رسالة من مناضل بامي إلى عموم الديمقراطيين: عن فاطمة الزهراء المنصوري التي أعرف.

0 437

يبدو بشكل أكيد أن لعبة الحقيقة، أصبحت آلة ضخمة لتشكيل الآراء، التصورات و تضمين الأشياء و الأحداث؛ معاني محددة و تحت الطلب أيضا، فالاشتغال على البناء النفسي للإنسان يجعل انحيازه التام مقرونا برفض “القوة” حتى لو لم تكن تجبرا، نفوذا… بل مجرد حضور فارق واستثنائي في وجدان وذاكرة الناس . استعدت هذه المفارقة الملغزة و أنا أتابع ” جنود دونكيشوط ” يشهرون سيوفهم الخشبية في وجه الرفيقة و الأخت فاطمة الزهراء المنصوري، فيتحدثون عن : التسلط، الهيمنة، النفوذ وقد يؤول بهم الأمر إلى “حطبة ليل” لا يفرقون بين ما يجمعون، حيث يجتهدون بشكل لافت ومنظم لنسج سردية “اللوفياثان البامي الأزرق” الذي وصفه توماس هوبز (1588- 1679)، اللوفياثان الذي يريد التهام كل شيء لوحده. في لحظة صفاء سخية، عادت بي ذاكرتي إلى فاطمة الزهراء التي أعرف منذ زمن التأسيس، منذ زمن العهود… فاطمة التي لم تغير دربا ولا قلبا، وظلت صامدة في أحلك الفترات، تلك السيدة التي نأت بنفسها حين كان الأمر ضروريا و استلمت زمام الأمور حين كان الأمر أكثر ضرورة، فكانت المرأة التي وحدتنا و خاطبت فينا شيئا خاصا، لقد منحتنا الثقة في زمن الشكوك و الانكسارات و رفعت الحرج وسط سياقات متقلبة.

إن شروط اللعبة،تقترح علينا أن نبحث عن “الفاعلين” الذي يحركون التساؤل و يفرضون أنفسهم على الفهم و يختارون مواعيدهم بدقة، فقبل ذلك تحدثوا عن “التيارات” التي تأكل البام ثم أذابوها و صارت الأخت فاطمة تملك مفاتيح الحزب و تطرد من تشاء!!! ثم تحدثوا عن عدم تجانس داخل المكتب السياسي، الذي يجعلونه اليوم كما جعلوه سابقا مؤسسة صورية فقط، على نفس الرأي و المذهب…فأنى لكم تستريحون؟ لأنني أعتقد أن الأمر أشبه بمكابدة الكذب و هي حالة يتماهى فيها الكاذب مع خيالاته، كمن ينظر للعصا كحصان، ثم يمتطيها. ذلك هو الكذب، أم الشناعات و ممارسة متعبة، عليك البحث عن أكاذيب جديدة كل يوم و عن قصص حصرية، تستريح لها آذان من لا يتقاسمون معنا حلم المغرب الممكن والضروري و يريدوننا حزبا محطما ولو اقتضى الأمر في ذلك، إعلان معركة “الانحلال الأخلاقي” و التنصل من كل حياء، حيث يتم النبش في الحياة الخاصة للناس و استغلالها بشكل مدلس، كأن يتم اتهام سيدة بأنها زوجة رجل أعمال، له نزاعاته كأي مواطن مغربي و نبني له صك اتهام لا ينسجم مع مغرب بداية الألفية، حيث الكل سواء أمام القانون، فالملفات المطروحة على القضاء، تهم المواطن، الفلاح، السياسي، الطبيب و كذلك المسؤول و”الخيالات” والأقلام الموجهة تحاول أن تصور لنا مغربا آخر، غير موجود في الواقع، كأن الأمر يتعلق بكارتيل كولومبي أو مكسيكي، لأن القصة في نهاية المطاف ليست سوى إنتاج سينمائي، كلف أصحابه الكثير من الجهد لأنه لن يبلغ مقاصده أبدا، فالمرأة التي ساهمت في أحد أهم المشاريع السياسية داخل المغرب الحديث و التحمت بالشارع حين أفرغه اليائسون، هذه المرأة الصلبة لن تنال منها المهاترات الفارغة أبدا.

يظهر جليا أننا اكتسبنا مناعة كافية للوقوف في وجه مثل هذه “الزوابع” الصغيرة و التي لن تتوقف، حيث مهما كان حجمها، ستظهر لنا دوما ضآلتها، لأننا اخترنا هذا الطريق بملئ إرادتنا و بكل تصميم على “التكاتف المبدئي” الذي لم تبلغه مدارك البعض، فأولته أفهامهم ك”رمزنة” أو “تقديس”، حيث أن بلاغات الهيئات و القطاعات التابعة للحزب، تناسلت بسرعة و دون تنسيق، لتشجب هذه ” الحرب المموهة”، لأنهم جميعا عرفوا فاطمة و أدركوا أن من يريد الإيقاع بهذه السيدة، يستهدف المشروع برمته و يسعى لإضعافه في الوقت الذي تلمس فيه الناس ضوء التغيير.

أكتب رسالتي إلى عموم الديمقراطيين ببلادنا، إلى الذين يقفون في وجه تسخيف الحياة السياسية و توجيهها بعيدا عن القضايا الحقيقية ببلادنا وبعيدا عن دخول سياسي مهم، إلى أولئك الذين يعني لهم “الشرف” شيئا و لا ينصبون المحاكمات للناس بناء على “الادعاءات” و ” المزاعم ” الوهمية، أكتب لكم شهادتي عن ستة عشر سنة، عرفت خلالها فاطمة الزهراء المنصوري و أنا شاب قادم من أقصى الرحامنة، تدرجت خلالها في كل هياكل هذا الحزب الذي يصفونه بالتحكم و قد أوصلني إيماني بهذا المشروع إلى “مكتبه السياسي” وواحد من قياداته دون تحكم ولا توسط ولا تدخل بنفس حظوظ إخوتي و أخواتي المناضلين و المناضلات، القادمين من قرى ومداشر و مدن هذا الوطن العزيز، حيث كانت سيدة البام الأولى، طوق وفاء ناعم، مخلصة و صادقة إلى الأبد .

ذ.جمال مكماني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.