سنة دون المعرض الدولي للنشر والكتاب.. حين يطغى وجع الفقد
عام دون المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، كأنه “أسبوع بدون جمعة”، انصرم شهر فبراير دون أن تحتفي المدينة بالكتاب وعشاقه، الجائحة كسرت الزمن الثقافي، وخلقت في جداره هوة لن يشعر بعمقها إلا من اعتاد زيارتها خلال إقامة عرسها الثقافي.
اعتادت المدنية كل سنة، منذ أن أصبح المعرض موعدا سنويا قارا، أن تشهد على مدى أسبوعين جلبة وحركة غير اعتيادية تشمل كل فضاءاتها الثقافية والفندقية والتجارية، بل هي دينامية تشمل منظومة كاملة من الخدمات، لاستقبالها أعدادا مهمة من الزوار والعارضين المغاربة والأجانب، فضلا عن ساكنتها التي تحج إلى هذا المزار من مختلف الفئات والأعمار.
الكل افتقد دورة هذه السنة التي ألغيت بفعل تداعيات الجائحة تحت مسمى التأجيل، كما ألغيت غيرها من الأنشطة الثقافية والفنية، لتجعل من سنة المدينة سنة كبيسة دون بهجة الإبداع، غير أن وقع المعرض كان أكبر.
فالحدث استثنائي بكل المقايسس، ويحظى بمتابعة غير عادية، من مواطنين وعارضين وناشرين ومثقفين وطلبة، وحتى التلاميذ الصغار الذين كانوا ينتظرونه بشغف، يرون فيه فرصتهم لتعانق أناملهم الصغيرة أبطال قصصهم المفضلة ضمن فضاء اعتاد أن يجيد استقبالهم بحفاوة كبيرة.
“صعب على بلد مثل المغرب اقتصاد النشر والكتاب فيه هش ضعيف أن يستغني عن محطة معرض الدار البيضاء الدولي للنشر والكتاب، ببساطة لأن هذا المعرض يلعب دورا محوريا في إنعاش اقتصاد الكتاب المغربي”، هكذا علق الكاتب والأديب ياسين عدنان على عدم تنظيم دورة السنة من المعرض.
وأضاف عدنان، الذي اعتاد عليه زوار المعرض كوجه من الوجوه التي تبصم عن حضور قوي ضمن فعاليات المعرض تنشيطا ومشاركة، “لنبدأ بالدخول الثقافي والأدبي، والذي اعتدنا أن يتأجل إلى حين شهر فبراير لأننا اقتنعنا تماما في السنوات الأخيرة بأن المعرض صار يشكل الدخول الفعلي بالنسبة للساحة الثقافية المغربية. إنه دخول ثقافي رسمي وفعلي. كما أنه حج ثقافي نشيط يؤمه أصدقاء الكتاب من مختلف المدن المغربية”.
وبرأي صاحب هوت ماروك “فإن ضعف آليات توزيع الكتاب لدينا، وانكماش غالبية المكتبات المغربية وتقاعسها عن متابعة الساحة الأدبية والفكرية، كرست المعرض فرصة تجارية أساسية بالنسبة للناشرين لضمان البيع والترويج المباشرين لكتبهم. لذا فالخسارة التجارية فادحة هذه السنة”.
وكمشتغل في مجال الإعلام الثقافي والصحافة الأدبية، يؤكد هذا الكاتب أن “معرض الكتاب شكل على الدوام فرصة ممتازة بالنسبة للزملاء الصحافيين لما يوفره لهم المعرض بإصداراته وضيوفه وندواته من مادة دسمة، فتتواصل تغطياتهم للندوات والإصدارات وحواراتهم مع مؤلفيها لمدة شهور بعد انقضاء المعرض”.
“لهذا نحس اليوم كما لو أن الموسم الثقافي المغربي قد صودر منا هذه السنة، وكل المبادرات التي تقوم بها بعض الأطراف من ناشرين وجمعيات هي محاولة لمقاومة هذا الفراغ، وإلا فلا حدث قادر على تحريك المشهد الثقافي الوطني وبعث الروح فيه مثل معرض الدار البيضاء الدولي للنشر والكتاب التي وضعتنا الجائحة مع الأسف أمام خيار تأجيله. تأجيل من المؤكد أنه قد تكرس باعتباره إلغاء هذه المرة مع الأسف”.
ومع بقلم..نزهة بولندا