خلال لقاء تكويني نظمته الأمانة الجهوية للبام بجهة طنجة.. الدكتور الشدادي يستعرض التحولات في منظومة الصفقات العمومية

0 337

استعرض أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة، عبد اللطيف الشدادي، أبرز التحولات التي شهدتها منظومة الصفقات العمومية في المغرب، مسلطا الضوء على المراحل التشريعية التي مرت بها منذ تشريع 1965 وصولا إلى المرسوم الجديد لسنة 2023.

جاء ذلك خلال لقاء تكويني نظمته الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، يوم الخميس 20 فبراير الجاري، وسير أشغاله الأستاذ بكلية الحقوق طنجة الدكتور نور الدين أشحشاح.

وأكد الدكتور الشدادي أن الصفقات العمومية تشكل إحدى الركائز الأساسية في تدبير المال العام، وأن التشريعات التي تعاقبت على تأطيرها تعكس التحولات الاقتصادية والإصلاحات المؤسساتية التي عرفها المغرب.

وأوضح أن مرسوم 2023 جاء في سياق استراتيجي يهدف إلى تعزيز الشفافية والحكامة الجيدة ومواكبة توجهات رؤية 2030 والبرنامج التنموي الجديد، كما يستند إلى مقتضيات القانون 86.12 المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.

واستعرض الشدادي السياق التاريخي لتطور الإطار القانوني المنظم للصفقات العمومية في المغرب، مشيرا إلى أن أول تنظيم قانوني صدر عام 1965، ووضع الأسس الأولية لضبط الطلبيات العمومية، وفي سنة 1976، تم اعتماد مرسوم جديد لمواكبة التحولات الاقتصادية التي شهدتها البلاد آنذاك.

وأضاف أن مرسوم 1998 شكل نقلة نوعية في تدبير الصفقات العمومية من خلال إرساء مبادئ المنافسة والشفافية، وهو الإطار الذي ظل ساريا لفترة طويلة قبل أن يتم تعديله بمرسوم 2007، الذي ركز على تعزيز المراقبة الداخلية والخارجية لتنفيذ الصفقات.

كما أشار الشدادي إلى أن دستور 2011 مثل محطة أساسية في تعزيز مبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وهو ما انعكس على مرسوم 2013 الذي جاء ليكرس هذه المبادئ من خلال آليات رقابية أكثر صرامة ووسائل تدبير حديثة.

وأوضح الشدادي أن المرسوم الجديد لسنة 2023 جاء ليواكب المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية التي فرضتها التحولات الوطنية والدولية، حيث عزز الإطار القانوني للصفقات العمومية من خلال تحديد الأشخاص الخاضعين له وتعريف مجال الصفقات العمومية وفق معايير الحكامة الجيدة.

وفي هذا السياق، أبرز أن المرسوم الجديد وضع تصنيفا واضحا للصفقات العمومية، سواء من حيث طرق الإبرام أو التنفيذ، حيث تشمل الصفقات التفاوضية، طلب العروض، الصفقات الإطار، الصفقات المحصصة، الصفقات بالأقساط الاشتراطية، والصفقات بتصور وإنجاز. كما حدد معايير دقيقة لتقييم العروض، سواء على أساس معيار الثمن (الأقل تكلفة أو الأكثر جدوى)، أو على أساس طبيعة الموضوع (التوريدات، الأشغال، الخدمات، الدراسات).

وأشار أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق- طنجة، إلى أن من بين أبرز المستجدات التي حملها المرسوم الجديد إدخال آليات رقمية حديثة في تدبير الصفقات العمومية، حيث تم اعتماد الإيداع الإلكتروني وتحديد تاريخ الإيداع وفتح الأظرفة إلكترونيا، إلى جانب اعتماد الملف التقني الإلكتروني. واعتبر أن هذه الإجراءات تهدف إلى تسهيل الولوج إلى الطلبيات العمومية وضمان المنافسة العادلة وتسريع تنفيذ المشاريع.

كما أكد أن المشرع وضع رهن إشارة المشتري العمومي مجموعة من أدوات المراقبة الداخلية والخارجية، بهدف تعزيز آليات التتبع والتقييم وضمان حسن تنفيذ الصفقات وفق معايير النزاهة.

وأبرز مؤطر اللقاء التكويني أن المرسوم الجديد أدخل تعديلات تتماشى مع التوجهات الحديثة في مجال التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية، حيث تم إدراج معايير بيئية واجتماعية في تنفيذ الصفقات العمومية، من خلال تشجيع اعتماد مواد صديقة للبيئة في الأشغال والتوريدات، واعتماد معايير تحفز على توظيف الفئات الهشة والمقاولات النسائية والصغرى والمتوسطة.

وفي ختام مداخلته، اعتبر الشدادي أن المرسوم الجديد يشكل خطوة متقدمة نحو تحقيق حكامة أكثر نجاعة في تدبير المال العام، وتحسين جودة الخدمات العمومية والبنيات التحتية، وتعزيز جاذبية الاستثمار عبر إرساء قواعد شفافة ومتكاملة لتنظيم الطلبيات العمومية.

كما أكد أن التحول الرقمي يشكل ركيزة أساسية في هذا الإصلاح الجديد، من خلال اعتماد منصات إلكترونية متكاملة لتدبير الصفقات العمومية، مما سيمكن من تقليص آجال التنفيذ، وتخفيض التكاليف، وضمان منافسة أكثر عدالة بين الفاعلين الاقتصاديين.

وشهد اللقاء التكويني، حضورا مميزا لمجموعة من الأساتذة والطلبة، والأطباء، والمنتخبين، والمحامين، والمقاولين، ومناضلات ومناضلي حزب الأصالة والمعاصرة.

مراد بنعلي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.