نفق تيشكا وسؤال العدالة المجالية ..

0 1٬386

* أنيس ابن القاضي

في بداية كل فصل شتاء تسابق وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، الزمن الشتوي بمناطق الجنوب الشرقي، من أجل در الرماد في عيون فقراء المغرب المنسي ببرامج جد محتشمة وتشكيل لجان مشتركة بين مختلف القطاعات ، للتدخل خلال فترة تساقط الثلوج لتيسير انسيابية المرور ، وفك العزلة عن المداشر، في ظل غياب مقاربة تنموية شاملة ، ذات أبعاد تراعي كل جوانب الحياة المعيشية لساكنة هذه المناطق التي تعاني في صمت، وتترقب أفقا تنمويا إسوة بباقي أقطار الوطن .

إن خلق منافذ ومحاور طرقية ، تربط جهة درعة تافيلالت بوسط البلاد ، سيشكل شرايبن أساسية نحو اقلاع تنموي بالمنطقة، غير أن الوزارة الوصية تلجأ إلى أسلوب الترقيع والهروب من الإجابة الصريحة لانتشال هذه الجهة من العزلة ، كمدخل أساسي لبناء تعاقد تنموي جديد. وفي هذا الصدد دعى ملك البلاد في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى العشرين لتوليه العرش إلى ضرورة الانكباب على صياغة نموذج تنموي يتخذ له كمنطلق العمل على تكريس العدالة المجالية والاجتماعية.

يعد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ، لب العدالة الإجتماعية والمجالية وعمودها، وهذا المبدأ لازال بحق تعتريه مجموعة من النواقص ولا أدل على ذلك الفوارق القائمة وغير المقبولة سواء منها الاقتصادية أو الإجتماعية أو غيرهما.

ولعل العارف بدروب وشعاب وجبال الجنوب الشرقي يكشف حجم التناقض الصارخ في الولوج للجهة، وإذا أخدنا المحور الطرقي الرابط بين ورزازات ومراكش عبر منعرجات الموت تيشكا والتي لاتزال شاهدة على حوادث وكوارت، جروحها لم تندمل إلى الأبد .

والغريب أن هذا المحور الطرقي يعرف يوميا حركية ، كبيرة لوسائل النقل المخصصة للبضائع والمسافرين والسياح ، في ظل أشغال لا نعرف متى ستنتهي .

لكن خلال فترة الأمطار وتساقط الثلوج تصبح هذه المناطق شبه معزولة ، وانقطاع الطريق ، ويجد سائقو الحافلات والسيارات صعوبة في عبور منعرجات “تيزي ن تيشكا”، لمّا تشهد المنطقة تساقطات ثلجية كثيفة، بحيث تؤدي إلى عرقلة المرور طيلة ساعات من الزمن، وقد يتطور الأمر إلى حدوث حوادث مميتة، نتيجة الانهيارات الصخرية التي تقع بين الفينة والأخرى.

نفق تيشكا مشروع حبيس الرفوف ؛ تتعدد الروايات والتحليلات حول الأسباب الحقيقية، لاخراج مشروع نفق تيشكا إلى حيز الوجود، إلا أن خروج الوزير بين الفينة والأخرى ، وحديثه عن الدراسات التقنية والجيوفزيائية لهذا الورش. والتكلفة المالية الممكنة لتغطية كل مراحل الانجاز يضعنا في ريب لا نعرف مغزاه الحقيقي . والواقع الخفي وغير المعلن أن أي قرار بهذا الخصوص، سيجعل المعطى السياحي بمراكش في مواجهة الوجهات السياحية بكل من ورزازات وتنغير وزاكورة . وتصبح مدينة مراكش منطقة عبور فقط . والمسثتمرين في القطاع بهذه المدينة سيشكلون ضغطا قويا على الوزارة .

هي إذن طريق منسية شأنها شأن الدواوير المحيطة بها منذ أن شق المستعمر تلك الطريق التي أصبحت فيما بعد وطنية وتحمل الرقم 9، تهم أساسا إقليمي زاكورة ووارزازات جزء من الوطن المهمش والمفقر الذي كرس فيه المسؤولون على هذا البلد؛ مقولة المستعمر بأنه مغرب غير نافع، هي أقطار تشكل عند العارفين مغربا عميقا لكن ومع شديد الأسف جلها لا تربطها بهذه الحكومة سوى قاعدة انتخابية فقط ، ولاشيء آخر غير حب الوطن، هي هوامش قطار التنمية فيها متوقفة وهذا ما تخبرك به جدرانها وهياكل منشآتها وأرضها كلما زرتها ولو بعد عقود من الزمن.

وفي الأخير فان انجاز نفق تيشكا ، يعتبر مدخلا أساسيا نحو التنمية بمختلف مناطق الجنوب الشرقي، وتشجيع الاسثتمار وضمان نسبة نمو اقتصادي مهمة لما تزخر به هذه الجهة من مؤهلات طبيعية وتاريخية تشكل حجر الزاوية في صياغة النمودج التنموي للبلاد،في اطار ترسيخ الجهوية المتقدمة، انطلاقا من البعد المجالي والعدالة المجالية كباقي جهات الوطن .

*المنسق الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة
لجهة درعة تافيلالت.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.