغت فيها تداعيات كورونا وأثرت بشكل كبير على واقع المدن والجماعات الترابية بإفريقيا،التي كانت تعاني أصلا من واقع الهشاشة،حيث أصبحت إشكاليات الانتقال إلى مدن مستدامة تطرح بحدة، وأكثر من أي وقت مضى، وهذا ما يستدعي تكاثف الجهود على الصعيد الإفريقي وبين مدن القارة وتقوية قدراتها الذاتية لبلوغ الأهداف المتوخاة.

●هل هناك برامج تنموية مشتركة بين المدن والجماعات الترابية الإفريقية، وكيف يتم ذلك؟

●●مسألة التنمية المحلية المستدامة تهم كل مناطق إفريقيا والعالم، ومشاكلها تكاد تكون متشابهة،وعلى درجات متقاربة أو متفاوتة حسب المستويات الاقتصادية للدول، وحسب الأنساق والنظم السياسية بها،لهذا فمسألة تعزيز الديمقراطية المحلية والحكامة الترابية على مستوى تدبير الشأن المحلي وتبادل التجارب والخبرات تشكل أحد العناوين الرئيسة للتعاون في هذا المجال، خصوصا كما قلت،أن إشكاليات قضايا التدبير المحلي متشابهة، في النقل وتأهيل المجال وتدبير النفايات وتوفير الولوجية للخدمة العمومية، اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية … وحتى في قضية الهجرة،وما إلى ذلك.

كما أن التحديات أيضا متشابهة سواء تعلق الأمر بالإكراهات المالية التي تشكل عائقا قويا لتجاوزها،أو أمام الخصاص النوعي للموارد البشرية لرفع هذه التحديات، سيما وأن نظام العولمة أصبح يرخي بظلاله على واقع المدن ويفرض متطلبات ليست دائما في متناولها،أتحدث هنا عن الجيل الجديد للمدن الذكية وتعميم الرقمنة والمواكبة الراهنية لتطورها التقني المتسارع، لهذا فالانتقال الصحيح لن يكون إلا انتقالا نحو العلم والمعرفة.

ومن هذا المنطلق، فإن منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية CGLUA تعتبر إطارا مناسبا لبحث كل هذه القضايا والتفكير بشأنها بشكل مشترك، تتلاقح فيه الأفكار والتجارب.

وفي هذا الإطار أشير إلى أن بلادنا التي تعتبر دولة المقر،وتحمل لواء المدن على المستوى العالمي بترؤسها للمنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة CGLU-Monde، تسعى إلى تعزيز آليات التعاون على المستوى القاري والدولي فيما يتعلق بالعمل لتحقيق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة. وفي هذا السياق استضافت واحتضنت بلادنا سنة 2018 تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، القمة الثامنة لأفريسيتيو التي شهدت مشاركة أكثر من ثمانية ألاف شخص من وزراء ورؤساء حكومات محلية وعمداء مدن من القارات الخمس وشركاء، وتوجت بالرسالة السامية لجلالته حفظه الله الموجهة لهذه القمة، التي تلتها صاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم، والتي دعا فيها جلالته المسؤولين لإيلاء العناية والرعاية للأطفال بإفريقيا في وضعية الشارع.

وقد كانت هذه القمة، مناسبة لتنظيم عشرات الورشات المتعلقة بالتنمية المستدامة في بعدها المحلي والدولي، إيمانا منا بضرورة التأطير والمواكبة لكل القضايا التي تهم التدبير المحلي بإفريقيا والعالم. وإيمانا منا كذلك بأن بلادنا التي جعلت من الجهوية المتقدمة واللامركزية رافعة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، من شأنها أن تساهم انطلاقا من موقعها الريادي بالقارة الإفريقية في الإجابة عن الإشكاليات التي ترتبط بموضوع التدبير المحلي، وباقتراح الحلول الممكنة وتقاسم التجارب، خصوصا وأننا نترأس المنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة CGLU-Monde رغم أن ظروف الجائحة أعاقت الكثير من الجهود والبرامج التي كنا نعتزم تنزيلها على أرض الواقع.

●تم استقبالكم على هامش أشغال اللجنة التنفيذية بالقاهرة من قبل رئيس الوزراء المصري. حول ماذا جرت مباحثاتكم معه؟

●●كان هذا اللقاء في اليوم الأول لانطلاق الأشغال، حينما خصني السيد مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بمصر باستقبال كرئيس للمنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة، ضمن وفد عن اللجنة التنفيذية المجتمعة، حيث أشرفت رفقته على مراسيم التوقيع على اتفاقية المقر، والتي بمقتضاها تم الافتتاح الرسمي للمكتب الإقليمي بالقاهرة لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية عن شمال إفريقيا. فهذه المنظمة الفتية تتكون من خمسة مناطق إقليمية بإفريقيا، ضمنها المكتب الإقليمي لشمال إفريقيا.

وتأتي هذه الخطوة في إطار وضع اللبنات والهياكل الإدارية لسير عمل المنظمة، كما جرى أيضا خلال هذا اللقاء استعراض القضايا ذات الصلة، وبحث سبل التعاون، والمهام الموكولة والمنتظرة من المكتب الإقليمي المذكور، الذي بالمناسبة، يحظى المغرب فيه بمنصب نائب الرئيس.

●ما هي المشاريع وآفاق العمل بمنظمتكم؟

●● رغم تأثير تداعيات الوباء، فإن الأمانات العامة للمنظمة واصلت عملها حسب الإمكانات المتاحة من أجل الحفاظ على مستوى مُرْضٍ نسبيا من الأنشطة المبرمجة الداعمة لاستراتيجية المنظمة.

على المستوى الإفريقي، يمثل عام 2021 بداية ولاية جديدة لمفوضية الاتحاد الإفريقي، حيث تعهدت منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية CGLUA بتوعية القيادة الجديدة بدور الجماعات الترابية كفاعل رئيسي في تنفيذ أجندة عام 2030 لأهداف التنمية المستدامة وأجندة الاتحاد الإفريقي لعام 2063.

إضافة للاستعداد لأسبوع المناخ الإفريقي المقرر عقده في غشت 2021 في كمبالا، أوغاندا، ومؤتمر كوب 26 الذي سينعقد في نونبر 2021 بغلاسكو، المملكة المتحدة، هذا فضلا عن الاستعداد والتحضير للقمة التاسعة المقرر تنظيمها بكوسومو، كينيا، كما سبق لي أن ذكرت من قبل. وهي كلها محطات ستشكل فرصا لتقييم التقدم المحرز في مجال بلوغ الأهداف والتعهدات الخاصة بالجماعات الترابية بعموم إفريقيا.

●ما هو حضور النساء المنتخبات في كل هذه الأنشطة التي تقومون بها. وفي أجهزة المنظمة؟

●●حضور النساء المنتخبات بأجهزة المنظمة، سواء على المستوى العالمي أو القاري، حضور وازن وفعال، وقد تم في شهر مارس الماضي بالنسبة لإفريقيا، الاحتفال بالذكرى العاشرة لإنشاء شبكة النساء المنتخبات المحليات بإفريقيا،المعروفة اختصارا بريفيلا .refela

وهذه الشبكة تتوفر على عدة فروع بالقارة، كان آخرها إنشاء المكتب التنفيذي للفرع الوطني بالطوغو، وجدير بالذكر أن الفرع المغربي لهذه الشبكة، يعد من أنشط الأجهزة بالمنظمة، الذي أحييه بهذه المناسبة، على المجهودات التي يبذلها في تكريس حضور ومشاركة النساء المنتخبات في قضايا الديمقراطية المحلية والتنمية المستدامة بإفريقيا. ومن ضمن هذه الجهود التي تمت مؤخرا، إطلاق الدعوة للإعراب عن الاهتمام لجعل مدن وأقاليم إفريقيا تنخرط في حملة المدن الإفريقية المؤيدة للتحرر الإقتصادي للمرأة، حيث انضمت لحد الآن 80 مدينة إفريقية إلى هذه الحملة.

●وماذا عن مشاركة الشباب المنتخب؟

●●نشتغل في هذا الإطار الأمانة العامة ل CGLUA على تطوير قاعدة بيانات الشباب المنتخبين بالجماعات الترابية الإفريقية، البالغين 35 سنة على الأكثر في 2020، ويتم هذا العمل بالتعاون مع مختلف الجمعيات الوطنية للجماعات الترابية ومع المكاتب الإقليمية لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقيةCGLUA ، ومن المقرر تنظيم الجمعية العامة لشبكة الشباب المنتخبين في إفريقيا في إطار النسخة التاسعة لقمة المدن الإفريقية المقرر عقدها في أبريل 2022 بكوسومو، كينيا.

دكتور بودرا، استقبلكم يوم الجمعة الماضي وزير الخارجية،السيد ناصر بوريطة.حدثونا عن موضوع هذا اللقاء؟

بالفعل كانت لي فرصة لقاء وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، بمكتبه، من خلال الاستقبال الذي خصني به بصفتي رئيسا للمنظمة العالمية للمدن والحكومات المحلية المتحدة CGLU-Monde ، وهذا اللقاء يندرج في إطار الدعم الموصول الذي تخص به حكومة صاحب الجلالة، جهود الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، التي أتشرف برئاستها، وبخاصة المساندة والدعم الدائمين الذين نتلقاهما من قبل وزارة الداخلية، وتحديدا من قبل المديرية العامة للجماعات الترابية.

لقد كان لقائي مع السيد ناصر بوريطة مثمرا، بالنظر لما لمسته من حرص لديه على تعزيز التعاون مع منظمتنا، ودعم الجهود لإنجاح المهام الموكولة لرئاسة المنظمة بما يليق بالمكانة المرموقة لبلدنا على الصعيد الدولي، سيما وأن المملكة المغربية تحمل لواء المدن والحكومات المحلية بالعالم.

وكان هذا الاستقبال الذي تشرفت به، مناسبة استعرضت فيها أمامه برنامج العمل واقترحت سبل إسناده ودعمه، ولم أجد منه مشكورا إلا كافة الدعم والمؤازرة.

على المستوى المحلي، حصلت جماعة الحسيمة، التي تترأسون مجلسها الجماعي خلال الأسبوع الماضي على ميزة جماعة مواطنة. ماذا يعني ذلك؟

●● برنامج ميزة جماعة مواطنة، تشرف عليه في إطار شراكة، المديرية العامة للجماعات الترابية وجمعية تارگا للتنمية، وهي ميزة تمنح للجماعات الترابية، المنخرطة في برنامج التقييم، اعترافا للمجهودات التي تقوم بها الجماعة في إعمال الحكامة الترابية، وتحسين الأداء، وترسيخ الديمقراطية التشاركية، حيث تمكنت جماعة الحسيمة من الاستجابة للمعايير والمؤشرات والمقاييس التي تم اعتمادها في عملية التقييم، المرتكزة على التشارك والشفافية والمساواة والإنصاف والفعالية والنجاعة والتعاون، وعدة معايير أخرى مرتبطة بالحكامة…

وهذا تتويج لساكنة المدينة ولكل أعضاء مجلسها الجماعي، وأطر وموظفي وأعوان الجماعة ولكل الشركاء.

وهو تتويج كذلك، لحزبنا الذي يتصدر تسيير الجماعات الترابية على المستوى الوطني، والذي أبان عن علو كعب في تسييره وتدبيره للشأن المحلي على مستوى الأنواع الثلاثة للجماعات الترابية على امتداد التراب الوطني. ونحن مدعوون، في هذا الإطار، كمناضلين ومنتخبين في ما تبقى من عمر الولاية إلى مواصلة الجهود لبناء المغرب الحداثي الديمقراطي الذي آمنا به منذ لحظات التأسيس، ولنكون في موعد دائم مع هذا المشروع الوطني الذي نتشبث به إلى آخر رمق، لما فيه صالح بلادنا، سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي نشهدها، بما يميزها من إكراهات وتحديات، وبما يتحتم علينا الانخراط فيه، متماسكين وموحدين، لترسيخ الموقع القوي لحزب الأصالة والمعاصرة، كما كان دائما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.